سنوات ولا تعلم هل هو على قيد الحياة أم معتقل أو وافته المنية

منذ سنوات لم تكفّ صباح خليل عن البحث عن ولدها فياض حمادي الذي كان يبلغ من العمر 16 عاماً، عندما فُقد أثره في ظروف غامضة في مدينة الرقة. ولا تزال تجهل ما إذا كان على قيد الحياة أم معتقلاً أو قد وافته المنية؟

سنوات ولا تعلم هل هو على قيد الحياة أم معتقل أو وافته المنية
30 آب 2024   08:30
رقة
خالد عته- محمد خليل

تشاهد صباح خليل إسماعيل، البالغة من العمر 38 عاماً، من حارة البدو في مدينة الرقة، كل صباح ملامح ولدها الذي فُقد أثره في 4 شباط 2017، أثناء سيطرة مرتزقة داعش على المدينة. وتردد قائلة: 'كان يملك سيارة، وكان يعمل عليها أحياناً من أجل تأمين قوتنا قبل أن يُفقد أثره في 4 شباط 2017 أثناء ذهابه إلى مدينة الرقة".

ما هو الاختفاء القسري؟

يوافق اليوم العالمي للمفقودين أو المختفين قسراً يوم 30 آب من كل عام، للفت الانتباه إلى حالات الاختفاء القسري على الأفراد وأسرهم والمجتمعات.

وتعرّض عشرات الآلاف من الرجال والنساء والأطفال السوريين للاختفاء القسري أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أمسوا في عداد المفقودين، على أيدي حكومة دمشق والمرتزقة منذ بدء الأزمة عام 2011.

المختفون أو المفقودون هم الأشخاص الذين تم اختطافهم أو اعتقالهم أو احتجازهم ضد إرادتهم، وحرمانهم من حريتهم من قبل الحكومة أو الجماعات المسلحة دون تقديم أي معلومات عن مكانهم أو مصيرهم وسجنهم دون محاكمة، وفي ظروف أخرى، قد يتم قتلهم وإخفاء جثثهم.

وفي 29 حزيران 2023، تشكلت اللجنة الدولية لشؤون المفقودين الخاصة بسوريا، والذي يعتقد أن عدد المفقودين فيها أكثر من 100 ألف شخص.

البحث في الشوارع دون جدوى

بعد فقدان أثر ناصر فياض حمادي مواليد 2001، ورغم نشوب اشتباكات قوية بين قوات سوريا الديمقراطية ومرتزقة داعش في تلك الفترة، خرجت والدته صباح للبحث عنه بشكل مستمر في شوارع وأحياء المدينة، دون جدوى، وأوضحت: "رغم وجود الحرب في ذلك الوقت، كانت رحلتي للبحث عنه مستمرة في الشوارع والأحياء دون جدوى. كانت داعش تقتل المدنيين وتستخدمهم دروعاً بشرية في تلك الفترة".

واستمرت رحلة صباح بعد تحرير المدينة من قبل قوات سوريا الديمقراطية في البحث عن نجلها، وأشارت قائلةً: "أنا والكثير من الأمهات والزوجات اللواتي تشابهت قصصهن مع قصتي، راجعنا المؤسسات المعنية والسجون التي تركها داعش خلفها، لكن دون جدوى أيضاً".

تسأل الأم المفجوعة: "سنوات ولا أعلم أين ابني؟، هل هو معتقل وحي أم في القبور الجماعية؟" وتناشد المؤسسات المعنية المحلية والدولية أن تساعدها.

ملف شائك ومعقد

خالد عمر الناطق باسم اللجنة المعنية بالمفقودين في شمال وشرق سوريا، وصف ملف المفقودين السوريين "بالشائك والمعقد"، وقال: "تكمن الصعوبات والتحديات في أن أغلب المفقودين إما معتقلون لدى الدولة السورية أو تنظيم داعش الإرهابي، أو تم اختطافهم من قبل الدولة التركية ونقلهم إلى أراضيها".

في شمال وشرق سوريا، يتم حالياً تؤثيق حالات المفقودين والمختفيين قسرياً من خلال لقاءات مع ذويهم في مراكز اللجنة الخمسة المنتشرة في إقليم شمال وشرق سوريا، وبلغ عدد الحالات الموثقة 800 حالة حتى الآن.

وأوضح خالد عمر: "تشكلت لجنتنا بناءً على القرار الأممي الخاص بالمفقودين السوريين، وتعمل اللجنة حالياً على توثيق الأشخاص المفقودين من المنطقة، الذين فقدوا في المناطق الأخرى من سوريا، أو في الخارج، كما توثق ملفات المفقودين السوررين الذين فقدوا في إقليم شمال وشرق سوريا".

وحول نتائج عمل اللجنة الدولية ولجنتهم أوضح عمر: "الملف معقد وشائك ويتطلب وقتاً طويلاً وجهوداً جبارة والجهود المحلية غير كافية، ونحن بحاجة إلى دعم دولي، لدينا تواصل مع اللجنة الدولية، وعملها أيضاً مازال نظرياً ولا توجد لديها خطوات عملية بسبب طبيعة الروتين التي لديها وعدم تعيين رئيس للجنة حتى الآن".

يرى عمر أن أعداد المفقودين ضخمة ولا توجد إحصائية رسمية بذلك، وقال: "ما يؤكد ذلك أن مدينة منبج يوجد فيها أكثر 5 آلاف مختطف".

استمرار الأزمة وتعنت دمشق يعيق العمل

وتعدّ المقابر الجماعية من إحدى النقاط الشائكة في ملف المفقودين، وأوضح عمر بصددها: "الكثير من المفقودين هم ضحايا لتنظيمات إرهابية كداعش والأخرى التي كانت موجودة على الجغرافية السورية، هؤلاء مجهولو الهوية، نتعاون الآن مع المركز السوري للعدالة والمساءلة، وهي بدورها تتعاون مع فريق غواتيمالا للطب الشرعي، وعبر هذه التعاونات نهدف إلى فتح مختبرات جنائية لتحليل الحمض النووي لهؤلاء الضحايا وكشف هويتهم".

وأشار خالد عمر إلى أن الظروف السائدة في سوريا من عدم الاستقرار وفقدان الأمن والصراعات السياسية.. تعيق التقدم في هذا الملف، ونوه أنّ: "ملف المفقودين هو ملف إنساني وحقوقي يحتاج العمل فيه إلى ظروف مستقرة سياسية وعسكرية ودعم من السلطات الموجودة، وللأسف الدولة السورية لا تعترف بوجود مفقودين، وهذا يعيق أي خطوات جديدة في الملف. لذلك نناشد جميع الأطراف للتعاون لكشف مصير المفقودين وعزل هذا الملف الإنساني عن الصراعات السياسية".

(أ ب)

ANHA