بدأ التحرك العسكري الروسي في أوكرانيا، يأخذ مساراً تصعيدياً خطراً، حيث بدأت موسكو بنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، كما خرجت من معاهدة الحد من نشر الأسلحة التقليدية في أوروبا، وذلك بالتزامن مع مواصلة الولايات المتحدة والغرب إرسال أطنان من الأسلحة الحديثة إلى أوكرانيا، فهل من الممكن أن تستخدم روسيا أسلحة نووية وإلى أين يمكن أن يتجه الصراع بين روسيا والغرب؟
يعتقد الأكاديمي المصري وأستاذ الاتصال السياسي حسام فاروق، بخصوص لجوء روسيا إلى استخدام الأسلحة النووية التكتيكية، بأن "هناك حالتين لا ثالث لهما، الأولى؛ هي أن تمد الولايات المتحدة والدول الأوروبية أوكرانيا بالسلاح النووي، وفي هذه الحالة لن تتردد روسيا في استخدام السلاح النووي، وستكون العواقب وخيمة على المنطقة والعالم".
والحالة الثانية، هي أن تمد الولايات المتحدة والغرب أوكرانيا، بأسلحة تقليدية ترى روسيا فيه أنه يهدد وجودها، ولذلك فإنها لن تتردد في استخدام السلاح النووي، وهو ما لوّح به نائب رئيس مجلس الأمن الروسي ديمتري ميدفيديف أكثر من مرة.
ويلفت الأكاديمي المصري حسام فاروق إلى أن روسيا نقلت أسلحة نووية تكتيكية إلى أراضي بيلاروسيا، بناءً على إعلان من الرئيس الروسي في 25 آذار الماضي، وفي نيسان الماضي، قامت بتدريب العسكريين البيلاروس على استخدام الأسلحة النووية، وفي أيار المنصرم، أعلنت أن هناك 10 طائرات مجهزة لحمل هذا النووي ضمن الجيش البيلاروسي.
ويعتقد فاروق بأن السلاح النووي التكتيكي ربما يكون ضالة روسيا المنشودة في الأراضي الأوكرانية، على اعتبار أن له مميزات معينة، على نطاق الهدف، فهو ليس بعيد المدى وهو في نطاق 500 كم بري، 600 كم بحري وجوي، وهو سلاح يستهدف نقطة محددة ولا يضر بالمناطق المحيطة.
ويرجّح فاروق أن "تلجأ روسيا إلى السلاح النووي التكتيكي؛ لأن الحرب في أوكرانيا تسير على عكس ما خططت له، وقد تطول وتطول أو قد تستمر لعقود، والحرب في باخموت أكبر دليل على ذلك".
ويرى حسام فاروق أن المعضلة في الحرب الأوكرانية هي "استمرار الناتو والغرب في تسليح أوكرانيا، واستمرار روسيا في منهجها الذي لا تراجع فيه مطلقاً"، لافتاً إلى أن "الحرب هي حرب وجود، وأن الناتو والغرب يهددون وجودها في الحديقة الخلفية لروسيا والاتحاد السوفييتي السابق".
وتحدث الأكاديمي المصري حسام فاروق لوكالتنا، بأن مسؤولاً أميركياً تحدث عن استحالة إعادة أوكرانيا للأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ شباط 2022، ويرى "بداية التفكير على أن هذه الحرب تسير في صالح روسيا، ولكنها تسير ببطء شديد، أيضاً أبدت روسيا مخاوفها أكثر من مرة قبل أن تستولي على شبه جزيرة القرم، من توغل الناتو في الأراضي المجاورة لروسيا".
ويعتقد حسام فاروق أن "هذه الحرب حتى وإن توقفت، فستتوقف على ما آلت إليه، بمعنى أنه لن تسترد أوكرانيا ما انتزعته منها روسيا، ربما تكتفي أوكرانيا بالسلم، بمعنى أنها ستحفظ مواطنيها وأراضيها إلى هذا الحد، طالما أن هناك إمداد من الغرب ومن الولايات المتحدة، فإن روسيا لن تتراجع بالمرة، وتعتبرها حرب وجود، حيث يجيش الرئيس الروسي المد القومي السوفييتي السابق ويرى أن انهيار الاتحاد السوفييتي كان خطأ كبيراً وخطيئة لا تغتفر".
أما الأستاذ المشارك للدراسات الشرق أوسطية في جامعة شانشي الصينية سيفان سعيد، فيعتقد بأن "الحرب الروسية هي حرب ضد الهيمنة الغربية، وقد تكون أطول مما يظن الكثير من الباحثين والسياسيين الغربية، وسياق الحرب لن يكون محصوراً على أوكرانيا فقط".
ويعتبر سعيد أنه "منذ عام 1991 ومنذ انهيار الاتحاد السوفييتي؛ لم نشاهد نشر القوات والأسلحة النووية خارج حدود الروس الحالي"، وهو الأمر الذي يرى فيه الباحث في جامعة إكستر في المملكة المتحدة سيفان سعيد أن "روسيا تفهم حجم خطر الهيمنة الغربية عليها". مضيفاً "إننا نتفهم بأن بلداً كبيلاروسيا، من حيث الحكم والنظام، له كل الدعم لروسيا منذ اليوم الأول من الحرب، ولكن نشر القوات والأسلحة الروسية داخل بلاروسيا كان بمثابة فتح جبهة جديدة باتجاه بولونيا ولاتيفيا وليتوانيا كثلاثة بلدان أعضاء في الاتحاد الأوروبي والناتو، من حدودها الغربي.
ويرى سيفان سعيد أن روسيا قد بدأت بالفعل بترسيم حدودها السياسية والعسكرية الجديدة، بمساعدة صينية، كما بدأت بتحدي الغرب على كافة الصعد، السياسية والعسكرية والاقتصادية.
الدكتور حسام فاروق: أكاديمي مصري وأستاذ الاتصال السياسي ومدير تحرير في جريدة الجمهورية.
الدكتور سيفان سعيد: أستاذ مشارك للدراسات الشرق أوسطية في جامعة شانشي الصينية، وباحت في جامعة إكستر في المملكة المتحدة.
(ل م)
ANHA