في ذكرى إبادة الأرمن.. الكردستانيون لا يزالون يواجهون مذابح مماثلة أمام وحشية تركيا

كانت بداية القرن العشرين مأساوية بالنسبة للشعب الأرمني، حيث قتل العثمانيون مئات الآلاف منهم دون أي رادع، فيما تشكل بداية القرن الواحد والعشرين إبادة مماثلة ممتدة منذ عقود، تواجه الكردستانيين أينما وجدوا وتسيّرها الدولة التركية المبنية على أساس الإبادة ضد الشعوب الأخرى.

في ذكرى إبادة الأرمن.. الكردستانيون لا يزالون يواجهون مذابح مماثلة أمام وحشية تركيا
24 نيسان 2024   05:01
مركز الأخبار

شهد القرن العشرين أول إبادةٍ جماعية لمئات الآلاف من الأرمن في الأراضي الكردستانية والأناضول على يد العثمانيين الذين شككوا في وقوف الأرمن إلى جانب روسيا خلال الحرب العالمية الأولى 1914- 1918.

اعتبرت عملية إبادة الأرمن واحدة من أبشع الجرائم على مر التاريخ، حيث رحّل العثمانيون عبر مسيرات شاقة بدءاً من عام 1914 ما يقارب مليوني أرمني إلى البادية السورية، إذ شهد الأرمنيون فظائع تمثلت بعمليات قتلٍ ممنهجة وتعرض غالبيتهم للتعذيب الجسدي، فيما لم تسلم غالبية النساء من العنف الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي اتخذت من الفتاوى الصادرة من الشيوخ مرجعاً لهم والذين حثوا على قتل الأرمن أينما وجدوا لأنهم "كفرة"، وكان ذلك جزءاً من المخطط العثماني للقضاء التام على الوجود الأرمني في البلاد، سبقها إعدام النخب المثقفة والسياسية والتجار في اسطنبول.

لم يجد العثمانيون أيّ رادع عقب قتل ما يقارب مليون أرمني في عملية الإبادة وهم السكان الأصليون على مدى قرون في المنطقة الواقعة شمال شرق البلاد، إذ لم يرَ الأرمنيون ما يعزيهم أو من يقف إلى جانبهم آنذاك.

أعقبت المذبحة بأعوام؛ تأسيس وإعلان الدولة التركية وسط سيلٍ من الدماء وعلى جماجم جزء من المجتمع في منطقة الأناضول وتركيا، حيث لم يسلم الكرد أيضاً إلى جانب الأرمن وخاصة الذين رفضوا حصر نسيجٍ اجتماعي في دولة اسمها تركيا.

ثقافة الدولة التركية المبنيّة أساساً على إنكار ومحو ثقافات الشعوب الأخرى، وهي ثقافة موروثة من تاريخ السلطنة العثمانية، فُرضت على الشعوب الكردستانية التي رفضت الاضطهاد والظلم خلال القرنين العشرين والحادي والعشرين.

حملة إبادة الكرد في شمال كردستان

مجزرة زيلان

بتاريخ 13 تموز عام 1930، أُحرقت 44 قرية في وادي زيلان في ناحية إرديش في وان، واستشهد أكثر من 50 ألف شخص، ومن القرى التي أحرقت "حسن آبدال، ودولوجا، وشاه بازار، ودوغانجي، وتندورك، وجاكير بي، ويلانلك، وهارهوس، وبابازنك، وكومور، وشور، وشورك، ومورشت، ومسجتله، وكاراكلس، وكوندوك، وزورافا، وآريوتين، وهالاكوي، وكوشكوبرو، وكوروجم، ومولك، ويكمال، وكلسه، وكوسك، وآشاجي بارتاش، ويوكاري بارتاش، وبنيسي، بونيزي، وبلخلو، وكرخ، وسوغوتلو، وميجار، وكاردوغان، وكيلي، وهوستكار، وسوفاركوي، وكزلكلسه، وزيارة، وهراشن، وكومك، وشيتان آفا، وبرهان ويوكاري كوشكوبرو"، كما تم نفي الأشخاص الذين نجوا من الإبادة الجماعية، واستولوا على ممتلكاتهم ومنازلهم.

مجزرة ديرسم

وفي الأعوام 1938-1937 ارتكبت مجزرة بحق الكرد في ديرسم بشمال كردستان والتي لم يسبق لها مثيل، وبحسب البيانات الرسمية للدولة آنذاك فإن 13160 شخصاً استشهدوا في مجزرة ديرسم، كما تم ترحيل 11818 شخصاً إلى المدن التركية، لكن بحسب مصادر محلية، استشهد في هذه المجزرة 70 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال.

وخلال المجزرة، تم نفي عشرات الآلاف من أهالي ديرسم واختُطف أطفالهم. وفي الواقع، ولم يتمكن السكان من معرفة مصير أطفالهم الفارين والمخطوفين. ولم يتم تلقي أي معلومات على الإطلاق من الفتيات المفقودات.

مجزرة زين كديكي

وفي 6 آب عام 1938 في قرية جبلية أمام منذر في إرزنجان، تم جمع 95 قروياً من سورباهان والقرى المحيطة بها وقتلهم رمياً بالرصاص في زين كديكي، وترْك جثامينهم دون دفن لتتحلل في الجبال. ومنع الذهاب الى منطقة زين كديكي لفترة طويلة. كما اضطرت بقية العائلات إلى إخلاء قراهم، وتم ترحيل القرويين إلى بالِق أسير وأدرنة والعديد من المدن التركية الأخرى.

حادثة 33 طلقة

في عام 1943، استشهد 33 شخصاً في ناحية قلقلي بمنطقة وان بأمر من قائد الجيش التركي الثالث اللواء مصطفى مُغلالي، وكانت هذه الحادثة من أكبر حالات القتل خارج نطاق القضاء في تاريخ الجمهورية.

مجزرة مرعش

وفي هجمات مرعش عام 1976، استشهد بحسب البيانات الرسمية 111 شخصاً، وبحسب بيانات غير رسمية استشهد أكثر من 500 شخص، وأصيب مئات الأشخاص، ودمر 210 منازل و70 مصنعاً.

مجزرة لجي

وفي 22 تشرين الأول عام 1993، استشهد 16 شخصاً في ناحية لجي في آمد، وأُجبر مئات الأشخاص على الهجرة واحترق نحو 800 منزل ومصنع.

مجزرة كفر

وفي عام 1994، تعرضت قريتي كفر وبيسوك للقصف من قبل طائرات الاحتلال التركي في ناحية قلابان التابعة لمدينة شرناخ، وأدى القصف إلى استشهاد 38 شخصاً وإصابة 41 آخرين.

مجزرة باسا

وفي 15 كانون الثاني 1996، أطلق جنود الاحتلال النار على حافلة صغيرة في ناحية باسا التابعة لمدينة شرناخ وقتلوا 11 قروياً ثم أحرقوها.

مجزرة روبوسكي

وفي قرية روبوسكي التابعة لناحية قلابان التابعة لشرناخ، استشهد 34 شخصاً جراء قصف الطائرات الحربية التركية الفاشية، وكان من بين الشهداء 17 طفلاً.

مجزرة جزير وسور ونصيبين وكفر

24 تموز عام 2015، بدأت الدولة التركية هجوماً؛ استهدف أكثر من 15 مدينة في باكور( شمال كردستان)، كانت لهذه المدن الفضل الأكبر في إلحاق الهزيمة بداعش في المعركة التاريخية في كوباني، إذ انتفضت هذه المدن في شمال كردستان حتى أن شبانها حاربوا في كوباني ضد داعش، ما أثار غضب دولة الاحتلال التركي؛ نتيجة فشل مخططها في سوريا تحت عباءة داعش، ودمرت دولة بالاحتلال تلك المدن بشكلٍ كبير في ثاني أعنف معركةٍ ضد المدنيين الكرد، بعد إحراق 4000 قرية في التسعينيات من القرن الماضي، وتهجير مئات الآلاف من السكان الكرد من ديارهم.

مجزرة برسوس

بتاريخ 20 تموز عام 2015، نظّم 300 عضو من اتحاد الجمعيات الشبابية الاشتراكية فعالية بعنوان "معاً دافعنا عن كوباني معاً سنعيد إعمارها"، وذلك في مركز بلدة برسوس التابعة لولاية رها (أورفا) الكردستانية، حيث جمعوا ألعاباً لأطفال مدينة كوباني ممن هجّروا من بيوتهم مع ذويهم وأقاموا في برسوس، في أعقاب معركة كوباني التي هزمت فيها داعش.

في الوقت الذي أدلى فيه المشاركون ببيان للرأي العام؛ هاجم انتحاريٌ داعشي يحمل حزاماً ناسفاً التجمّع، وفجّر نفسه قبل أن تمتلئ الحديقة بجثث متناثرة هنا وهناك، حيث راح ضحية الهجوم 33 ناشطاً وناشطة وجرح 104 آخرون من المكونيّن التركي والكردي.

جاءت المجزرة عقب أسابيع من مجزرة كوباني التي ارتكبتها داعش بدعمٍ تركيٍ مباشر، وبعد 6 أشهر من تحرير مدينة كوباني حيث انهيار الآمال التركية مع هزيمة داعش.

الإبادة التركية ضد مجتمع إقليم شمال وشرق سوريا

وفي الوقت الذي اعترفت فيه دولٌ أوروبية، ومن بينها فرنسا وآخرها الولايات المتحدة بمذبحة الأرمن التي ارتكبها العثمانيين بحق الأرمن والسريان والآشور، تستمر دولة الاحتلال التركي في مهاجمة إقليم شمال وشرق سوريا.

تعرضت مدينة عفرين لهجومٍ شاملٍ من قبل دولة الاحتلال التركي عام 2018، وتسبّب الهجوم في التهجير القسري للمدنيين الذين تعرضوا للعنف والمجازر، ووفق تقريرٍ لمنظمة روج آفا عن الأوضاع في عفرين خلال الاحتلال التركي فقد هجّر 350 ألف مدني من عفرين وريفها، ليكون مصيرهم التوزع على مخيمات تمّ إنشاؤها مع قدومهم في مناطق مقاطعة عفرين والشهباء وتل رفعت، الأمر الذي أدى إلى خروج نحو 80 % من أهلها وبقاء نسبة 20 % منهم في حالة تفوق حالة السجن الانفرادي.

في عام 2019، شن جيش الاحتلال التركي والمجموعات المرتزقة هجوماً جديد ضد منطقتي سري كانيه وكري سبي، خلال هذا الهجوم انتهج الاحتلال أسلوب الترهيب والتنكيل ضد سكان هاتين المنطقتين وضرب المدينة والقرى المجاورة المكتظة بالسكان بالطائرات الحربية واستعمال كافة أنواع الأسلحة الثقيلة من ناحية، ومن ناحية أخرى تقصدت المرتزقة المشاركين في الهجوم تصوير مشاهد القتل والتعذيب، ونشرها على شبكات التواصل الافتراضي لترويع الأهالي وتهجيرهم.

دمر الاحتلال التركي مع مرتزقته دور العبادة للمسلمين والمسيحيين في مدينتي كري سبي/تل أبيض وسري كانيه، من ضمنها كنيسة مريم العذراء في سري كانيه وكنيسة الأرمن في كري سبي/تل أبيض خلال احتلال المنطقتين عام 2019.

ويستمر الاحتلال عبر الطائرات المسيّرة والهجمات اليومية عبر استهداف البنى التحتية والمدن والبلدات في إقليم شمال وشرق سوريا إلى تهجير السكان واستهداف إرادة مجتمع الإقليم، حتى يومنا الراهن.

حملة الإبادة التركية ضد الكريلا في جبال كردستان

تسيّر دولة الاحتلال التركي هجوماً غير مسبوق ضد الكريلا في جبال كردستان، قد تبدو الأرقام صادمة إلا أنها تشير إلى حجم الهجوم الذي تنفذه ضد الكريلا، وفقاً للأرقام فإن أكثر من 6 آلاف هجومٍ كيماوي نفذته ضد مقاتلي الكريلا في جبال كردستان منذ شباط عام 2021.

ثبت أن الجيش التركي يستخدم أيضاً العديد من القنابل المحظورة، فبالإضافة إلى الغازات الكيماوية؛ يتم استخدام نوع من القنبلة النووية التكتيكية التي تقوم بتدمير نظام الأنفاق وتخلق تأثيراً ساماً في منطقة جغرافية ضيقة جداً.

مجازر خارج كردستان

في أوروبا، حيث اغتالت استخبارات الدولة التركية، القيادية في حزب العمال الكردستاني، ساكنة جانسز، ممثلة المؤتمر القومي الكردستاني في باريس، فيدان دوغان وعضوة حركة الشبيبة، ليلى شايلمز بإطلاق النار على رؤوسهن في كانون الثاني عام 2013.

عقب 10 أعوام من مجزرة باريس الأولى، اختتمت دولة الاحتلال التركي عام 2022 بمجزرةٍ أخرى، استهدفت إرادة المرأة الحرة عن طريق اغتيال، أمينة كارا القيادية في حركة المرأة، والفنان الكردي اللاجئ، مير برور، والوطني عبد الرحمن كزل، وإصابة آخرين.

وباتت مشاهد الاعتداء على الأسر الكردية في أوروبا وحتى في المدن التركية أمراً متكرراً، فخطاب الكراهية وبث السموم في تصاريح السلطات في تركيا الحكومة، وتمجيد العنصر التركي؛ أدى إلى شحن الرأي العام التركي وإثارته ضد الكرد أينما حلّوا، بالإضافة إلى التعامل غير الحازم من قبل السلطة الحاكمة مع الفاعلين، الذي يقدره بعض المراقبون الحقوقيون؛ بأنه أقرب ما يكون إلى "المكافأة".

وكانت الدولة التركية الفاشية وحتى قبل أعوام، تنكر وجود أي مجتمعات والثقافات، وتعتبر جميع المجتمعات أتراكاً في إطار الدولة التركية.

(ز س)

ANHA