بالنحت على الخشب.. شابة من غزة تحاول تجاوز البطالة في القطاع المحاصر
في غرفة بسيطة، على سطح منزلها في مدينة غزة، تقضي الشابة الفلسطينية هبة النخالة معظم يومها في صناعة تحف خشبية، ضمن مشروعها الذي اجترحته لنفسها من جلد وحش البطالة والفقر الذي يخيم على قطاع غزة.
تُحرك هبة النخالة (26 عاماً)، يديها وأدواتها، بصورة واثقة: تضع قطعة خشب على الطاولة. تتناول أدواتها واحدة تلو أخرى. وبعد سلسلة خطوات مُتتابعة، تغدو قطعة الخشب، بصورةٍ جميلة، وبتصميم مبتكر.
شقّت هبة طريقها في صناعة التّحف الخشبية، بعد أن تخرّجت من تخصص الخدمة الاجتماعية من إحدى جامعات قطاع غزة، دون أن تجد فرصة عمل مناسبة.
وتقول: "الوضع في غزة يزداد صعوبة، بعد التخرج جلست مع نفسي كثيراً وبدأت أفكر: ما الذي يمكن أن أفعله؟ كيف أحاول التغلب على البطالة؟".
تبتسم، وتُكمل: "وجدت أمامي صناعة التحف الخشبية، فهي شيء أحبه، وقررت أن أبدأ مشواري في تطوير موهبتي وقدراتي بالشكل الذي يُمَكِنُنِي من تحويل الموهبة إلى مصدر دخل".
وبعد مشوار طويل، باتت هبة النخالة تنتج الآن معلقات خشبية، ومرايا، وصواني، وأدوات مطبخ، وأدوات للزينة، ولاقى مشروعها قبولاً عند الكثير من المواطنين.
"أنتيكا".. بدعم من العائلة
وتوضح هبة النخالة أنها قررت بدء مشروعها على نفقتها الخاصة، وأن الأمر الذي شجعها هو دعم عائلتها، مشيرة إلى أن عائلتها شجعتها بشكل مستمر على التعلم والالتحاق بدورات خاصة بصناعة التحف والنحت على الخشب.
إلى جانب ذلك، كان عمل والدها في استيراد الأخشاب الطبيعية، أمراً جداً مساعد في مسيرة التجريب والممارسة والوصول إلى المواد الأولية في بداية مشروعها.
هكذا، تقول: "صرت أحضر الأخشاب عن طريق والدي، وأخرجها من معملي الصغير فوق السطح، قطعاً مختلفة".
وأطلقت هبة النخالة على مشروعها اسم "انتيكا"، وأنشأت صفحات على وسائل التواصل الافتراضي لتسويق منتجاتها. وتقول إنها تمضي معظم يومها في العمل على منتجات مختلفة والبحث عن تصاميم مبتكرة وتطبيقها بأدوات بسيطة، حسب طلب الزبائن.
'الحصار الإسرائيلي على غزة يعرقل فرص نجاحنا'
وتبين هبة أن مشروعها لاقى قبولاً كبيراً، وأن صفحات مشروعها على مواقع التواصل الافتراضي، تتلقى طلبات من خارج قطاع غزة. تتنفس بضيق، وتقول: "لكن الحصار يمنعني من إيصال منتجاتي إلى الضفة الغربية، هكذا يحاول الحصار أن يدمر سعينا دائماً، وأن يضع مشاريعنا في خانة غير مجدية".
وتشير إلى أن أسعار الأخشاب خاضعة لآلية المعابر: "إذا فتحت إسرائيل المعابر تدخل الأخشاب، ويرخص ثمنها، وإذا أغلقت، يرتفع ثمنها الأمر الذي يبقي عملنا رهن ما تريده إسرائيل".
المشاريع الصغيرة محاولة لمواجهة البطالة
وباتت المشاريع الصغيرة في غزة، ملاذاً لكثير من الشباب في غزة الذين لا يجدون فرصاً للعمل في ظل تزايد معدلات الفقر والبطالة.
ويقول رئيس "اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار" جمال الخضري، لوكالتنا أن "هناك ما يزيد عن 85% من سكان القطاع الذين يزيد عددهم عن مليوني نسمة، يعيشون تحت خط الفقر، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي والإغلاق والاعتداءات والممارسات الإسرائيلية المستمرة".
ويضيف: "إن معدلات البطالة مرتفعة وخاصة بين فئة الشباب، إذ تصل إلى نحو 65%، ارتفعت أيضاً خلال هذا العام، مع إغلاق محال وورش بشكل يومي في ظل الحصار والقيود الإسرائيلية على التصدير، وفرض قوائم للمواد الأساسية والخام الممنوعة من الدخول إلى غزة".
وبين أن "فيروس كورونا زاد من الأوضاع الإنسانية تعقيداً بعد الحصار المستمر منذ نحو 15 عاماً ".
ويرى الخضري، أنه من "الضروري أن يكون هناك تدخلاً دولياً، للحد من معدلات الفقر الخطيرة والمرتفعة جداً والضغط على إسرائيل من أجل رفع الحصار".
(ح)
ANHA