سلَّ سيفه في وجه شعبه وأغمده في وجه الغزاة
حق الرد الذي احتفظ به النظام السوري طوال 40 عاماً منح القوة للدول الإقليمية الطامعة بالخيرات والأرض السورية التي احتلت أجزاء منها واخترقت السيادة السورية, ويتجلى ذلك واضحاً من خلال الاحتلال التركي لعفرين ومناطق شمال سوريا والتي تعتبرها تركيا من أملاكها الخاصة دون الاكتراث للسيادة السورية.

أليس من الأولى لجيش النظام السوري التحرك ضد قوات الاحتلال التي تحاول اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية, وحماية وحدة أرضيها والبحث عن سبل توحيد الجهود السورية للحد من عمليات الاحتلال تلك, والكف عن الإسهام في توفير المناخ لتقسيم سوريا؟
منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011 سُلّت سيوف الجيش السوري والمجموعات المرتزقة، وسُلّطت على رقاب الشعب السوري الذي خرج في ثورة شعبية مطالبة بالحرية والحقوق المسلوبة وبسوريا تعددية, فيما ارتكبت تلك القوات والمجموعات المرتزقة المجازر بحق أبناء هذا الوطن, وأغمدت سيوفها في وجه أعداء وطنهم متناسين أطماع الدول الإقليمية والجوار الطامعة باحتلال الأراضي السورية, تحت حجج الاحتفاظ بحق الرد طيلة فترة حكم حزب البعث.
إن عملية تجاهل تقسيم الأراضي السورية ومحاولة ضمها إلى بعض الجهات المحتلة لم تكن محض صدفة, بل كانت بمساعدة النظام نفسه الذي هيأ الأرضية والمناخ المناسب من خلال سياساته الخاطئة لعمليات الاحتلال تلك ووسط اتفاقيات سرية بينه وبين تلك الأطراف, منها تركيا وإسرائيل, وخير دليل على ذلك ما هو الحال عليه في بعض المناطق الواقعة شمال وجنوب سوريا.
إذا عدنا بعجلة التاريخ قليلاً منذ تسلم حزب البعث للسلطة في سوريا وإلى يومنا الحاضر سنجد بأن النظام البعثي كان من أهم وأبرز الحماة لحدود الاحتلال الإسرائيلي الذي احتل هضبة الجولان والتي كانت تعرف بهضبة سوريا يونيو 1967 , حيث لم تطلق يوماً أي رصاصة باتجاه إسرائيل ضمن الأراضي السورية المحتلة, واكتفى النظام فقط بشعارات المقاومة والممانعة وبتهديدات إعلامية تتحدث عن حق الرد في المكان والزمان المناسبين, في محاولة منه امتصاص غضب الشارع السوري ودفع الشعب للقبول بالأمر الواقع, وتفادي الاصطدام بغليان الشعب السوري والمجتمع العربي .
اليوم سياسة صمت السلطة الحاكمة في سوريا وعملية حماية حدود إسرائيل تلك هيأت ليومنا هذا لتدخل قوات الاحتلال في الأراضي السورية وساهمت في تشجيع تلك الأطراف على الجهر بعمليات الاحتلال, فهضبة الجولان اليوم أصبحت إسرائيلية يتم الاعتراف بها رسمياً من قبل أحد أقطاب القوى العالمية كأراضي إسرائيلية وشرعية إسرائيل على تلك الأراضي السورية.
خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الـ 21 من آذار مارس الحالي بحلقة جديدة من حلقات مسلسله التي يتم نشرها على التويتر, أشار فيها إلى اعتراف حكومة بلاده بهضبة الجولان كأراضي إسرائيلية, وعزم وانتهى من التوقيع على عملية الاعتراف تلك, وسط صمت النظام السوري باستثناء البيانات والخطابات التي تخرج من قبل مريديه وحاشيته والتي لا تقدم ولا تؤخر.
هذا ولربما صمت النظام البعثي على احتلال إسرائيل لبعض الأراضي السورية شجع الاحتلال التركي أيضا على البحث عن بعض المناطق التي قد يقتطعها ويضمها إلى الأراضي التركية, وما يدور في جرابلس والباب واعزاز وعفرين وإدلب شهود عيان صارخة على تلك المحاولات, والمشجع والمتفرج هو النظام السوري, ويثبت ذلك عدم تحرك النظام السوري إلى الآن بأي خطوات جادة لردع التدخل التركي في سوريا, ولجم تهديداته الأخيرة أيضا التي تطال مناطق شرق الفرات, وهي الذهنية ذاتها التي شجعت وتابعت عملية اقتطاع هضبة الجولان السورية عام 1967.
في ظروف صعبة تمر بها البلاد وفي حين يتوجب على جميع الأطراف السورية ابتداء من النظام وصولاً إلى المعارضة توحيد الجهود, يستمر النظام البعثي في تعنته بإلغاء الآخر وممارسة غطرسته وسل سيوفه تجاه شعبه, وغامدا سيفه في وجه الاعتداءات الخارجية على الأراضي السورية.
أراضي سوريا تقتطع والنظام لا يزال رافضا الحلول السياسية التي تطرحها الأطراف الفاعلة على الأرض السورية, وما يطرحه مجلس سوريا الديمقراطية من مشروع سياسي في سوريا تعددية لا مركزية, هو الحل الأنسب الذي قد يحد من أية محاولات اعتداء خارجية جديدة ويحقق وحدة سوريا أرضاً وشعباً, وبتكاتف أطرافها وفق هذا المشروع ستعاد إلى سوريا سيادتها على الأراضي السورية.
لكن استمرار النظام السوري في معاداة شعبه الطامح بالحرية والتعددية الديمقراطية يثير قلقاً وتساؤلات جمة, فمن المقلق أن ما نشهده اليوم في هضبة الجولان قد نشهده لصالح أطراف أخرى محتلة للأراضي السورية مثل تركيا في المستقبل, أم أن النظام البعثي السوري المتعنت سيستفيق من غيبوبته القامعة لشعبه والمساهمة في احتلال سوريا, وهل سيتحرك ما يسمى اليوم بالجيش السوري ضد القوات المحتلة, أم أنه سيبقى فقط لقمع الشعب السوري؟
والسؤال الأهم الذي يطرح نفسه هو متى يأتي وقت وزمن حق الرد ؟ خاصة بعدما أعلنت الولايات المتحدة سيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان بشكل رسمي.
ANHA