كاتب بريطاني: الانسحاب من الانسحاب يزيد التوتر بين أنقرة وواشنطن

على ما يبدو أن التوترات مرشحة للعودة بقوة بين الولايات المتحدة وتركيا بعد أن صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وكأنه يتخلى عن التزامه بالانسحاب الفوري للقوات الأمريكية من سوريا.

كاتب بريطاني: الانسحاب من الانسحاب يزيد التوتر بين أنقرة وواشنطن
الجمعة 4 كانون الثاني, 2019   09:54

مركز الأخبار

تحدث الكاتب البريطاني دوريان جونز في مقال تحليلي لوكالة صوت أمريكا عن عودة التوتر بين واشنطن وأنقرة عقب تصريحات ترامب الأخيرة التي قال فيها بأنه "لم يحدد جدول زمني لخروج قواته من سورية بعد"، بالإضافة إلى تأكيد وزير الخارجية الأمريكي مايك بوميبو على أن مهمة الولايات المتحدة لم تنتهي في سوريا وبأن الولايات المتحدة  ستضمن عدم قتل الأتراك للكرد.

كما أكد ترامب في وقت سابق وأثناء اجتماعه مع أعضاء حكومته "أن بلاده ستنسحب من سوريا على مدى فترة من الوقت وإنها تريد حماية الكُرد حتى بعد سحب القوات الأمريكية من هناك".

ويشير الكاتب البريطاني إلى أن  إعلان ترامب عن الانتصار على داعش وتعهده بالانسحاب السريع لحوالي 2000 من القوات الأمريكية التي تعتمد بشكل رئيسي على قوات سورية الديمقراطية، كان عبارة  عن انفراجة في العلاقات المتوترة مع أنقرة.

الانسحاب من الانسحاب

تتالت التصريحات بعد الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها ترامب بخصوص انسحابه "الفوري" من سورية وتوكيل المهمة إلى الأتراك في "القضاء على داعش".

كما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز"، في وقت سابق ونقلاً عن مصدر مطلع، بأن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وافق على تمديد فترة انسحاب الجيش الأمريكي من سوريا، إلى 4 أشهر.

 ومع ذلك، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إن سحب قواته من سوريا لن يكون سريعاً ولا بطيئاً، لكنه رفض تحديد جدول زمني لإعادة الجيش إلى بلاده.

وأوضح ترامب في اجتماع لمجلس الوزراء في البيت الأبيض: "لم أقل أبداً سريعاً أو بطيئاً"، مضيفا: "قال أحدهم لأربعة أشهر، لكنني لم أقل ذلك أيضًا".

ومما زاد من التوتر في أنقرة، قال ترامب: "نريد حماية الكرد في سوريا". حيث يواجه الرئيس الأمريكي ضغوطاً وطنية ودولية متزايدة على قرار مغادرة سوريا والتخلي عن قوات سورية الديمقراطية، في الوقت الذي تستمر فيه القوات العسكرية التركية بالتحشد لشن هجمات على مناطق شمال سورية.

ضوء أخضر

ويشير الكاتب إلى أنه تم تفسير تصريحات ترامب الأولية لسحب سريع غير مشروط من سوريا على نطاق واسع في تركيا كضوء أخضر لهجوم عسكري تركي ضد مناطق شمال سورية ومع ذلك، ينظر إلى تعليقات ترامب الأخيرة حول انسحاب أكثر تدريجيًا وحماية الكرد على أنها تضع خطط أنقرة موضع النقاش.

وقال حسين باغجي استاذ العلاقات الدولية بجامعة الشرق الأوسط الفنية في أنقرة "كانت هناك حماسة من جانب الحكومة التركية. كان قراراً تاريخياً لأنقرة من ترامب بمغادرة سوريا على الفور".

وأضاف: "لكن ترامب الآن يتصرف بشكل كلاسيكي مرة أخرى، ويحاول ألا يغادر دون توفير الحماية للكرد. ولا يمكن أن تفعل تركيا في هذا الصدد أي شيء؛ سيكون على تركيا أن تقبل بالكرد".

ويشير المحللون إلى أن أنقرة من المرجح أن تشعر بالقلق من الدعوات المتزايدة لإنشاء منطقة عازلة بين القوات التركية ووحدات حماية الشعب على طول الحدود السورية.

وقال سناتور ساوث كارولينا ليندسي جراهام، الذي كان يتحدث إلى الصحفيين بعد اجتماعه مع ترامب، إن الرئيس يدرس مثل هذه الخطوة.

وأشار عضو الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم (CDU)، رودريش كيسفيتر (Roderich Kiesewetter) في لقاء مع مؤسس (Deutschlandfunk) الإعلامية، إلى أن فرنسا وألمانيا قادرتان على تقديم مشروع إقامة منطقة حظر جوي إلى اجتماع مجلس الأمن الدولي.

وقال كيسفيتر إنه يرى في تولي فرنسا وألمانيا رئاسة مجلس الأمن الدولي في شهري آذار ونيسان القادمين فرصة كبيرة لدعم مشروع منطقة حظر الطيران لإنهاء الأزمة، مؤكداً على ضرورة تكاتف الدول الأوروبية لتبني سياسة خارجية موحدة.

وأكد السياسي الألماني على ضرورة تحدث أوروبا بصوت أقوى بعد قرار الرئيس الأمريكي المفاجئ "الأحادي الجانب" القاضي بالانسحاب من سوريا.

وقال باغجي "إنشاء منطقة عازلة هو حماية الكرد. في هذا الصدد، هذا ليس جيداً لتركيا. ستفقد تركيا فرصة محاربة قوات وحدات حماية الشعب هناك. ستعارض تركيا، لكن في نهاية اليوم سيكون عليهم أن يقبلوا".

ضربة استباقية

ويشير المحللون إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يميل لإحباط أي منطقة عازلة من خلال شن هجمات في شمال سوريا، ويضيف المحللون إن أردوغان يريد من هذا الهجوم أن يتم قبل الانتخابات المحلية في آذار/مارس، في ضوء تزايد عدم رضا الناخبين بشأن تباطؤ الاقتصاد.

ويقول المحلل اتيلا يشيلادا وهو عضو في "جلوبال سورس" وهي خدمة تحليل الاستثمار "توقيت عملية شرق نهر الفرات قد يكون محاولة لترسيخ قاعدة الناخبين".

 ويضيف يشيلادا "لكن هذه المحاولات غير مجدية في النهاية، فالناس يهتمون بلقمة العيش فقط، وإذا لم يستطيعوا تأمينها، فإن انتصارًا واضحًا في بعض المواقع البعيدة لا يعني الكثير بالنسبة لهم".

ويشير الكاتب إلى أن هجوم تركي مقبل من المحتمل أن يعتمد على تعاون موسكو، حيث تسيطر الصواريخ الروسية على معظم الأجواء السورية.

ويقول الكاتب إن آخر هجوم عبر الحدود ضد وحدات حماية الشعب في سوريا في عفرين السورية اعتمدت على استخدام الدعم الجوي.

وبحسب ما ورد فشل وزير الدفاع التركي ووزير الخارجية، إلى جانب رئيس المخابرات، مؤخراً في الحصول على إذن باستخدام المجال الجوي السوري خلال زيارة لموسكو.

ويشير المحللون إلى أن موسكو تحاول تحقيق التوازن بين المصالح المتضاربة في سعيها إلى التودد لدى أنقرة في محاولة منها لإبعادها عن شركائها في حلف الناتو، في الوقت الذي تدرك فيه أن دمشق ستعارض الاستيلاء التركي على المزيد من الأراضي السورية.

(م ش)