قدّاس تكريمي في السويداء لشهداء كنيسة مار إلياس
أقام المجتمع السوري، بمشاركة مختلف الطوائف في مدينة السويداء، قداساً لراحة أنفس شهداء تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق. وأكد المشاركون وحدة الوطن في مواجهة التطرف بالإيمان والمحبة، معبرين عن أسفهم وأملهم في تجاوز المحن وبناء السلام والإخاء بين جميع مكونات المجتمع.
احتضنت مدينة السويداء، ضمن كنيسة جاورجيوس في مطرانية الروم الأرثوذكس، قداساً لأرواح شهداء التفجير الذي استهدف كنيسة مار إلياس في دمشق. حضر القداس ممثلون عن جميع الطوائف، من المسلمين والمسيحيين، في وداع الضحايا، رافعين شعار الوحدة والإخاء.
وخلال القداس، قال متروبوليت راعي أبرشية حوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، أنطونيوس سعد: "من قام بهذا العمل الإرهابي لم يرق له أن يرى السوريين موحدين ينهضون بوطنهم من جديد. الوطن مسؤوليتنا جميعاً، ولن تخيفنا النائبات مهما عظمت".
وتابع قائلاً: "لتبقى وحدتنا سبيل حياتنا وحياة وطننا، ولنتضرع إلى الله أن يرحمنا ويقف معنا في محنتنا. الأوطان تُبنى بالمحبة والوئام، لا بالقتل والتكفير والترهيب".
وأضاف أن الشهداء الذين سقطوا في كنيسة مار إلياس هم "أحياء في السماء، أرواحهم عمدة للسماء، وقد ارتفعت لتستريح من عناء الحياة، ووجّه التحية لبطولتهم وتضحيتهم"، مؤكداً أن مطرانية حوران وجبل العرب والجولان للروم الأرثوذكس، التي استقبلت مكونات المجتمع السوري كافة، تقف اليوم موحدة في وجه هذا العمل اللاأخلاقي والإجرامي الذي لا يمتّ لأي دين أو إنسانية بصلة.
وأشار المتروبوليت إلى تسلسل المآسي التي أصابت الوطن، قائلاً بأسى: "قبلها كانت مجزرة الساحل، وبعدها صحنايا والجبل، واليوم كنيسة الدويلعة. أهذا هو التكفير؟ ماذا جنيتم من هذا التفجير سوى المزيد من الألم؟".
ووسط الدموع والصدمة، تحدثت المواطنة هيام القطامي بصوت متهدج يغلبه الألم: "سورية تستحق أن تعيش بسلام. الإرهاب لا دين له. من يقتل أخاه بغير حق هو شيطان، لا مسلم ولا مسيحي. الله لا يقبل القتل والتكفير، بل يبارك من يصنع السلام".
القطامي لم تتمالك دموعها وهي تشير إلى الشهيدين بطرس بشارة وجوليوس بشارة، اللذين حاولاً احتضان "الإرهابي" ومنعه من تفجير نفسه، فكان مصيرهما الاستشهاد، ومعهما عدد من الأبرياء الذين لم يكن لهم ذنب سوى أنهم حضروا للصلاة.
المواطنة شادية فريحات، بدورها قالت بصوت مشحون بالغضب والألم: "جراحنا تنزف، وقلوبنا تحترق، ولكننا متمسكون بإيماننا. قال المسيح: من آمن بي فحتى وإن مات فسيحيا. هؤلاء الشهداء أحياء في قلوبنا، وهم بركة لهذا الوطن الجريح".
وأجمعت كلمات الحاضرين على أن استهداف دور العبادة هو عمل جبان يسعى لزرع الفتنة وتفتيت النسيج السوري، لكن السوريين أوعى من أن يقعوا في هذا الفخ. وناشدوا لتكثيف الجهود لكشف الجناة ومحاسبتهم، مؤكدين أن العدالة لا بد أن تأخذ مجراها، وأن الدم السوري واحد لا يفرّق بين طائفة أو مذهب.
اختتمت الصلاة بكلمات رجاء وسلام، حيث دعا المتروبوليت أنطونيوس: "اللهم لا تتركنا في محنتنا، وامنحنا القوة لنواجه الظلام بالنور، والحقد بالمحبة، والدمار بالبناء. الرحمة لشهدائنا، والشفاء لجرحانا، والسلام لسورية".
وأضاف: "يبقى صوت الكنيسة مدوّياً في وجه الإرهاب، ويظل أبناء سورية، بكل أطيافهم، عائلة واحدة تتجاوز الجراح وتنهض معاً من تحت الركام، حاملة في قلوبها إيماناً لا يموت بأن المحبة أقوى من الموت، وأن الوطن سيبقى رغم الألم".
(أم)