YRA.. خطوات ثابتة نحو مرحلة جديدة من التأثير والإعلام المسؤول
تُعد ولادة اتحاد الإعلام الحر (YRA) في عام 2012، حجر الأساس في الدفاع عن حقوق الصحفيين، وترسيخ ثقافة الإعلام المسؤول، ما جعله ركيزة أساسية في المشهد الإعلامي. والآن الأنظار تتجه نحو مؤتمره السابع، بأن يتحول إلى مؤسسة جامعة تمتد تأثيرها ليشمل عموم سوريا.
في 13 تموز 2012، اجتمع نخبة من الصحفيين والأكاديميين والمثقفين في مدينة عامودا، وأعلنوا عن تأسيس اتحاد الإعلام الحر (YRA) لحماية حقوق الإعلاميين والدفاع عن حرية التعبير، في شمال وشرق سوريا. ومنذ تأسيسه، سعى الاتحاد لترسيخ قيم الحرية، العدالة، والمساواة بين الجنسين، وتعزيز الأداء الصحفي عبر تنظيم دورات تدريبية، حماية حقوق الصحفيين، وتطوير العلاقات مع المؤسسات الإعلامية المحلية والدولية. كما عمل على نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك، وضمان حرية الحصول على المعلومات.
لقد كان تأسيس اتحاد الإعلام الحر ضرورة ملحّة لتنظيم عمل المؤسسات الإعلامية الناشئة في شمال وشرق سوريا، ولضمان استقبال الوفود الإعلامية القادمة إلى المنطقة بهدف الاطلاع على التجربة الفريدة والمقاومة الرائدة فيها. إلى جانب ذلك، ظهرت الحاجة الماسة إلى إعلام بديل يجسّد الحقيقة ويعبّر عن تطلعات الثورة، ناقلاً رسالتها بصدق وقوة.
لم تكن هذه الحاجة مجرد استجابة للأحداث المتسارعة، بل أصبحت واجباً لا غنى عنه في مواجهة تحديات جسام، أبرزها التدخل السافر للقوى الدولية والإقليمية في المشهد السوري، حيث استُخدمت أدوات إعلامية ضخمة لتشويه مسار الثورة وتطويعه لخدمة أجنداتها الخاصة. وهنا لعب الاتحاد دوراً محورياً في توجيه المؤسسات الإعلامية والإعلاميين والإعلاميات التصدي لهذه المحاولات، مساهماً في إعلاء صوت الحقيقة ونقل الواقع كما هو.
يعتمد الاتحاد هيكلاً تنظيمياً يشمل: المؤتمر العام، الرئاسة المشتركة، المجلس العام، والهيئة الإدارية، إضافة إلى لجان متخصصة، للإشراف على التدريب، والحقوق، والمالية. وفي مؤتمراته المتعاقبة، حرص الاتحاد على تطوير أدائه وتحديث هيكليته بما يواكب المستجدات السياسية والإدارية والأمنية في المنطقة.
وفي عام 2015، شهد الاتحاد تطوراً نوعياً باعتماد نظام الرئاسة المشتركة، لإدارة شؤون العمل، في خطوة غير مسبوقة على مستوى المؤسسات الإعلامية والنقابية. كما وضع خططاً وبرامج دورية، وأصبحت عضويته محل اعتزاز لدى الصحفيين والإعلاميين، ما مكّنه من الحصول على اعتراف واسع على المستوى المحلي، الإقليمي، والعالمي.
عبر مؤتمراته المتتالية، سعى الاتحاد إلى تطوير الحراك الإعلامي بما يواكب تحولات الثورة، حيث ناقش خلال المؤتمر الثاني عام 2015، أوجه القصور وسبل إعادة الهيكلة، واعتمد نظاماً داخلياً جديداً لضمان أداء أكثر فاعلية، وفي المؤتمر الثالث عام 2017، تم إقرار تعديلات جوهرية، منها افتتاح فروع جديدة في الرقة ومنبج، وإعداد تقرير سنوي يوثّق واقع الإعلام والانتهاكات بحق الصحفيين.
وفي المؤتمر الرابع عام 2018، نوقشت التحديات التي فرضتها هجمات الاحتلال التركي على عفرين، وتم تعديل النظام الداخلي، بما في ذلك تقليص عدد أعضاء المجلس من 22 إلى 9، واعتماد مبدأ المساواة بين الجنسين في هيئات الاتحاد كافة، كما تقرر عقد المؤتمر دورياً كل عامين.
في المؤتمر الخامس عام 2020، أكد المشاركون على ضرورة تعزيز الاحترافية الإعلامية، والتصدي للحرب الإعلامية، التي تواجه شمال وشرق سوريا، إلى جانب تشكيل لجنة خاصة لتنظيم الفعاليات، وانتخاب رئاسة مشتركة جديدة.
في ظل تعقيدات المشهد السوري، حيث تركت الحرب والاحتلال آثاراً عميقة، على المجتمع، برز الإعلام كأداة رئيسية لنقل الحقيقة ومقاومة التضليل، وهو ما تجلّى بوضوح في المؤتمر السادس عام 2022، الذي عُقد تحت شعار معاً نحو إعلامٍ واعٍ ومسؤول وأخلاقي"، والذي ركّز على تعزيز دور الاتحاد في إحداث التغيير وإعادة هيكلته لمواكبة المرحلة المقبلة.
ومن أبرز الإنجازات، انضمام الاتحاد رسمياً في آب 2023 إلى الاتحاد الدولي للصحافة العربية، ومقره بريطانيا، وهو اتحاد يضم العديد من النقابات الصحفية والمؤسسات الإعلامية في العالم العربي والشرق الأوسط وأفريقيا.
في مسيرة الإعلام الحر، التي تمتد منذ عام 2011 حتى يومنا هذا، قدّم نخبة من الصحفيين والصحفيات أرواحهم دفاعاً عن الحقيقة ونقل الواقع كما هو. من بين هؤلاء الأبطال أعضاء اتحاد الإعلام الحر، مراسلو ومراسلات وكالتنا دليشان إيبش، وهوكر محمد، ورزكار دنيز، وسعد أحمد، وعصام عبد الله، وجيهان بلكين، بالإضافة إلى الصحفي مصطفى محمد، مراسل فضائية روناهي، والصحفي ناظم داشتان، والصحفي عكيد روج، الذين سطّروا بأقلامهم تضحيات خالدة لن تُنسى.
تتجه الأنظار الآن نحو المؤتمر السابع، المزمع عقده غداً في 15 حزيران، حيث يُعد الأول بعد سقوط نظام البعث، في ظل تغييرات جذرية تشهدها سوريا والشرق الأوسط. التطلعات عالية، بأن يتحول الاتحاد إلى مؤسسة جامعة تمتد تأثيرها ليشمل عموم سوريا، لتكون صوتاً حقيقياً يعكس إرادة الشعوب وتطلعاتها نحو إعلام حر ومهني.
ANHA