العقوبات الاقتصادية على سوريا.. ما هي؟ وكيف يؤثر إعلان ترامب الأخير؟
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، رفع العقوبات المفروضة على سوريا، في خطوة تأتي بعد مشاورات أجراها مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وفق ما أعلنه في خطابه، فما هي العقوبات المفروضة على سوريا؟

تتواصل التحليلات فيما يتعلق بنتائج إعلان ترامب عزمه رفع العقوبات عن سوريا، فماذا ينتظر السوريون بعد رفع العقوبات، وكيف سينعكس ذلك على تعافي الاقتصاد السوري؟
عقوبات تمتد إلى عقود
وتعود العقوبات الأمريكية على دمشق إلى عام 1979، حين أصدرت واشنطن قائمة لما وصفته بـ "الدول الداعمة للإرهاب" وضمت إليها سوريا بسبب دعمها لفصائل فلسطينية وتدخلها في لبنان، وذلك وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
وتعقدت الأمور أكثر مع تولي بشار الأسد الرئاسة عام 2000 خلفاً لوالده. ففي أيار 2004، دخل قانون "محاسبة سوريا واستعادة السيادة اللبنانية" حيز التنفيذ بعد أشهر من إقرار إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك جورج بوش الابن له.
وتضمن القانون فرض قيود على تصدير السلع الأمريكية إلى سوريا، باستثناء الغذاء والدواء، ومنع شركات الطيران السورية من السفر إلى الولايات المتحدة، وتوسيع العقوبات بحق عدد من المسؤولين السوريين. لكن القانون استثنى استيراد السلع من سوريا، بما فيها المواد النفطية، والمعاملات المصرفية وكذلك الاستثمارات الأمريكية في سوريا.
وفي عام 2005، وعقب اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، سحبت الولايات المتحدة سفيرتها في دمشق مارغريت سكوبي. ولاحقاً، أصدر بوش قرارات حظر خلالها نفاذ 20 مواطناً سورياً وشركات سورية بعينها إلى النظام المالي الأمريكي.
وبموجب قانون مكافحة الإرهاب "باتريوت"، توسعت العقوبات الاقتصادية عام 2006، واستهدفت بشكل مباشر البنك التجاري السوري.
عقوبات أكثر تأثيراً بعد الأزمة السورية
وبعد بدء الأزمة السورية توسعت العقوبات الأميركية وكان هناك الأمر التنفيذي رقم 13572 الصادر في نيسان 2011، الذي يحظر ممتلكات المسؤولين السوريين وغيرهم من المسؤولين عن ارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان، وفي أيار 2011، اتخذت الحكومة الأمريكية خطوات إضافية من خلال الأمر التنفيذي رقم 13573، الذي يحظر ممتلكات مسؤولين سوريين إضافيين بمن فيهم الرئيس آنذاك بشار الأسد وأي شخص يُحدد أنه مسؤول كبير في الحكومة السورية.
وفي آب 2011، أصدر الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما الأمر التنفيذي رقم 13582 الذي يحظر ممتلكات الحكومة السورية، ويمنح صلاحيات إضافية لتحديد الأفراد والكيانات، ويحظر على الأمريكيين القيام باستثمارات جديدة في سوريا.
كما يحظر الأمر تصدير أو بيع الخدمات إلى سوريا من قِبل الأمريكيين، ويحظر استيراد النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري، ويحظر على الأمريكيين المشاركة في معاملات تتعلق بالنفط أو المنتجات النفطية السورية، وهو ما حرم دمشق من مورد أساسي.
وفي 2013، التزمت الولايات المتحدة بقرارات مجموعة العمل الدولية بشأن سوريا مثل الامتناع عن شراء الفوسفات السوري، والتوقف عن توفير تقنيات المراقبة التي قد يستخدمها نظام الأسد لتقييد التدفق الحر للمعلومات والاتصالات داخل سوريا وخارجها.
ويعد قانون "حماية المدنيين السوريين" 2019 المعروف بقانون "قيصر"، نسبة للاسم الحركي الذي اتخذه مصور عسكري سوري انشق عن النظام، وشارك صوراً تظهر جثث الآلاف ممن قضوا تحت التعذيب في سوريا.
وأخيراً، هناك قانون "الكبتاغون" الذي أقرّه الكونغرس الأمريكي على مرحلتين، القسم الأول منه في كانون الأول 2022، والثاني في نيسان 2024، ويركز القانون بشكل خاص على مكافحة تجارة المخدرات التي كان يعتمد عليها نظام الأسد كمصدر تمويل رئيس، حيث استهدف شبكات إنتاج وتهريب الكبتاغون التي تورط فيها شخصيات بارزة من النظام.
تأثيرات متوقعة
من المؤكد بأن هذه الخطوة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعد مرحلة مهمة ومفصلية بالنسبة إلى الاقتصاد السوري، وسجلت الليرة السورية تحسناً ملحوظاً أمام الدولار الأميركي في السوق الموازية عقب إعلان القرار، حيث ارتفعت بنحو 10 بالمئة، وتم تداولها عند حدود 8300 ليرة للشراء و8700 ليرة للبيع، بحسب منصات محلية لمتابعة سوق العملات.
لكن هذه الخطوة الأميركية تتطلب أن تتبعها خطوات أوروبية مماثلة لكي يتحقق الهدف الرئيس من رفع العقوبات وهو دخول جهات استثمارية إلى البلاد، كما تتطلب الكثير من العقوبات الأميركية موافقة الكونغرس عليها.
من جانبه، يرى أنور القاسم محلل اقتصادي في الفايننشال تايمز أن الاقتصاد السوري بحاجة إلى معجزة ليتعافى، ما يتطلب رفع كامل للعقوبات المفروضة على البلاد، وأهمها العقوبات الأمريكية على التحويلات المالية والحصار الاقتصادي الدولي والمقاطعة من قبل الدول الغنية، في حين يرى القاسم أن الفساد وضعف المؤسسات من أكبر التحديات التي تواجه جهود مشاريع إعادة الإعمار بعد رفع العقوبات عن سوريا.
(ي ح)