في الذكرى العاشرة لمجزرة الشعيطات دعوات للتكاتف لمكافحة التطرف

دعت شرائح مجتمعية في الذكرى العاشرة لمجزرة الشعيطات إلى الالتفاف حول قوات سوريا الديمقراطية، والإدارة الذاتية الديمقراطية لاعتبارها السبيل الوحيد لطيّ سجل مرتزقة داعش، وأكدوا على ضرورة نشر الوعي بين شعوب المنطقة، وعدم الانجرار وراء المخططات المتطرفة.

في الذكرى العاشرة لمجزرة الشعيطات دعوات للتكاتف لمكافحة التطرف
7 آب 2024   07:20
الرقة
أنس محمد

تعرضت عشيرة الشعيطات العربية، في آب 2014 لأبشع مجزرة عرفتها العشائر العربية في سوريا، نفذها مرتزقة داعش في الريف الشرقي لمدينة دير الزور، بعد رفض العشيرة الخنوع لسلطتهم.

بعد سيطرة مرتزقة داعش على مدينة الموصل في حزيران ٢٠١٤، والإعلان عما تسمى (الخلافة الإسلامية) في 29 حزيران 2014، من الجامع النوري الكبير في الموصل، زاد داعش من هجماته للتمدد نحو سوريا، وأثناء محاولتهم الدخول إلى دير الزور قاوم أبناء عشيرة الشعيطات العربية داعش.

وتعدّ عشيرة الشعيطات إحدى عشائر قبيلة العكيدات المنتشرة على الضفة الشمالية لنهر الفرات في الريف الشرقي لمقاطعة دير الزور، ويصل تعدادها إلى أكثر من مئة ألف، حسب إحصائيات عام 2010، كما تعدّ من أولى العشائر التي اتخذت مكانتها في صفوف الحراك السلمي في سوريا عام 2011، المطالبة بإسقاط "النظام السوري"، نظراً لتهميشه لمناطقهم.

في تموز 2014 سيطر مرتزقة داعش على منطقة الشحيل في دير الزور، وقام بتهجير أهالي الشحيل قسراً على مدى أسبوعين، وبعدها تصاعد القتال في المنطقة، حيث بدأ مرتزقة داعش بشن حملة انتقامية ضد عشيرة الشعيطات، التي رفضت الخضوع لسلطتهم. بفتوى صدرت من المدعو أبو عبد الله الكويتي، مفادها أن أهل الشعيطات ينتمون إلى "جماعة ترفض الانصياع للحكم الإسلامي بالسلاح. ولا يجوز عقد هدنة معهم ولا إطلاق سراح أسراهم لا بالمال ولا بأي وسيلة أخرى. ولا يجوز تناول لحوم الحيوانات التي يذبحونها، ولا يجوز لأحد أن يتزوج نساءهم. ويُسمح بقتل أسراهم ومطاردة كل من يهرب منهم وقتلهم. كما يسمح بقتل المصابين من بينهم، ويجب مقاتلتهم حتى لو لم يبدؤوا القتال".

بعد الفتوى اعتقل مرتزقة داعش أكثر من 50 عاملاً من بلدات الشعيطات، كانوا يعملون في حقل التنك النفطي في شرق دير الزور، وأُعدِموا بدم بارد.

وبدأ من الاسبوع من آب أعلن مرتزقة داعش بلدة أبو حمام منطقة عسكرية، وأغلقوا الطرق وبدؤوا بقصفها، وبعد 5 أيام سيطر مرتزقة داعش على البلدة بالإضافة للسيطرة على بلدتي الكشكية وغرانيج، وفرّ الآلاف من المدنيين من تلك المناطق خوفاً من بطش مرتزقة داعش.

وقعت المجزرة في قرى وبلدات عشيرة "الشعيطات" وامتدّت إلى عدّة مناطق مجاورة، انطلاقاً من ضواحي مقاطعة دير الزور الشمالية والشمالية الشرقية، استهدف فيها المرتزقة كلًّاً من قرى وبلدات "أبو حمام، الكشكية، غرانيج، وأبو حردوب، وصولًا إلى بلدة البحرة"، حيث قام المرتزقة بإغلاق الطرق ونسف المساكن واختطاف العديد من رجال الشعيطات كرهائن.

أظهرت التقارير أن عدد القتلى بلغ 1700 شخص بين رجال ونساء وأطفال، واختطاف أكثر من 1000 شخص آخر، حيث تم إعدامهم بشكل جماعي واستخدم المرتزقة الأساليب البشعة لترويع السكان، وتم دفن الضحايا في مقابر جماعية، ومنع المرتزقة أي نوع من العزاء أو التأبين.

عقب هذه الجرائم، فر العديد من أفراد عشيرة الشعيطات إلى مناطق أكثر أماناً، كمناطق شمال وشرق سوريا، بالإضافة إلى لجوئهم إلى العراق أيضاً، ما أدى إلى تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي للقبيلة، كما أضعفت هذه المجزرة قدرة العشيرة على المقاومة، ما سمح لداعش بتعزيز وجوده في المنطقة لفترة طويلة.

وجيه عشيرة الشعيطات عبد الرحمن الدغيفج، أوضح لوكالتنا أن: "المجتمع الدولي أدان هذه الجريمة النكراء، وكانت هناك إدانات كبيرة من جميع المنصات والمحافل الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة".

وبيّن عبد الرحمن الدغيفج: "لا تزال هناك آراء متطرفة يحملها بعض الأشخاص الذين تشرّبوا من هذا الفكر القائم على قتل الإنسان وهدم الحضارات".

وأوضح الدغيفج: "الأمر الأكثر أهمية هو ضرورة وجود تلاحم دولي ومحلي للقضاء على هذا الفكر المتطرف، يجب أن يتلقى المجتمع الناشئ الدعم اللوجستي والنفسي والعسكري لمواجهة هؤلاء المتطرفين الذين يعملون بشكل عصابات أو في جماعات متفرقة بهدف زعزعة الاستقرار في شمال وشرق سوريا".

وبتحرير دير الروز من مرتزقة داعش في آذار 2019، وتأسيس مجلس دير الزور المدني، عادت اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي إلى الواجهة من جديد.

ومع بداية عام 2024 لوحظ انتشار انتعاش مرتزقة داعش في البادية السورية، ومحاولته العودة، اذ قتلوا خلال هجماتهم منذ مطلع العام 478 شخصاً غالبيتهم من قوات حكومة دمشق، كما شهدت مقاطعة الرقة ودير الزور ومدينة الحسكة هجمات شنتها خلايا المرتزقة.

دعوات للتكاتف المحلي لمكافحة الإرهاب

ودعا الدغيفج لمدّ يد العون إلى الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، وفك الحصار عن مناطق الإقليم، وفتح الممرات التي تحمل الغذاء والدواء لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وقال: "يجب أن تكون هناك منظمات تعنى بالشؤون النفسية لمعالجة الآثار التي خلفها الإرهاب والضغوطات النفسية والجسدية على هذا المجتمع المتعب".

الرئيس المشترك لهيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتية الديمقراطية لمقاطعة الرقة، حسن مصطفى، أكد بالقول: "على شعوب المنطقة أن يكونوا يقظين لهذه الجرائم، ولا سيما مع انتشار خلايا مرتزقة داعش في الأيام الأخيرة، واستهداف العديد من سكان المنطقة، واستهداف النقاط العسكرية".

وأوضح مصطفى أن: "الهدف من هذه الهجمات واضحة، هي محاولة لزرع الرعب في نفوس سكان المنطقة، وتهجيرهم من بيوتهم".

وأكد مصطفى أن ما يقع على عاتق شعوب المنطقة، هو تطوير علاقاتهم مع بعضهم البعض، وتشكيل تحالفات قبلية قوية لمنع تحرك مثل هذه الخلايا، وإحباط محاولاتها في زرع الفوضى في المنطقة.

وأوضح مصطفى: "الالتفاف حول قوات سوريا الديمقراطية التي هي السبيل الوحيد لطيّ سجل مرتزقة داعش، والقضاء عليهم جغرافياً، ويجب نشر الوعي بين شعوب المنطقة، وعدم الانجرار وراء المخططات الإرهابية، وأن يكونوا مقتنعين تماماً بأن مرتزقة داعش باتت من الماضي، وما نشاهده حالياً ليست سوى فلول إرهابية نستطيع القضاء عليها بوحدتنا وتكاتفنا مع بعضنا".

وتبقى مجزرة الشعيطات شاهدة على الفظائع التي عاشها سكان المنطقة خلال فترة سيطرة مرتزقة داعش، وقد تمثل هذه المجزرة جزءاً من قصة أكبر حول الأزمة السورية، وتأثيرها المدمر على المدنيين، ما يستدعي الذاكرة، ويؤكد أهمية الوقوف ضد التطرف والعنف.

(أ)

ANHA