ذوو شاب تعرّض للتعذيب لإجبار أسرته على التجسّس: لن نرضخ

حاول علي ولي البالغ 17 عاماً من العمر العبور إلى أوروبا عبر تركيا بدافع علاج شقيقته، لكنّ الجنود الأتراك ألقوا القبض عليه وزجّوه في السجن ثمّ اختطفوه بعد 9 أشهر، وقاموا بتعذيبه وأرسلوا مشاهد عملية تعذيبه لأسرته، وتطالب أجهزة الاستخبارات التركية ذويه بالتجسّس لصالحها، إلّا أنّهم أكّدوا على عدم الرضوخ أمام هذه الضغوط.

ذوو شاب تعرّض للتعذيب لإجبار أسرته على التجسّس: لن نرضخ
3 نيسان 2024   05:01
الحسكة

ألقى الجنود الأتراك القبض على علي ولي (17 عاماً) من ناحية درباسية التابعة لمقاطعة الجزيرة، أثناء محاولته العبور إلى أوروبا عبر تركيا بدافع علاج شقيقته المصابة بالتوحّد، في الـ 22 من حزيران عام 2023، في ناحية قوسر في ماردين، ليُعتقل في سجن ماردين لـ 6 أشهر وسجن أرضروم ذو النوع (L) لـ 3 أشهر، ليُطلق سراحه في الـ 12 من آذار الجاري، ويُختطف من أمام بوابة السجن.

ولم يتلقّ ذوو علي ولي أي معلومات عنه طوال فترة اعتقاله، إلى أن هاتفهم عددٌ من الأشخاص بعد عدّة أيام من اختطافه وعرّفوا عن أنفسهم بأنّهم من أعضاء أجهزة الاستخبارات التركية، متحدّثين باللغتين التركية والعربية، وبحسب العائلة، فقد أرسل هؤلاء الأشخاص مشاهد لعملية تعذيب علي ولي وطالبوا أفراد العائلة بالتجسّس لصالحهم.   

واتصلوا بالعائلة من رقم هاتف تابع لإحدى الشركات التركية، فقامت العائلة بتسجيل المكالمة، ليتحدّث خلالها أوّلاً علي ولي مع والدته ويترجم التهديدات الموجهة إليه إلى اللغة الكردية، ويقول علي ولي في التسجيل الصوتي إنّه محتجزٌ في سوريا لكنّه لا يعلم في أي مكان بالضبط، كما أنّهم يهدّدونه باللغة العربية أيضاً ويطالبون والده بالتجسّس لصالحهم، ثمّ يمهلون العائلة أسبوعاً ويهدّدونهم بقتل ابنهم وتفجير سياراتهم وقصف منازلهم بالمسيّرات، في حال لم ينفّذوا طلباتهم.

وتحدّث ذوو علي ولي، لوكالتنا حول القضية التي نقلتها كذلك وكالة مزوبوتاميا للأنباء، حيث أكّدوا على أنّهم لن يرضخوا أو يستسلموا للتهديدات ودعوا جميع العوائل والأسر إلى عدم إرسال أبنائهم إلى خارج الوطن.

اعتُقل في قوسر

أوضحت والدة علي ولي، نجمة موسى، أنّ ابنها توجّه إلى تركيا العام الماضي بهدف العبور إلى أوروبا، فاعتُقل هناك من قبل أجهزة الاستخبارات التركية، وقالت: "لدينا ولدان وابنة واحدة، وابنتي تعاني من التوحد، ولا يوجد علاج لهذا المرض في سوريا، لذا ارتأى ابني التوجه إلى أوروبا لإيجاد علاج لشقيقته، لذا توجه إلى ألمانيا عبر أوروبا، وأراد التواصل مع الأطباء هناك لإيجاد وسائل العلاج، وعبر إلى تركيا بمساعدة بعض أقربائنا في ناحية قوسر التابعة لماردين، ليُعتقل في الحافلة من قبل الجنود الأتراك وهو في طريقه من قوسر إلى إسطنبول".

وأشارت نجمة موسى إلى أنّ ابنها اعتُقل من قبل أجهزة الاستخبارات التركية بدون أي سبب، وقالت: "عندما علمنا باعتقال علي، وكّلنا له محامٍ وحاولنا معرفة سبب اعتقاله، لكنّهم لم يبلغونا بأي سبب حقيقي، لقد بلغ ابني علي عامه السابع عشر حديثاً واعتقلته أجهزة الاستخبارات التركية بلا سبب وعذّبوه وجوعوه، لقد مثّل أمام القاضي 4 مرات، واعتقل في سجن ماردين لـ 6 أشهر وسجن أرضروم لـ 3 أشهر وكانت جلسته الرابعة في المحكمة في 12 آذار الجاري، وأخبرنا محاميه بأنّه تمّ إطلاق سراحه".

"يطلبون منا التجسس لصالحهم"

وكشفت نجمة موسى عن أنّها لم تكن قد تواصلت مع ابنها منذ 9 أشهر إلى أن هاتفها في الـ 13 من آذار الجاري وأخبرها بأنّهم يوجهون مسدساً على جبينه وهو يتحدّث، وتابعت حديثها قائلةً: "اتصل بي ابني وقال' إنّهم يوجهون مسدساً إلى رأسي ويداي مقيدة' كما أرسل لي أعضاء الاستخبارات التركية صورة له، ولكنّني تعرّفت عليه بصعوبة فقد أصبح هزيلاً ونحيفاً جداً بسبب التعذيب، ومنذ أن رأيت ابني بهذه الحالة وإلى الآن لم أذق طعم الراحة أو السكينة لحظة، لقد عذّبوا عزيزي علي، وهذا لا يفارق مخيلتي".

هدّدوا جميع أفراد الأسرة بالقتل

وأشارت نجمة موسى إلى أنّ الخاطفين هدّدوهم جميعاً بالقتل وتابعت حديثها قائلةً: "اتّصلوا بي مرة أخرى وسألوا عن زوجي حسين، لقد كان من يتحدّث إلي تركياً وكان بجانبه شخص آخر يترجم الحديث إلى اللغة الكردية، لقد قالوا إنّهم سيقتلون ابني، فقلت لهم أن ابني بريء ولم يرتكب أي جريمة، لقد خرج إلى الطريق لإيجاد علاج لشقيقته، فقالوا إنّهم سيقتلون زوجي وابني وجميع أفراد أسرتي ونفجّر السيارة المركونة أمام منزلكم، فقلت لهم بأنّني استودعت ابني عند الله، وبعد أن قلت ذلك، عاود عضو الاستخبارات التركية تهديدي مجدداً، وطلب منّي التجسس لصالحهم، وأخبرني بأنّهم يمهلوننا أسبوعاً واحداً فقط ليعيد زوجي الاتصال بهم ويبلغهم بقرارنا، فقلت لهم إنّنا لا نعلم شيئاً، وليس لدينا ما نخبرهم به".

"لم أتلقّ أي معلومات عن ابني بعد هذه التهديدات"

أوضحت نجمة علي أنّهم لم يتلقوا أي معلومات عن ابنهم بعد هذه التهديدات وقالت: "ليس لابني أي ذنب، والسبب الوحيد لهذه الأِشياء هو أنّنا كرد، لقد اعتقلوا واختطفوا وعذّبوا وقتلوا المئات من أبناء الكرد كعلي، ما ذنبهم؟ ولم يصل صوت هؤلاء الشبان والأطفال لأسرهم، فما ذنب هذه الأسر؟ ما ذنب أمهاتهم؟ إنّني أم ولدي أبناء وابنتي مريضة وأنا مسؤولة عنها، أثناء تواصل أعضاء الاستخبارات التركية معي، سألتهم’ ألا تتبعون القوانين؟ ‘فقالوا’ إنّنا لا نتبع أي قوانين، لا قانون هنا ‘لقد أرسلت لهم حتّى الوثائق الخاصة بمرض ابنتي، وكان ابني يقول بصوت خافت إنّه جائع وعطش ومكبّل اليدين.. ولم أتلقّ أي معلومات عنه منذ ذلك الوقت، لقد أُطلق سراحه في الـ 12 من آذار الجاري واختُطف من قبل أجهزة الاستخبارات التركية في اليوم ذاته، ويجري احتجازه في مخيمٍ لا نعلم حتّى اسمه، وليست لدينا أي معلومات غير ذلك".

"لا تتركوا أرضكم"

وتوجّهت نجمة موسى بحديثها إلى جميع الأسر والعوائل وقالت: "أدعو الجميع إلى عدم إرسال أبنائهم إلى الخارج، لا تبتعدوا عن أرضكم واحموا أبناءكم، صحيح أنّنا أرسلنا ابننا إلى الخارج لكنّنا أخطأنا".

وكشف والد علي ولي، حسين ولي عن أنّهم بدأوا الإجراءات القانونية من خلال توكيل محامٍ لابنهم فور سماعهم باعتقاله، وقال: "أخبرنا المحامي بأنّ ابننا غير متّهم بأي جريمة ويجب إطلاق سراحه، وعندما تمّ إطلاق سراحه، أردنا الالتزام بالقانون وأردنا إعادته إلى روج آفا، بعدها تواصل معنا المحامي وقال:  إنّ الدرك قاموا بأخذه وسيضعونه في إحدى المخيمات، ثمّ اتّصلوا بأسرتي وهدّدونا، وقال الخاطفون بأنّهم أعضاء في أجهزة الاستخبارات التركية".

"لن نستسلم لأجهزة الاستخبارات التركية"

أكّد حسين ولي على عدم الرضوخ أو الاستسلام لأجهزة الاستخبارات التركية واختتم حديثه قائلاً: "يسعون إلى التحكّم بنا عبر أساليب الحرب الخاصة هذه، يريدون منّا أن نفعل ما يقولون، لكن لا يمكننا قبول ذلك، لا يمكن لنا أن نعادي شعبنا وجيراننا، فهذا منافٍ لأخلاق المجتمع، إنّهم يهدّدون ابننا الذي يعتقلونه منذ عام، لكن جميع أبناء هذه الأرض أبناؤنا، ولا يمكن أن نرضخ أو نستسلم لأجهزة الاستخبارات التركية بعد كلّ هؤلاء الشهداء وثورة روج آفا".

(ر)