خلال ندوة في القاهرة... الإدارة الذاتية تطبيق ذكي لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية

عبّر مشاركون في ندوة عقدت في القاهرة، عن إعجابهم بفكر القائد عبد الله أوجلان، وأكدوا أن الإدارة الذاتية تطبيق جديد ذكي لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية التي طرحها.

خلال ندوة في القاهرة... الإدارة الذاتية تطبيق ذكي لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية
خلال ندوة في القاهرة... الإدارة الذاتية تطبيق ذكي لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية
خلال ندوة في القاهرة... الإدارة الذاتية تطبيق ذكي لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية
2 يلول 2024   14:42
مركز الأخبار

استضاف مركز أتون للدراسات ومقره القاهرة، ندوة عُقدت بعنوان "نحو وستفاليا مشرقية"، في أولى ندوات صالونه الثقافي، تمحورت حول الكثير من إشكاليات الشرق الأوسط وشعوب وقوميات المنطقة، بحضور مجموعة من المثقفين والدبلوماسيين والأكاديميين والسياسيين والصحفيين، من مصر والعراق وسوريا واليمن، الذين شاركوا بآرائهم، وبعض من أفكارهم ورؤاهم حول مستقبل المنطقة.

وخلال الندوة قال الكاتب الصحفي فتحي محمود مدير مركز أتون "إن منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى "وستفاليا جديدة" أي حل يشبه معاهدة صلح وستفاليا التي أبرمت عام 1648 في أوروبا والتي أنهت الحروب الدينية وأسست لمرحلة جديدة تقوم على الاحترام والاعتراف المتبادل، مؤكداً الحاجة إلى نموذج مشابه في ظل الأزمات التي تعيشها كثير من دول المنطقة، لا سيما على صعيد العلاقات بين القوميات الأربع الرئيسة (العرب والكرد والفرس والترك)، وكذلك على صعيد العلاقات بين الأديان والمذاهب".

جاذبية أفكار القائد عبدالله أوجلان

وتوقف الدكتور والمفكر العراقي، عبد الحسين شعبان، في تناوله لقضايا وإشكاليات المنطقة عند أفكار القائد عبد الله أوجلان، والذي وصفه بأنه "الزعيم المغيّب منذ ربع قرن" في إشارة إلى سجنه بجزيرة إمرالي في تركيا، وقال إنه "طرح فكرة تكتسب جاذبية الآن أكثر فأكثر، وهي فكرة الأمة الديمقراطية التي تقوم على أن الدولة القومية إذا اقتنعت بحقوق الكرد فيمكن حل الأزمة سلمياً بالتفاهم والتعايش، ولكن إذا لم تقتنع القومية الكبرى بهذه الفكرة، فلا بد لأصحاب الحق (القومية الأصغر) أن يتخذوا قرارهم بما أسماه شبه الاستقلال الديمقراطي، وعلى الكرد تحمّل مسؤوليتهم على هذا الصعيد بالتمايز".

وأضاف شعبان، إن " الحل الذي طرحه ربما يندرج في مفهوم نظري، بدأ منذ نهايات القرن الـ 19 عشر، وقد طرحته المدرسة الاشتراكية العلمية، التي تحدثت عن فكرة حق تقرير المصير، والتي تعني أن للأمم والشعوب حقها في تقرير مصيرها بحرية دون أن يعني ذلك إلحاق ضرر بالآخر الشريك في الوطن، مشدداً على أن ثمن الحروب فادح دائماً وهذا ما أكدته تجارب العراق وسوريا واليمن والسودان ولبنان وليبيا والصومال وتركيا، وبالتالي لا بد من التفكير في حلول ومعالجات".

وفي هذا السياق، لفت المفكر العراقي إلى تبنّي أفكار الإدارة الذاتية، والتي اعتبرها "تطبيقاً جديداً ذكياً لفكرة الحل الديمقراطي والأمة الديمقراطية دون الانسلاخ عن الدولة القومية وإنما الضغط على الأخيرة للاعتراف بالقوميات الأخرى في إطار الوحدة الوطنية".

إفراغ المنطقة من تنوعها

وفي سياق تقديمه لطرحه حول وستفاليا جديدة، ذكر المفكر العراقي بعضاً من أغوار خريطة الصراعات في المنطقة بما تتضمن من قوميات رئيسة (العرب والترك والفرس والكرد)، مشيراً إلى أن القومية الأخيرة لديها كل ما يؤهلها لتكون من أهم قوميات المنطقة، ومؤكداً هنا الحاجة إلى تسويات دينية ومذهبية حتى لا تستغل تلك الخلافات من قبل السنية السياسية أو الشيعية السياسية.

وتطرق شعبان إلى مسألة اعتبرها في "غاية الخطورة"، وهي " إفراغ المنطقة من تنوعها الهوياتي والثقافي وتحويلها إلى دول مجهرية، وضرب مثلاً بإفراغ الشرق الأوسط من المسيحيين بشكل تدريجي، مدللاً على ذلك بمدينة القدس التي قال إن عدد المسيحيين بها كان 50 ألفاً قبل الاحتلال الإسرائيلي، أما الآن فلا يتجاوز عددهم 5 آلاف، ودولة مثل سوريا كان عدد المسيحيين فيها نحو 16% من السكان، أما الآن فلا يتجاوزون 6%، وتساءل مجدداً لماذا يراد إفراغ المنطقة من المسيحيين، معتبراً أن هذا الإفراغ يعبّر عن تحديات كبرى تواجه المنطقة، قائلاً إنه إذا كان برنارد لويس يطرح عام 1979 تقسيم دول المنطقة إلى 41 كياناً وأن تتحوّل دول المنطقة إلى كيانات مجهرية، فإن الشرق الأوسط سيتحوّل إلى أقليات تكون فيها إسرائيل هي المتفوقة بما تتقدم به وما تتلقاه من دعم للغرب".

ولفت إلى أن هذا العرض والمعلومات التي أشار إليها تصب باتجاه الدعوة إلى وستفاليا مشرقية الآن، قائلاً إنه في غيابها، وإذا استمر الوضع الحالي، فإن المنطقة ستندثر تباعاً إلى التشرذم، وستنشأ كيانات ودوقيات وإمارات مجهرية، مشدداً على أن الدعوة إلى وستفاليا تكتسب أهمية كبيرة نتيجة ما وصلت إليه المنطقة.

وتحت فكرة مفاوضات 50 عاماً ولا حرب لساعة، استعرض الدكتور عبد الحسين شعبان بعضاً من التفاصيل التاريخية لاتفاقية وستفاليا، موضحاً أنها "معاهدة أو صلح أبرم عام 1648 بعد حرب دامت 30 عاماً، كان لها آثار كارثية على البشرية، مشيراً إلى أن المناطق التي تشكل ألمانيا التي نعرفها الآن، فقدت 13 مليون إنسان منها على الأقل في هذه الحرب التي جاءت بعد حرب الـ100 عام التي راح خلالها ملايين البشر، موضحاً أن وستفاليا اكتسبت أهميتها من كونها وضعت نظاماً جديداً يقوم على عناصر رئيسة أبرزها الاعتراف المتبادل بالسيادة، وحق ممارسة الشعائر والطقوس الدينية والمذهبية بحرية، وحق مرور البضائع والسلع دون اعتراضات مع رسوم معينة يتم الاتفاق عليها، والتأسيس للدولة القومية في أوروبا أو الدولة الأمة".

إنهاء الصراعات

كما استعرض أزمات العراق وسوريا وإيران وتركيا وما خلفته الصراعات القومية، ليؤكد "الحاجة إلى وستفاليا في كل بلد عربي من شأنها تحقيق الوحدة الوطنية، والتي يقول إنها لن تتحقق دون مصالحة وطنية، ولن تتحقق مصالحة وطنية دون مصارحة، ولا مصارحة دون تبادل معلومات وثقة وتفاهمات، مشيراً إلى أن العلاقات بين دول الإقليم تقوم على الريبة والشك والاستقواء والمصالح غير المشروعة أحياناً مثل تطلعات إيران وتركيا وكذلك الطغيان الخارجي الأمريكي في العراق، معتبراً أن التفاهم بين دول المنطقة ضرورة للحصول على الاستقلال الحقيقي وتحقيق التنمية وإقامة مشروعات نهضوية حقيقية وتفاهمات جدية بعيداً عن التناقضات الثانوية مثل الشيعة والسنة والمسلمين والمسيحيين والمسلمين وغيرهم من الأديان".

ويشدد شعبان على أهمية الاعتراف المتبادل بحقوق المجموعات الثقافية المختلفة، فالحقوق ناقصة وفقاً له إن لم يتم الاعتراف بحقوق الآخر على أساس مبدأ الحق في تقرير المصير، والأخير مبدأ قانوني لا يعني الانفصال بالضرورة فيبدأ من المواطنة الكاملة ويمر بالحكم الذاتي والفيدرالية والكونفيدرالية، منتقداً استخدام كلمة الأقليات كونها تستبطن الهيمنة، ولذلك يفضل استخدام توصيف مجموعة ثقافية، وقال نصاً: "عروبتي ستكون ناقصة، وإسلاميتي ستكون ناقصة، إذا لم أعترف بحقوق الآخرين".

وقال شعبان إنه لو استطعنا حل قضية الأديان في السودان منذ عام 1956، لما وصلنا إلى انفصال جنوب السودان، ولو استطعنا حل القضية الكردية في العراق منذ بداية الدولة العراقية أو على الأٌقل بعد عام 1958 لما وصلنا لما وصلنا إليه الآن، ولو استطعنا حلها في تركيا لما كانت أهدرت الدماء ولا الموارد ولا تعطلت التنمية، والأمر يتعلق أيضاً بحقوق الكرد في سوريا وكذلك ما يتعلق باتباع الأديان الأخرى، وبالتالي يؤكد أنه حين يدعو إلى الحوار بين القوميات الأربع الرئيسة، فإن هذا لأنه لا سبيل لهم إلا العيش المشترك معاً، حتى لو كان هناك بعض من هذه الدول سواء تركيا وإيران لديهما مشروعاً خاصاً بهما في المنطقة، وهنا تساءل عن المشروع العربي، داعياً الدول العربية هي الأخرى إلى بناء مشروع عربي نهضوي يمكن أن ينهض بتعاون بين هذه الأمم التي تشكل المنطقة.

نحو "وستفاليا مشرقية"

ثم أخذ المفكر العراقي يؤصل لدعوته لـ وستفاليا مشرقية، والتي قال إنها "بحاجة إلى 5 روافع رئيسة، فهناك الرافعة التعاقدية التشريعية القانونية على صعيد كل بلد عربي، أن يتم الاعتراف بالمواطنة المتساوية المتكافئة والتشاركية، وعلى صعيد العلاقات الثنائية إعادة الاعتبار للحوار كوسيلة للتعاطي مع المنازعات والحل السلمي للمنازعات بين الدول واحترام السيادة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، واحترام الاستقلال السياسي ووحدة الأراضي، مشيراً إلى أن كلها مبادئ معروفة في القانون الدولي ومثبتة في ميثاق الأمم المتحدة".

ويلفت كذلك إلى "أن وستفاليا الجديدة تحتاج إلى منهجية تعليمية تربوية جديدة تعلم احترام وقبول الآخر، وتتطلب تنقية المناهج من كل ما يسيء للآخر سواء على أسس قومية أو دينية أو عرقية أو مذهبية واحترام حق الاختلاف الذي يبدأ من الطفولة، كما أكد كذلك الحاجة إلى نظام قضائي في كل بلد عربي على أن يقوم على العدالة، وكذلك الحاجة إلى أن تكون هناك وسائل تحكيم بشأن الأمور المختلف عليها بين البلدان العربية والإقليمية، سواء كانت حدودية أو اجتماعية أو اقتصادية أو جغرافية، أيضاً أكد الحاجة إلى دور للمجتمع المدني، مبدياً أسفه لتلاشي دور المجتمع المدني الذي نهض في الدول العربية خلال التسعينيات، مشيراً أيضاً إلى الحاجة لأن يكون هناك دور للإعلام على هذا التصعيد، مشدداً كذلك على ضرورة الحوار".

(ل م)