أم وابنها على درب الحرية

أرسلت أحد أبنائها للالتحاق بصفوف حركة التحرّر الكردستانيّة في سبيل الحرية، واتّبعت هي نهج حرية المرأة، بينما انضمّ ابنها الآخر إلى جبهات الدفاع عن أرض الوطن، لتصبح هي وابنها هدفاً للدنيئين.

أم وابنها على درب الحرية
4 يلول 2024   04:00
قامشلو
سيما بروكي

في 23 آب، انفجرت سيارة في حي العنترية في مدينة قامشلو بمقاطعة الجزيرة، وأسفر الانفجار عن استشهاد الأم خالدة عيسى وابنها هجار عدنان سليمان. 

وبعد التحقيق في الحادثة، تبيّن أن شخصاً أو مجموعة من الأفراد الدنيئين قد زرعوا قنبلة في السيارة. وعندما كانت خالدة وابنها هجار في طريق العودة إلى منزلهما، انفجرت القنبلة الموقوتة، واستُشهدت الأم وابنها.

البحث عن الحرية والأنشطة في هذا المجال

وُلدت خالدة عيسى في مدينة تربه سبية عام 1979، وهي الشقيقة الكبرى في عائلة مكونة من والدين و9 أشقاء وشقيقات، لذا كانت تتحمّل مسؤولية أخوتها وأخواتها وتشارك في العناية بشقيقاتها الخمس الأصغر منها.

تزوّجت خالدة في عام 1997، وأنجبت 4 أطفال (3 أبناء وابنة) ونشأت كالآلاف من الأمهات والنساء الكرديات وسط القمع والاضطهاد والهجمات من قبل المحتلّين، مما زاد من بحثها عن الحرية، وعندما انطلقت ثورة 19 تموز 2012، اعتبرت هذه فرصة عظيمة وانخرطت في أنشطتها.  

بدأت العمل كعضوة في كومين الشهيد جسور في حي العنترية بمدينة قامشلو عام 2014، وبعدها بـ 4 سنوات، تولّت مهام الرئاسة المشتركة للكومين، وفي هذه الأثناء كانت تدير شؤون الكومين من جهة وتنمّي وتطوّر نفسها على الصعيد الفكري من جهةٍ أخرى، وكنتيجة لهذا النضال، انضمّت إلى مؤتمر ستار وعُيّنت كإداريّة للمؤتمر في حي العنترية؛ وواصلت عملها ضمن مؤتمر ستار حتّى لحظة استشهادها.

"كانت مرشدتي"

تصف والدة الشهيدة خالدة، خديجة عيسى ابنتها بـ "الرفيقة، صاحبة الروح والمرشدة، وقالت: "كانت جبلاً شامخاً أستند عليه".

وأشار زوج خالدة، عدنان سليمان إلى أنّهم كانوا يستمدّون منها القوّة كعائلة، وفي سياق النقاشات الدائرة في المنزل حول الوضع في المنطقة والنضال، كان عدنان يعرض صوره وزوجته وأبناءه خلال الفعاليات والأنشطة الثورية في تأكيدٍ على كلامه.

وأوضحت عضوة مؤتمر ستار في حي العنترية، هندرين سليم التي تعرف الشهيدة خالدة منذ عام 2020، أنّها لم تكن تسمح بأي تقصير في العمل وكانت تجد نفسها مسؤولة عنه.

انضمام اثنين من أبنائها إلى صفوف النضال

لم يقتصر كفاح الشهيدة خالدة على العمل في الكومين والمجتمع فقط، فانطلاقاً من مقولة "اعرف نفسك"، بذلت جهوداً عظيمة داخل أسرتها وعائلتها أيضاً، ونتيجة ذلك، التحق أحد أبنائها عام 2016 بصفوف حركة التحرّر الكردستانيّة.

وانضمّ ابنها هجار سليمان الذي استُشهد معها في الانفجار، إلى صفوف وحدات حماية الشعب عام 2014، وشارك في حملات تحرير شنكال (2014)، ومنبج (2016)، والرقة (2016)، والطبقة (2017)؛ وأُصيب في ساقه خلال حملة تحرير الرقة.

بعدها انضمّ هجار عام 2018 إلى قوات الحماية الذاتية، وإلى قوات مكافحة المخدرات التابعة لقوى الأمن الداخلي عام 2019.

"كان رفيقاً متفانياً وقديراً"

وصف رفيق الشهيد هجار سليمان، والمقاتل في وحدات حماية الشعب، سيبان قامشلو الذي يعرف الشهيد هجار منذ عام 2013، بـ "الشاب المتفاني والذي يتحلّى بالإيثار في مجتمعه"؛ وقال: "كان شخصاً يمكن له أن يؤدّي عمل رفاقه، كان هذا أسلوبه في الرفاقية، كان رفيقاً قديراً".

علاقة الأم وابنها

وأشار والد الشهيد هجار، عدنان سليمان إلى مدى الارتباط الوثيق بين الشهيد هجار ووالدته الشهيدة خالدة، ولفت إلى أنّهما كانا أشبه بروح واحدة، وقال: " كانا متعلّقين ببعضهما لدرجة أنهما كانا يقولان: "إذا كنا سنموت، فلنمت معاً." لقد كان استشهادهما مؤلماً جداً بالنسبة لنا، وجعلنا ندرك أن جهودنا من أجل وطننا ليست كافية. لذا، سنعزّز نضالنا أكثر".

(ر)

ANHA