أربعة محتلين والعدو واحد

من المعلوم أن هناك صراعات وتناقضات عميقة بين كل من تركيا وإيران والعراق وسوريا، إلا أن هذه الدول تضع جميع خلافاتها جانباً إذا تعلق الموضوع بمعاداة الشعب الكردي.

أربعة محتلين والعدو واحد
الإثنين 18 تشرين الثاني, 2019   03:03
هيفين حسن

في عام 1975 وبرعاية الولايات المتحدة الأمريكية اجتمعت الدول الأربع في الجزائر وعقدوا اتفاقية سرية ضد الشعب الكردي، فيما سميت وقتها باتفاقية الجزائر.

خلال الحرب العالمية الثانية والتي امتدت إلى الشرق الأوسط وكردستان، بدأت الدول الأربع (تركيا، العراق، إيران وسوريا) مرة أخرى بالبحث عن مخطط جديد لإبادة الشعب الكردي.

إيران تعمل على قمع الشعب الكردي من خلال أعواد المشانق

في دولة العراق التي تشهد صراعات مذهبية وطائفية، والتي تحوّلت أيضاً إلى ساحة لصراع النفوذ بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، هذه الدولة وفي مسعى منها إلى استعادة قوتها ونفوذها، تبحث الآن عن مخارج وسُبُل جديدة لإزالة وإخراج النظام الفيدرالي من الدستور العراقي.

أما في سوريا وبعد حرب أهلية استمرت لـ 9 أعوام، وبدء الحديث والجدل عن سُبُل للحل، فإن هذه الدولة تسعى إلى تهميش وإقصاء أكبر قوة سياسية وعسكرية على الأرض وهم الكرد، وإخراجهم من معادلة الحل السياسي.

الدولة التركية التي تأسست وحافظت على وجودها والعمل على إعداد سياسات ومخططات لإبادة الشعب الكردي، فإنها تجرب الآن مختلف السُبُل من أجل إبادة الشعب الكردي.

أقدمت سلطات حزب أردوغان حتى الآن على الاستيلاء على 23 بلدية عائدة لحزب الشعوب الديمقراطية واعتقال الرؤساء المشتركين لهذه البلديات، إضافة إلى مواصلة اعتقال عشرات الآلاف من الكرد في إطار سياسة إبادة سياسية موسّعة.

إن مخططات الدول المعادية للشعب الكردي على مدى قرن من الزمن، تحولت في يومنا هذا إلى هجوم للقيام بإبادة شاملة، وذلك من خلال مخططات مشتركة سواء على المدى القريب أو البعيد.

وتسعى هذه الدول الآن إلى رسم قدر مشترك (قدر الإبادة) لمكتسبات الشعب الكردي في روج آفا وجنوب كردستان، من خلال استهداف الكيان الكردي الموجود في جنوب كردستان، وكذلك الكيان الذي تأسس في شمال وشرق سوريا المتمثل بالإدارة المحلية والمكتسبات الديمقراطية التي تحققت هناك.

ودون الذهاب بعيداً والبحث في ماضي هذه الدول، فإن نظرة خاطفة لسلسلة اللقاءات والاجتماعات التي تُعقد بين هذه الدول منذ عام 2017، سوف تكشف العديد من الحقائق والمخططات المشتركة.

في شهر آب من عام 2017 أجرى قائد أركان الجيش الإيراني محمد باقري ثلاث زيارات متتالية إلى تركيا، وتُعتبر تلك الزيارات هي الأولى من نوعها منذ أكثر من 38 عاماً لجنرال رفيع المستوى إلى تركيا، باقري التقى خلال زيارته كل من القائد العام للجيش التركي خلوصي آكار وكذلك التقى بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وجاء في التصريحات المشتركة التي أدلى بها الجانبان عقب الزيارات:

"خلال الاجتماعات ناقش الجانبان سُبُل العمل المشترك في محاربة المنظمات الإرهابية التي تهدد أمن المنطقة، إضافة إلى موضوع استفتاء الاستقلال المقرر إجراؤه في جنوب كردستان في 25 أيلول 2017".

وبتاريخ الثاني من شهر تشرين الأول عام 2017 زار خلوصي آكار طهران، لبحث موضوع "أمن المنطقة والعمل المشترك ضد الإرهاب".

إيران تدعم المجموعات الشيعية في المنطقة، بينما تدعم تركيا المجموعات السنية الجهادية والسلفية. ورغم هذا التناقض إلا أن ما تقصده الدولتان بالإرهاب هو "الشعب الكردي".

وبهدف تنفيذ هذه الأهداف المذكورة توجّه أردوغان بتاريخ 4 تشرين الأول عام 2017 إلى طهران. وحول سبب ودواعي زيارته قال أردوغان "لدينا علاقات جدية وتواصل مستمر مع إيران، وزيارتنا هذه تتعلق بالعمل المشترك ضد الإرهاب، وجود الإرهاب في قنديل قضية مهمة، سوف نبحث هذين الموضوعين خلال الزيارة".

ورافق أردوغان خلال زيارته إلى إيران كل من رئيس جهاز المخابرات التركية (الميت) هاكان فيدان ومساعده.

وعقد اجتماع مهم جداً في طهران في إطار هذه اللقاءات.

اجتمع مسؤولو أجهزة الاستخبارات التركية والعراقية والسورية والإيرانية بشكل سري بهدف التوصل إلى موقف مشترك ضد الكرد. وحضر من الجانب التركي في الاجتماع رئيس جهاز المخابرات هاكان فيدان، ومن الجانب العراقي مسؤول الأمن العراقي فالح فياض، ومن الجانب السوري مسؤول المخابرات علي مملوك إضافة إلى رئيس المخابرات الإيرانية.

وتوصل المجتمعون خلال الاجتماع إلى جملة قرارات وتفاهمات في إطار إيجاد سياسات مشتركة لمواجهة مكتسبات الشعب الكردي في أجزاء كردستان، وخرج الاجتماع بجملة من القرارات وهي:

- القضاء على روج آفا.

-  القضاء على النظام الفيدرالي الموجود في جنوب كردستان، واعتبار المدن الكردية كمحافظات عراقية مرتبطة ببغداد.

وفي يومنا الراهن أيضاً تستمر مخططات أجهزة المخابرات التركية والعراقية والإيرانية والسورية ضد الشعب الكردي.

في تصريح له قال الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 20 أيار من العام الجاري "الهيئة السورية اجتمعت مع هاكان فيدان في طهران، كما التقت معه أيضاً في معبر كسب الحدودي".

وفي جنوب كردستان أقدمت الدولة التركية على تأسيس قواعد جديدة للجيش التركي. وبعد هولير انتشرت المخابرات التركية في مناطق السليمانية، وعليه فإن احتلال روج آفا وقصف شنكال كلها تطورات مترابطة ومخططة بناء على هذه السياسات.

(ك)

ANHA