محاولات توغل تركيا الأردوغانية تصطدم بجدار خليجي في المنطقة العربية

اصطدمت المحاولات التركية للتوغل في العالم العربي في الفترة الأخيرة بيقظة عربية متأخرة بدأت تبرز في عدة خطوات تقودها المملكة العربية السعودية بجانب مصر كما صار الوجود التركي الاقتصادي في عدد من بلدان المغرب العربي مثار جدل.

محاولات توغل تركيا الأردوغانية تصطدم بجدار خليجي في المنطقة العربية
2 مايو 2018   01:30

الطبقة

سببت سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزلة دولية وإقليمية وعربية للبلد الذي احتل الوطن العربي لمدة تقارب 4 قرون من الزمن وواصل احتلاله لتك البلدان عبر أساليب مختلفة من غزو لأسواقها وترويج لأفكار العثمانية عبر مسلسلات عرضت على الشاشات العربية بهدف الترويج لتوجهات أردوغان ولإظهار تركيا بشكل معاكس لما هو عليه واقع الحال في البلد الذي يخضع لحالة الطوارئ منذ أكثر من عام وتقبع المعارضة في السجون.

وإلى جانب الخلافات المتصاعدة بين تركيا والاتحاد الأوربي على خلفية السجل السيء للدولة التركية في مجال حقوق الإنسان وتهديدات أردوغان المتواصلة لبلدان الاتحاد الأوربي وابتزازها بمسألة اللاجئين السوريين على الأراضي التركية، تواجه تركيا توتراً غير مسبوق مع الولايات المتحدة على خلفية اختلاف مواقف البلدين في التعاطي مع الملف السوري.

وزاد التدخل التركي في سوريا واحتلالها أجزاء واسعة من الشمال السوري واحتلالها أجزاء من الموصل العراقية العزلة التركية وبدأت الكثير من التحركات العربية التي تقودها بلدان مثل السعودية ومصر والإمارات العربية تتبلور مع خطوات فعلية في سعي عربي لإخراج تركيا من المنطقة العربية.

ودأبت تركيا كما تفعل إيران على استثمار الخلافات العربية -  العربية للتدخل في شؤون تلك البلدان في حالة تشبه الصيد في الماء العكر، إن جاز التعبير.

لكن العامين الأخيرين شهدا فتوراً في العلاقات العربية -  التركية بعدما أزال الاحتلال التركي لأجزاء من شمال سوريا القناع عن النوايا التركية في احتلال المنطقة العربية مجدداً وإعادة بناء الإمبراطورية العثمانية.

وكانت تركيا لفترة طويلة تخطط للتوغل في شمال سوريا بالتنسيق مع المملكة العربية السعودية وذلك في عام 2016 إلا أن هذه المحاولات جوبهت برفض روسي وإيراني ما دفع البلدين للتراجع عن ذلك المخطط. لكن تركيا بدأت تنسج خيوطها بالتعاون مع روسيا وإيران عدوة المملكة العربية السعودية وبالفعل تمكنت من احتلال عدة مدن في الشمال السوري وهو ما أثار حفيظة السعودية وبلدان الخليج العربي بشكل عام.

ربما كانت تلك بداية الأزمة، التي تعمقت مع اصطفاف تركيا بجانب قطر في خلافها مع دول الخليج العربي ومحاولة تركيا إظهار نفسها كوسيط بين قطر وبلدان الخليج لكن إرسال تركيا لقوات إلى قطر أفقدها المصداقية وأيقنت بلدان الخليج أن تركيا لا يمكن أن تكون وسيطاً نزيها وهي التي عززت وجودها في قطر مستفيدة من أزمتها الاقتصادية.

وبالتوازي مع التحركات السياسية التركية لغزو المنطقة العربية كانت الأسواق في البدان العربية تعج بالمنتجات التركية بشكل أثر على المنتجات المحلية في تلك البدان ما أثار حفيظة التجار المحليين.

التحرك العربي لإبعاد تركيا عن العالم العربي بدأ في مسارين متوازيين سياسياً واقتصادياً، فكانت البداية مع وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد الذي نشر تغريدة  يتهم فيها الأمير فخر الدين باشا في عام 1916م قام بسرقة أموال أهل المدينة وخطفهم وترحيلهم إلى الشام وإسطنبول برحلة سُميت (سفر برلك) وأكد سرقة الأتراك لأغلب مخطوطات المكتبة المحمودية بالمدينة وإرسالها إلى تركيا.

الرد العربي لم يتوقف عند ذلك الحد بل امتد إلى الأوساط السعودية أيضاً، حيث وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان تركيا بأنها جزء من "مثلث الشر" في المنطقة إلى جانب إيران والجماعات الإسلامية المتشددة، حسبما ذكرت صحيفة الشروق المصرية في وقت سابق، وهو ما نفته السفارة السعودية في أنقرة.

ولكن رغم النفي السعودي إلا أن مجموعة mbc السعودية أوقفت بث المسلسلات التركية وحصلت جريدة النهار على بيان للمجموعة "بموجب قرار شمل منابر إعلامية وقنوات تلفزيونية متعدّدة، في عددٍ من البلدان والعواصم العربية، أصبحت الدراما التركية كلياً خارج القنوات المنتمية إلى "مجموعة MBC" في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذلك اعتباراً من مساء الأول من آذار الجاري، وحتى إشعارٍ آخر".

هذه الخطوة من قبل مجموعة  mbc  تدعم الخطط العربية لإخراج تركيا من المنطقة العربية ووضع حد لها بعدما اتضحت مطامع تركيا الأردوغانية في إعادة بناء الإمبراطورية العثمانية عبر اللعب على وتر الخلافات العربية الداخلية.

وفي آخر قمة للزعماء العرب التي عقدت في مدينة ظهران السعودية نقلت فضائيات سعودية أن الزعماء العرب ناقشوا الاحتلال التركي لعفرين لتتبلور المساعي العربية بشكل أوضح.

ولم تكتف البلدان العربية بممارسة ضغوط سياسية على تركيا بل امتدت الضغوط إلى ميدان الاقتصاد، حيث رفعت الحكومة المغربية مطلع العام الجاري، من قيمة الضرائب التي جددت فرضها على الواردات التركية من منتوجات النسيج والألبسة إلى 90 بالمائة.

وتنبئ هذه التحركات العربية بعزلة متصاعدة على تركيا التي تواصل تدخلها في العواصم العربية وربما سيكون من الصعب على تركيا إيجاد حلفاء لها في المنطقة العربية وسيؤثر إغلاق الأسواق العربية في وجه منتجاتها ضربة أخرى للاقتصاد التركي المتهالك أساساً جراء حالة القلق المتصاعدة في الشارع التركي وهبوط قياسي لليرة التركية مقابل الدولار.

(م)

ANHA