في ذكرى تحريرها الثامنة.. الطبقة تحرسها سواعد مكوناتها المتكاتفة  

بعد ثماني سنوات على تحرير مقاطعة الطبقة من مرتزقة داعش، يؤكد أبناؤها استمرار مقاومتهم والمحافظة على مكتسبات شهدائهم، التي تمثل دافعاً للمضي قدماً في حماية الأرض. ويؤكدون أن تحرير الطبقة جاء بتكاتف المكونات، مما عزز الإرادة في مواصلة النضال لأجل مستقبل مشرق.

في ذكرى تحريرها الثامنة.. الطبقة تحرسها سواعد مكوناتها المتكاتفة  
السبت 10 مايو, 2025   06:10
الطبقة

في 5 تشرين الثاني 2016، أطلقت قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة، بمشاركة التحالف الدولي لمحاربة مرتزقة داعش، حملة "غضب الفرات" لتحرير الرقة والطبقة. وتمكنت الحملة في 20 آذار 2017 من محاصرة تنظيم داعش بشكل كامل داخل مدينة الطبقة، واستمرت المعارك الطاحنة لمدة 50 يوماً، وتكللت بإعلان تحرير المدينة في 10 أيار 2017.

وبذلت قوات سوريا الديمقراطية جهوداً جبارة خلال حملة التحرير، عززها انضمام المئات من أبناء الطبقة بكل مكوناتها إلى صفوف المقاومة، حيث بذلوا دماءهم وأرواحهم في سبيل تحرير أرضهم. وها هم اليوم، بعد ثماني سنوات، يتكاتفون ويبذلون الغالي والنفيس لحماية مكتسبات التحرير والتضحية في سبيل الحفاظ عليها.

وفي الذكرى الثامنة لتحرير مقاطعة الطبقة، تحدث لوكالتنا القيادي في مجلس الطبقة العسكري، عماد الخال، عن هذه الذكرى قائلاً: "اتخذت قوات سوريا الديمقراطية قرار البدء بعملية غضب الفرات لتحرير الطبقة والرقة، وأطبقت الخناق على مرتزقة داعش في مدينة الطبقة، وكان الهدف الأساسي لهذه العملية تحرير سد الفرات ومطار الطبقة العسكري ومدينة الطبقة من التنظيم الإرهابي".

وأكد عماد الخال أن هذا التحرير كان انتصاراً لأهالي مقاطعة الطبقة وإقليم شمال وشرق سوريا، حيث كانت الحملة أساساً لتكاتف المكونات، فقد انضم مع انطلاقها مئات الشباب والشابات إلى صفوف المقاومة لتحرير مدينتهم.

وأشاد الخال بموقف الأهالي الداعم لأبنائهم وبناتهم في قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية المرأة، حيث أظهروا ثقة مطلقة بقدرتهم على تخليصهم من إرهاب داعش.

وأشار عماد الخال إلى ثقافة أهالي مقاطعة الطبقة، التي تتجسد في التعدد والتكاتف بين المكونات، مما جعلها تُعرف بـ "سوريا الصغرى" نظراً لتنوّع سكانها. وقد انعكس هذا التكاتف في انضمام أبناء الطبقة إلى قوات سوريا الديمقراطية، ليقدموا التضحيات في سبيل تحرير المدينة.

وأكد الخال أن الطبقة وأهلها لا تزال القاعدة الشعبية الأمْتن لقوات سوريا الديمقراطية، التي نجحت في الحفاظ على مكتسبات التحرير، لأنها تمثل قوة وطنية بامتياز.

المرأة حررت المرأة

لعبت مشاركة قوات حماية المرأة (YPJ) في حملة تحرير الطبقة دوراً مفصلياً، حيث منحت الثقة والقدوة لنساء الطبقة للمشاركة في التحرير وأداء واجبهن الوطني، رغم الخطورة التي شكلها تنظيم داعش على حياتهن.

المقاتلة في وحدات حماية المرأة، زينب طبقة، أشارت إلى أن "وحدات حماية المرأة كان لها دور فعال في تحرير الطبقة، فقد شاركت في القتال في الصفوف الأولى، وسطرت البطولات التي كسرت الصورة النمطية للمرأة داخل الطبقة، وهذا ما كان له أثر بالغ في نفوس الأهالي الذين شاهدوا لأول مرة كيف تستطيع المرأة حمل السلاح والمقاومة بشجاعة".

ولفتت زينب إلى أن نساء الطبقة استمددنَّ معنوياتهن العالية من وحدات حماية المرأة، التي حررت نساء الطبقة من إرهاب تنظيم داعش، فتخلصن من المخاوف التي زرعها التنظيم بفكره المتطرف وإرهابه، وخلعن اللباس الأسود الذي فرض عليهن، وأطلقن الزغاريد، معلنات بذلك دخول عصر حرية المرأة إلى الطبقة.

وتجلّى الأثر العميق الذي تركته بطولات وحدات حماية المرأة في نفوس نساء الطبقة من خلال الأعداد الكبيرة من النساء اللواتي بادرن للانضمام إلى الوحدات، رغم القيود المجتمعية والعادات والتقاليد البالية. لكنهن اخترن خيار المقاومة والحرية، وأخذن على عاتقهن مسؤولية تحرير كل النساء السوريات.

المعاناة ولدت التحرير

عاش أهالي مقاطعة الطبقة وقتاً طويلاً تحت وطأة إجرام تنظيم داعش، وزاد من ألمهم تهجير التنظيم لعدد كبير من مكونات المدينة، التي تضم خليطاً واسعاً من الأديان والقوميات. إلا أن المشهد الأكثر دموية كان قيام التنظيم بتعليق أجساد ورؤوس عناصر النظام البائد الذين قتلهم في مطار الطبقة في 24 آب 2014، في الساحات العامة وعلى الدوارات. كل ذلك دفع أبناء الطبقة إلى انتظار قوات سوريا الديمقراطية القادمة للتحرير، وانضموا إلى صفوفها فور وصولها.

وكالتنا التقت بأحد أوائل المنضمين إلى قوات سوريا الديمقراطية للمشاركة في حملة تحرير الطبقة، وهو جريح الحرب محمد طاهر، الذي قال: "دفعني ظلم وإجرام مرتزقة داعش، وخاصة ما فعله التنظيم بعد سيطرته على مطار الطبقة، حيث امتلأت شوارع المدينة بالرؤوس والجثث. بعد حصار الطبقة، لجأت إلى قرية الكرين، وخلال وقت قصير، نفذ التحالف الدولي لمحاربة داعش وقوات سوريا الديمقراطية إنزالاً جوياً، وفور نزول القوات، انضممت إليها في لواء ثوار منبج".

وشارك طاهر في تحرير مدينة الطبقة، ولم يتوقف هناك، بل واصل جهوده في الحملة لتحرير أهله في الرقة ورفع الظلم عنهم. وأثناء المعارك، تعرض للحصار في مشفى العيون، وأُصيب نتيجة لغم أرضي أدى إلى بتر قدميه، مؤكداً أنه سيستمر في تقديم التضحيات للحفاظ على سلامة الوطن ومكتسبات الشهداء.

وقد أثارت تحركات خلايا مرتزقة داعش الأخيرة في ريف مقاطعة دير الزور الشرقي قلق محمد طاهر، حيث علق على ذلك قائلاً: "أسمع في الفترة الأخيرة عن استشهاد رفاق لنا في قوات سوريا الديمقراطية بسبب هجمات داعش، وهذا دليل على أن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً على الأمن والاستقرار، لذا، أطالب قواتنا بالتصدي بحزم وضرب خلايا داعش بقوة حتى نتخلص من هذا الشر المطلق".

درب الشهداء
قدمت الطبقة 292 شهيداً وشهيدة؛ 238 في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، 39 في قوى الأمن الداخلي، 6 من العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية، و9 شهيدات. جميع هؤلاء الشهداء بذلوا أرواحهم منذ انطلاق حملة التحرير وحتى اليوم الحاضر، حيث يواصل أبناء الطبقة الدفاع عن مكتسبات الشهداء في جميع المقاومات، وآخرها مقاومة سد تشرين.

وأكدت الرئيسة المشتركة لمجلس عوائل شهداء في مقاطعة الطبقة، هند خليل، أنه "منذ انطلاق حملة تحرير الطبقة، تلاحم أبناؤها بكل مكوناتهم وانخرطوا في صفوف قوات سوريا الديمقراطية، وتم تحرير الطبقة من رجس تنظيم داعش الإرهابي بفضل تكاتف مكوناتها مع قواتهم العسكرية".

ورأت هند أن "ازدياد تكاتف الأهالي للحفاظ على مكتسبات الشهداء ودمائهم التي روت أرض الطبقة، كان له دور كبير في تحقيق الأمن والاستقرار، وهو الإنجاز الأهم الذي تحقق بفضل دماء الشهداء. فمنذ التحرير وحتى اليوم، وفي كل الميادين، تكاتف أبناء الطبقة وقدموا أرواحهم حفاظاً على ما اكتسبوه بدماء شهدائهم".

وفي ختام حديثها، أشارت هند إلى استمرار مقاومة أهالي الطبقة قائلة: "نلاحظ كيف يحمي أهلنا جميع مناطق شمال وشرق سوريا، ويتصدون للهجمات التي تستهدف مناطقنا، وأهمها مقاومة سد تشرين. ونؤكد لشعبنا وأهلنا، في ذكرى تحرير الطبقة، أننا قدمنا الكثير من الشهداء وسنقدم المزيد للحفاظ على المكتسبات التي تحققت بدماء شهدائنا الأبرار".

 ( م ش/أ)

ANHA