شبح الحرب الموسّعة يدفع اللبنانيين لاستحضار القرار 1701 والبحث عن حلول التهدئة

مع استمرار التصعيد على جبهة جنوب لبنان، وازدياد حدة المواجهات بين حزب الله واسرائيل، كثر الحديث عن القرار الدولي رقم 1701 من قبل الأطراف السياسية والجهات الدولية الداعية إلى تطبيقه كحل للتهدئة، فهل هناك سبيل لإبعاد شبح الحرب؟

شبح الحرب الموسّعة يدفع اللبنانيين لاستحضار القرار 1701 والبحث عن حلول التهدئة
21 آب 2024   07:30
بيروت
رانيا عبيد

صدر القرار 1701 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في العام 2006 أي في حرب تموز التي شهدها لبنان، وكان الهدف منه وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، وإنهاء الصراع.

القرار 1701 لم يأتِ من فراغ إذاً، بل كان نتيجة لتراكم التوترات والاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله على مدى سنوات طويلة، ثم أتت الحرب الدائرة أخيراً لتعيده إلى الواجهة بقوة.

المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة JUSTICIA في بيروت والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، قال في حديث لوكالتنا إن القرار 1701 أتى بناءً على توافق محلي وإقليمي ودولي، وهو إذا جُرّد من مفاعيله عندها يسقط بالمعنى السياسي والميداني وليس بالمعنى القانوني، ويبقى ملزماً ويُعتد به من قبل أي طرف يريد إنفاذ موجبات يتضمنها هذا القرار بوجه الطرف الآخر. وإن كان قد جرى خرقه (القرار) مراراً وتكراراً من قبل إسرائيل أو من أي طرف في لبنان، فبعد زوال الخرق وخلاله يبقى ملزماً ولا حاجة لاستصدار قرار ثانٍ بالمضمون عينه، باعتبار أنه ما زال قائماً ومنتجاً مفاعيله.

ويضيف مرقص إن أي فشل في هذا المجال لا يعود للقرار بمضمونه وآليته، وإنما لعدم التزام الأطراف به، ولا سيما إسرائيل، وعدم إتمام مضمونه منذ صدوره، ولا سيما لجهة انتشار الجيش اللبناني على نحو واسع وكامل إلى جانب القوات الدولية.

هل من قرارات أخرى قد تصب في التهدئة؟

لا يستغرب مرقص في حال صدور أي قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي أن يعيد التأكيد على هذا القرار؛ نظراً لأهميته في رسم قواعد الاشتباك في الجنوب اللبناني.

ويضيف إن معظم الشكاوى التي تقدم من قبل لبنان خصوصاً في إطار موضوع الصراع العربي -الاسرائيلي، لا يتحرك فيها مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار، وتكون القرارات على سبيل العلم وعلى سبيل تراكم الإشكاليات مع إسرائيل، وإذا تحرك مجلس الأمن الدولي فسيكون ذلك إما عبر اصدار مجرد بيان بالإدانة أو بقرار، يكون تحت الفصل السادس، أي فقط يطلب من إسرائيل ويترك لها التنفيذ من عدمه، أو يكون تحت الفصل السابع، وهذا أمر مستبعد بحيث يكون مصحوباً بإجراءات تنفيذية إلزامية تبدأ بقطع العلاقات الدولية وتمر عبر حظر تجاري وصولاً إلى استعمال القوة العسكرية وهذا شيء مستبعد.

ويرى مرقص أن هناك إمكانية لاتخاذ مجلس الأمن قراراً بإنشاء محكمة خاصة Ad hoc للنظر في هذه الشكوى، أو الحرب أو العدوان، كما حصل مع إنشاء محاكم يوغوسلافيا السابقة وتلك الخاصة برواندا ولبنان. وذلك وسط الإبقاء على إمكانية أن يحيل مجلس الأمن الشكاوى إلى المحكمة الجنائية الدولية الدائمة المنشأة بمقتضى نظام روما لعام 1998.

يستبعد مرقص صدور قرار حازم من مجلس الأمن الدولي، لا بل استبعد صدور قرار حتى في هذا الاتجاه، كونه توانى عن إصدار قرارات بموضوع غزة، فكيف إذا كان الموضوع متعلقاً بجنوب لبنان؟! ويشير إلى أن لبنان يخرق سماءه الطيران الاسرائيلي يومياً من دون أي مساءلة، نقول ذلك مع الأخذ بعين الاعتبار أن هنالك بعض القرارات التي اتخذها مجلس الأمن الدولي تاريخياً لصالح لبنان ولصالح القضية الفلسطينية، وعلى سبيل المثال القرار 425 الشهير والقرار 502 الأول الذي دعا إلى انسحاب القوات الإسرائيلية، والثاني دعا إلى انسحاب جميع القوات الاجنبية من الأراضي اللبنانية.

هل من تعديل للقرار 1701؟

ويضيف أنه ليس في الأفق أي تعديل للقرار 1701 لأن الأمور مرتكزة راهناً على إشكالية الحرب في غزة وليس على الجنوب اللبناني، رغم المخاطر التي تحدق بالجنوب وتنذر باشتعال الحرب، والقرار 1701 يتطلب حسب مرقص تطبيقاً من أكثر من جانب وليس فقط من قبل لبنان، بل الإسرائيلي هو البادئ بخرق القرار الأممي، لذلك فإن اسرائيل تتمادى بانتهاك حرمة الأراضي والأجواء والمياه اللبنانية، وتتذرع بعدم بسط سلطة الجيش اللبناني في الجنوب.

مرقص يؤكد أنه في حال طبق القرار 1701 يبقى دور اليونيفيل في الرقابة والمؤازرة والإشراف على حُسن التنفيذ، وتبقى جميع الشكاوى التي قدمها لبنان إلى مجلس الأمن حبراً على ورق لحين إصدار موقف منصف من مجلس الأمن تجاه ما ترتكبه إسرائيل بحق المدنيين والصحافيين والأراضي اللبنانية.

(ي ح)