ندوة في القاهرة تلفت إلى أهمية التعايش وفق منظور الأمة الديمقراطية

ناقش مشاركون في ندوة "نحو وستفاليا مشرقية" الحاجة إلى حوار وتسويات دينية ومذهبية وقومية في منطقة الشرق الأوسط، لافتين إلى أن الحل هو بالتعايش السلمي وفق منظور الأمة الديمقراطية وضمن سياق المواطنة والإدارة الذاتية كسبيل قادر على استيعاب التعدد والتنوع في مجتمع الشرق الأوسط.

ندوة في القاهرة تلفت إلى أهمية التعايش وفق منظور الأمة الديمقراطية
4 يلول 2024   10:39
مركزالأخبار

استضاف مركز أتون للدراسات ومقره القاهرة، ندوة عُقدت بعنوان "نحو وستفاليا مشرقية"، في أولى ندوات صالونه الثقافي، تمحورت حول الكثير من إشكاليات الشرق الأوسط وشعوب وقوميات المنطقة، بحضور مجموعة من المثقفين والدبلوماسيين والأكاديميين والسياسيين والصحفيين، من مصر والعراق وسوريا واليمن، الذين شاركوا بآرائهم، وبعض من أفكارهم ورؤاهم حول مستقبل المنطقة.

وتمحورت فكرة الندوة التي قدمها المفكر العراقي، عبد الحسين شعبان، حول حاجة منطقة الشرق الأوسط، إلى أخذ الدروس من "صلح وستفاليا" الذي أبرم عام 1648 في أوروبا، والذي أنهى الحروب الدينية وأسس لمرحلة جديدة تقوم على الاعتراف المتبادل واحترام السيادة والحوار.

وناقشت الندوة الحاجة إلى حوار وتسويات دينية ومذهبية وقومية في منطقة الشرق الأوسط خاصة بين القوميات الأربع الرئيسة العرب والكرد والفرس والترك.

"الحل هو العلمانية والإنسانية والاشتراكية"

بدأت المداخلات من المفكر علي شوشان، عضو القيادة المركزية في الحزب الشيوعي المصري، الذي قال إنه "يجب أن نصف المشكلة والحل، والمشكلة هي التعالي والعنصرية والتمييز بين كل الأطراف، والحل هو العلمانية والإنسانية والاشتراكية"، مبيناً أنه "عندما نتحدث عن القوميات والشعوب الأصغر في دول المنطقة ومنها شمال أفريقيا يوجد النوبيين والأمازيغ وهي قوميات منتشرة في شمال أفريقيا، ويوجد لغات وأديان فعلى سبيل المثال يوجد في السودان وثنيون لا ينتمون إلى المسيحية ولا إلى الإسلام".

ثم انتقلت الكلمة بعد ذلك إلى الدكتور محمد رفعت الإمام، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمنهور، وقد ذكر أنه "لفت نظره أن وستفاليا كانت معاهدة لتوزيع الثروات، وتمكين الأنظمة الرأسمالية سواء من الجناح الكاثوليكي او البروتستانتي ممن وضع يديه على شيء من تلك الثروات فأقرت هذا الواقع"، مشيراً إلى أن "وستفاليا ليست مبادرة سلام بل هي اتفاقية لإقرار الوضع الراهن وتقاسم الثروات، مثل جتسبيرج عندما قال كل شيء سيكون في الشرق ملك إسبانيا وكل شيء في الغرب سيكون للبرتغال".

مخطط برنارد لويس والهلال الشيعي والسني

واتفق "الإمام" مع المفكر عبد الحسين شعبان الذي ذكر أن "الهلال الشيعي والهلال السني هي صناعة برنارد لويس عندما كان في المخابرات البريطانية كان لويس في الحرب العالمية الثانية انتقل حيث وضع قاعدة للسيطرة على الشرق الأوسط عبر إسقاط ثلاث عواصم هي بغداد ودمشق والقاهرة، حيث كان مكتبه ملاصق للرئيس الأميركي".

وانتقلت الكلمة إلى الدكتورة سحر حسن أحمد الباحثة في التاريخ الحديث والمعاصر بمركز تاريخ مصر الحديث والمعاصر بدار الوثائق المصرية، حيث أكدت أن مخطط برنارد لويس هو مشروع معروف منذ زمن طويل، حيث تم التخطيط له عام ١٩٨٠ وبدأ تنفيذه مع الغزو الأمريكي للعراق عام ٢٠٠٣.

وأضافت في مداخلتها، أن "المشكلة ليس وجود المخطط، وإنما هو مواجهة هذا المخطط، لا سيما أنه يتم تنفيذه بأيدٍ من داخل أبناء المنطقة العربية ومن داخل تلك الدول التي استهدفها برنارد لويس في مخططه".

عن الحوار وقبول الآخر

وانتقلت الكلمة إلى ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، والتي ذكرت أن منطقة الشرق الأوسط في وضع صعب لأننا على أبواب حرب عالمية ثالثة، مبينة أن الحديث يدور حول ن ما قدمته الحرب العالمية الأولى والثانية والعالم يعيش حرب عالمية ثالثة، وفي الوقت نفسه، نتحدث عن شعوب مغيّبة بشكل تام عما يحدث في المنطقة.

وتطرقت ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في مصر، في مداخلتها إلى الحوار وفكرة قبول الآخر، مبينة أنها قضايا عندما تبدأ النقاش حولها يظهر الموروث الثقافي ويشكل حائل أمام أي حوار حقيقي يفضي إلى عملية تشاركية حقيقية في الإدارة للمجتمعات وهذه نقطة إشكالية يجب التركيز عليها.

كما انتقدت ليلى موسى دور المجتمع المدني، مشيرة إلى أنه أساس الحالة الصحية الجيدة للمجتمعات، ولكن دور المجتمع المدني اليوم في ظل الرأسمالية العالمية، فرغت المؤسسات من مضمونها الأساسي والكثير من المصطلحات حرفت عن محتواها الأساسي، وبالتالي أصبحت تؤدي وظيفة ثانية غير الذي قامت من أجلها.

الحل بالتعايش وفق منظور الأمة الديمقراطية

وانتقلت الكلمة إلى أحمد شيخو، الباحث والكاتب الكردي، الذي أكد أن الحل هو بالتعايش السلمي وفق منظور الأمة الديمقراطية وأشار إلى أهمية تجديد التفكير الديني بالإضافة إلى تطوير المدرسة القومية، وذلك لأن المدرسة القومية في مصر وشمال أفريقيا هي أكثر مرونة واستطاعت أن تستوعب القوميات الأخرى أو الأقل تصنع جو من التلاقح الثقافي على عكس من المدرسية القومية في العراق وسوريا وهو ما جعل الإشكاليات في العراق وسوريا توصل الأمور إلى ما وصلت إليه حالياً، حيث أصبحت الحدود القومية عنيفة جداً ووصلت إلى المراحل الشوفينية.

وأضاف "شيخو"، أن الحل هو الحل الديمقراطي ضمن سياق المواطنة والإدارة الذاتية وضمن سياق التشارك والقضايا بشكل عام في المنطقة هي قضايا متشابهة وتعاني المنطقة من الثقافة الأحادية سواء الأحادية الدينية أو الأحادية القومية أو الأحادية الذكورية تجاه المرأة، مشيراً إلى أنه إذا وصلنا إلى التعايش والتعدد وخلق نظام سياسي قادر على استيعاب التعدد والتنوع، نكون قد وضعنا أقدامنا في الطريق الصحيح.

وأشار الكاتب والباحث الكردي إلى أنه توجد قضيتان رئيستان في العالم العربي، أولهما هو غياب الديمقراطية في المنطقة والثانية هي التدخلات الخارجية سواء الدولية أو الإقليمية.

عن واقع المرأة

ثم انتقلت الكلمة إلى الكاتبة الصحفية فاتن صبحي، التي تطرقت إلى وضع المرأة وحقوقها في ظل مجتمع ذكوري في الوطن العربي.

واستعرضت فاتن صبحي عدداً من المظالم الواقعة على المرأة في الشرق الأوسط، كما أن المرأة في الشرق تواجه كافة أنواع التمييز ضدها في العمل في كافة المؤسسات ويتم المحاباة ضدها لصالح المجتمع الذكوري.

بينما تساءلت حنان جاد، نائبة رئيس تحرير الأهرام، عن الواقع الحالي الذي يحدث في الوطن العربي والأراضي الفلسطينية خاصة، ومن انتصر ومن هُزم وهل هي هزيمة كاملة أم جزء من هزيمة، مؤكدة أن الأوضاع صعبة في المنطقة العربية.

(د ع)