دلزار ديلوك: لا يمكن ترك الدفاع عن النفس لأي شخص آخر

أكدت عضوة اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، دلزار ديلوك، أنه لا يمكن أن تكون هناك ثورة دون الدفاع عن النفس والتنظيم على أفضل مستوى ولا يمكن ترك الدفاع عن النفس لأي شخص آخر.

دلزار ديلوك: لا يمكن ترك الدفاع عن النفس لأي شخص آخر
4 تموز 2024   17:16
مركز الأخبار

تحدثت عضوة اللجنة المركزية لحزب العمال الكردستاني، دلزار ديلوك، لوكالة فرات للأنباء (ANF) عن أهمية الدفاع النفس فيما يتعلق بـ "إعلان الدفاع عن النفس" الصادر عن منسقيتي منظومة المرأة الكردستانية (KJK) وحزب حرية المرأة الكردستانية (PAJK).

- تطور سلطة الهيمنة الذكورية للحرب العالمية الثالثة خطوة بخطوة، ما تأثير ذلك على المرأة على المستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والقانوني وغيرها؟ هل يمكننا أن نقيّم الحرب العالمية الثالثة على أنها حرب ضد المرأة؟ كيف ينبغي للمرء تقييم مستوى خطورة الوضع؟

بدايةً، أتقدم بمحبتي واحترامي وأشواقي للقائد أوجلان، الذي جعل لوجودنا معنى، والذي أعطى الحياة للجسد حرفياً وأضاف معنى للمادة، وأجدد التزامي ووعدي بأن أكون جديرة بشهدائنا العظماء الذين خلقوا هذه القيم، وأنحني احتراماً لذكراهم.

كما أستذكر أيضاً قياديات ومقاتلات وحدات المرأة الحرة-ستار بكل احترام اللواتي يعشنَ وعي الدفاع عن النفس في أعلى مستوياته، واللواتي ينفذنَه بما يتماشى مع نهج القائد، ويخضنَ النضال التحرري لحظة بلحظة، في ظل أقصى الظروف والأوقات الصعبة، كما أحيي رفيقاتنا أيضاً مقاتلات الحرية اللواتي يؤمنَّ بأنهن سيتحررنَ تحت قيادة المرأة، وأن النساء سينهينً الحرب التي بدأها الرجال، واللواتي يحاربنَ بهذا الإيمان.

ويمكننا أن نقول هذا الأمر بكل وضوح: من كسب النصر في هذه الحرب هي المرأة، لأن المرأة عندما كانت تجتاز هذه الاختبارات الصعبة للحرية والحياة، اكتسبت قوة كبيرة من الإرادة والقتال، وتم اتخاذ خطوات نحو مجتمعية جديدة، وحاربت في كردستان والشرق الأوسط، حيث الحرب العالمية الثالثة على أشدها، وشاركت في الحرب بأسمى المشاعر والأفكار وأنقى مشاعر الحرية في أحلك أوقات الحرب، وأضافت عليها جوهرها الخاص، وأصبحت إثباتاً لذلك بأننا سننتصر حتماً. 

ومما لا شك فيه، أن الحروب تجري رحاها منذ اليوم الذي قامت فيه الإنسانية في العالم ببناء المدن والدول والطبقات، كما أن الحرب العالمية الثالثة التي نعيشها اليوم، هي أيضاً حرب تُشن ضد المرأة والمجتمعات.

لقد أصدرت كل من منظومة المرأة الكردستانية (KJK) وحزب حرية المرأة الكردستانية (PAJK) إعلاناً مشتركاً في شهر نيسان، دعوَا فيه كافة النساء والتنظيمات النسائية إلى تنظيم الدفاع عن النفس، وإلى تعزيز وتحقيق النجاح في ثورة المرأة، وبهذا المعنى، يمكننا أن نقوم بإجراء التقييم. 

منطق سير الحرب العالمية الثالثة

إن مرحلة الحرب العالمية الثالثة هي نظام منهجي لإنتاج الأزمات والترسيخ المؤسساتي للهيمنة في المنطقة، حيث يقومون بخلق الأزمات ويقولون سنقوم بحلها، وتتوجه الولايات المتحدة الأميركية إلى العراق وأفغانستان بهدف "جلب الديمقراطية"، وفي الواقع، سيكون من الأفضل إعطاء مثال حالي، وتقوم الدولة التركية المستبدة بارتكاب ممارسات فاشية ضد الشعب الكردي بمؤسساتها الممنهجة، حيث يتم إنتاج الطاقة من مصادر الطاقة الطبيعية في كردستان ولا يعطون هذه الطاقة للكرد، والحريق الذي اندلع بسبب تهالك أعمدة الكهرباء، قد تم افتعاله من قبلها، وهي نفسها التي لم تأتِ لإطفاء الحريق – حيث أنها حشدت قبل أسبوع الكثير من القوة والإمكانات لإطفاء حريق الغابات في جانكقلعة - الذي لم تسمح لمن جاء لإطفاء الحريق وقطعت الطرقات، وهي نفسها التي تشاهد موت الناس والحيوانات والكائنات، وعلى الأرض فهي أيضاً التي تريد أن تذهب وتقدم التعزية، ولا شك أن الكرد باتوا يعرفون أن الذئاب تأكل مع الذئاب وتبكي مع الراعي وتغير سترتها، حيث قام أبناء شعبنا بطرد الوالي والجندرمة من مكان العزاء وأظهروا كل غضبهم حتى غادر آخر شخص الباب، وتعمل الحرب العالمية الثالثة بهذا المنطق، وتخلق الأزمات وعدم الاستقرار وتقدم نفسها على أنها مهندس الاستقرار، وعندما تنسحب فيما بعد، تترك الحطام خلفها، حيث كشفت المشاهد الإنسانية التي ظهرت بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان عن صورة لا يمكن لتاريخ الإنسانية العالمي والحركات التحررية أن ينساها، حيث إن النساء دفعنً ثمن ذلك أكثر من غيرهن.

وتحوّل كل مجال من مجالات الحياة إلى مجال لخلق هذه الأزمات فيها، وفاقمت من نهب الطبيعة والمشاكل البيئية، ويزداد الأغنياء ثراءً وتتسع وتتعمق الفوارق والفجوات الطبقية.

ومن خلف وسائل الإعلام الافتراضية وعالم الاتصال "الوصول إلى المعرفة" أخذت من الإنسانية أكثر مما قدمت لها وتحولت إلى دمار أخلاقي، وبدأت في تغيير بنية الدماغ البشري، ولا شك أن المجتمعات والمرأة التي لم تفقد نفسها وجوهرها وحقيقتها لا يمكنها أن تقبل العيش مع مثل هذه الأنظمة، ولهذا السبب، تستمر النضالات المناهضة للنظام في التنوع تدريجياً.

كردستان في قلب النار

على الرغم من أن الحرب العالمية الثالثة بدأت خلال سنوات التسعينيات، إلا أنها اكتسبت زخماً في عام 2023، ولم تنتهِ الحرب السورية، بل تحولت إلى ساحة يتقاسم فيها دول العالم أوراقهم الرابحة، وتقع كردستان في وسط هذه النار، وتستمر الحرب بين روسيا وأوكرانيا بكل حدتها وفي الواقع بكل عبثيتها، كما أن هناك حرباً رهيبة بدأتها حماس وكانت إسرائيل أيضاً بانتظارها، وهناك حرب بين أرمينيا وأذربيجان، وصول حركة طالبان عدوة المرأة والمجتمع إلى السلطة في أفغانستان، واستمرار الهجمات والانقلابات العسكرية في القارة الأفريقي دون انقطاع، ووصول الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى السلطة في العديد من دول العالم، ولا سيما دول أمريكا الجنوبية، والحروب التي لا نهاية لها في بلدان مثل لبنان والعراق واليمن والسودان، وحيثما توجد حرب، تكون المجازر حاضرة فيها، وحيثما توجد حرب يكون الفقر حاضراً، وكذلك التدمير البيئي، والمجازر بحق الطبيعة، ومجازر استغلال الجهد؛ وحيثما توجد حرب، يكون الاغتصاب والدعارة حاضرين، وكل هذه أيضاً هي الفترات التي تعرضت فيها المرأة للقتل والقمع أكثر من غيرها، وتكون المرأة حاضرة في كل محور.

- لماذا ينبغي لوجود، أو نوع، أو حقيقة، أي المرأة التي تُعتبر مركز الحياة لهذا القدر، أن تحمي نفسها؟

لأنه هناك اعتداء ممنهج ومنظم ضد المرأة، من يقوم بالاعتداء؟ النظام الخاضع للسلطة الذكورية، إنها السلطة القائمة مع الدولة والطبقية، وهذا الاعتداء له تاريخ يمتد لآلاف السنين، ولا يمكننا أن نتصرف وكأن هذا الاعتداء، وهذه المجازر، وهذا العنف، وهذه الوحشية غير موجودة، وبما أنه لا يمكن التصرف، فإنه يعني التظاهر بالموت، لكننا أحياء، وموجودون، أي أننا لسنا ميتين، وإذا لم نكن أمواتاً، ينبغي لنا أن نتعلم الدفاع عن أنفسنا في أفضل عصر وأفضل طريقة صحيحة وأكثرها ملائمةً للحياة.

هناك مقولة تقول: "إذا شعر الإنسان بألم نفسه فهو حي، وإذا شعر بألم غيره فهو إنسان"، أعتقد أن هذا هو القول المأثور، وهذا التحليل يتغير بالنسبة للمرأة، أي أنه يصبح أكثر شمولاً، فنحن النساء، لا نشارك ونشعر بألم الآخرين فحسب، وليس فقط ألم أولئك الذين يعيشون في أماكن مختلفة، بل نشارك أيضاً ونشعر بألم الكائنات الحية في أوقات مختلفة.

وهذا يقودنا إلى هيكلية جديدة ومذهلة، وما زلنا نولد، ونتزايد، ونصبح أنا-أنت وسط كثرة، وهذا يتيح لنا أن تكون لدينا القدرة على العيش بالأحاسيس العظيمة، وبالطبع، يوفر لدينا فرصة-إمكانية أن نصبح عمليين أيضاً، ويمكننا أيضاً أن نقول على هذا النحو: عندما تبدأ المرأة في التفكير فقط وبشكل مستمر بمفهوم "أنا"، فإنها تصبح رجلاً وتصبح أسيرة للعقلية الذكورية، لأن البقاء في مفهوم "أنا" يجمد العقل والقلب، وهذا أيضاً هو مظهر من مظاهر بنيان السلطة وذهنية السلطة الذكورية.

النظام الذكوري المهيمن يصبح عائقاً أمام التدفق الطبيعي

كل إنسان هو كائن عندما يُولد، فهو جسدي وروحي، وكلاهما ساذجين، ومحتاجين، إنه يحتاج إلى الأم أكثر من غيرها، وبعد أن يأخذ أنفاسه الأولى، يرضع حليب أمه، وتتحقق أمنياته أو رغباته، ويحصل على فرصة مواصلة الوجود، وعندما يشرب رشفة حليبه الأولى، فإنه بذلك يتعلم درسه الأول في الحياة، والحياة تكون مضمونة مع الأم، ويمكن للرغبات ورغبات الوجود أن تتحقق مع الأم، وتعريف الأم يعني ضمان الحياة وتحقيق الرغبات، وبالطبع من الممكن أيضاً أن يستمر هذا التعريف والبنية الروحية الناتجة عن التعريف على هذا النحو ومن الممكن أيضاً أن يدخل ذلك في الحياة الطبيعية للوجود، ولكن مع ذلك، نظراً لنظام السلطة الذكورية، فإن التدفق الطبيعي غير ممكن.

البعد عن الكينونة

إن عرقلة الحياة، وعدم تحقق الرغبات، وعدم تحقق الاحتياجات، تستبدل مكان الاحتياجات بأشياء مختلفة، ويأتي العنف والقمع، وأيضاً، عندما تتحقق الرغبة، فإنها تتوقف عن كونها حقيقة ممتعة وتتحول إلى حقيقة مؤلمة، ويتعطل الإدراك الأول، والمعنى الأول في الذاكرة، ويتحطم الشعور بالثقة، ويتلاشى النوم، والرجل أيضاً، كلما تقدم في العمر، يبتعد عن ذلك الإنسان السلبي وضعفه الذهني ويصبح كائناً جديداً، ويتحول إلى شيء يسبب الألم، وهو الذي يخلق الألم وانعدام الثقة، وتكبر المرأة أيضاً وتصبح امرأة، وتصبح أكثر تشرذماً، لأن النظام الذي يخرجها من المجتمع يسبب لها المزيد والمزيد من الألم، ويدفعها إلى حياة أقل أماناً، ويضرها أكثر ويحولها إلى كائن تبتعد تماماً عن والدتها وتعاني المآسي، وأن تكوني امرأة في هذا العصر يعني المضي في معرفة نفسك والبدء في المعاناة، وهذا هو الحال بغض النظر عن الجغرافيا، وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات، فإن جوهرها على هذا النحو، ولا شك أن شكلها في القارة الأوروبية وشكلها في شبه الجزيرة العربية ليسا متشابهين، ولكن أسلوب البعد عن جوهرها متشابه، وكونك امرأة في كلتا القارتين يعني دائماً مواجهة الاعتداء.

شروط الوجود

تبدأ الاعتداءات بنظام السلطة الذكورية، وتستمر بالسحق، ويأخذ التشكيل داخل الأسرة، وهذا ما يسمى عامل التقاليد والعادات والثقافة والبيئة وما إلى ذلك، كما أن القفص غير المرئي الذي يتم إنشائه من قِبل مؤسسات الدولة، وهذا يعني حرفياً الموت بالنسبة للنساء.

وفي مواجهة كل هذه، فإن شرط الوجود: هو تنمية الوعي والدفاع عن النفس والتنظيم، وبهذا المعنى، فإن "إعلان الدفاع عن النفس" الذي نشره كل من منظومة المرأة الكردستانية KJK وحزب حرية المرأة الكردستانية PAJK بشكل مشترك هو الضوء الأولي لبيان المرأة حول الطريقة التي يجب أن تعيش بها المرأة الحرة، ويجب أن نفهمه هكذا، إنه ليس معاصراً فحسب، بل إنه يعبر عن هذه الفترة بشكل جيد وبأسلوب يوضح كيف ينبغي أن تكون طبيعة العصر، لقد كانت الإجابة على السؤال طويلاً بعض الشيء، لكن يمكننا تقديم إجابة عامة كهذه.

- كيف يمكن للمرأة أن تستفيد من الأزمة والفوضى التي تعيشها الحداثة الرأسمالية؟

يمكننا أن نقول على النحو التالي: إن الحداثة الرأسمالية في حد ذاتها شيء لا يمكن أن يكون مستداماً، الأشياء التي يمكن استغلالها تنفد بعد فترة، أي أنها تخلق الأزمات من أجل خلق مجالات جديدة للاستغلال، وهذه هي السمة الأكثر تميزاً التي تتسم بها الحداثة الرأسمالية، ولذلك، فإن أصحاب الحداثة الرأسمالية يريدون تطوير تعاريف مثل "الأزمات المتعددة" و"إدارة الأزمات" ويريدون تطبيع الأزمات وجعلها جزءاً من الحياة، وبالتالي تذويب قدرات النضال والثورة، سواءً كان سراً أو علناً، تخدم أشكال السلطة الفاشية بمقولة "إدارة الأزمات"، ويتم وضعها في ذاكرة المجتمع كنغمة غير ضارة ومبررة، وبهذه الطريقة، يُراد من ذلك سد الطريق أمام تصاعد الانتفاضات والثورات الاجتماعية، ليس "حل الأزمة" أو "القضاء على الأزمة"، ولكن خطاب واستراتيجية "إدارة الأزمة" يخلق مجالاً هائلاً لتحرك القوى المهيمنة.

يتبع...

(ف)