المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة

تختصر مسيرة علاج الطفلة ديلان إبراهيم التي تواجه العديد من التحديات، مثل فقدان بعض أنواع الأدوية وعدم تقديم المنظمات يد العون، معاناة مرضى السرطان، تعكس حالتها الصعوبات التي يواجهها الأطفال المصابون بالسرطان في سبيل البقاء على قيد الحياة، ما يستدعي ضرورة التحرك الفوري لتوفير الدعم اللازم لهم.

المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة
المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة
المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة
المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة
المنظمات لا تسمع أنينهم.. مرضى السرطان يصارعون للبقاء على قيد الحياة
الأربعاء 30 تشرين الأول, 2024   08:41
قامشلو
أحمد سمير

بين مطرقة حكومة دمشق وسندان منظمة الصحة العالمية، يعاني بعض مرضى السرطان من فقدان بعض أنواع الأدوية والجرعات التي تراوح أسعارها بين 500 و800 دولار أمريكي، في إقليم شمال وشرق سوريا، وكما هو معلوم، توفر المنظمات العالمية أدوية السرطان مجاناً للمراكز والمرافق الصحية في جميع دول العالم. 

يستعرض هذا التقرير، رحلة المعاناة التي عاشها مريضان بالسرطان من سكان إقليم شمال وشرق سوريا، حيث يواجهان صعوبات كبيرة في تأمين العلاج والجرعات اللازمة. كما يسلط الضوء على مستوى الخدمة المقدمة في مشفى التلاسيميا والأورام والحروق في قامشلو، بعد مرور أكثر من عام على افتتاحه، بالإضافة إلى دور المنظمات الإنسانية والطبية في دعم مرضى السرطان.

"ديلان إبراهيم"

تخوض الطفلة ديلان إبراهيم، بجسدها النحيل، معركة شاقة ضد سرطان الدم (لوكيميا)، الذي بدأ يظهر أعراضه قبل نحو 5 أشهر. وترتاد مشفى الأورام والتلاسيميا والحروق أسبوعياً مع والدتها، بعد أن كانت تتلقى علاجها في دمشق، لكن المرض ليس التحدي الوحيد الذي تواجهه؛ فأسرتها تعاني أيضاً من عجز في الحصول على الأدوية وصعوبة توفير تكاليف العلاج.

تختصر ديلان معاناة العديد من مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت بسبب نقص بعض الأدوية، ما يسمح للمرض بالاستمرار في نهش أجسادهم الهزيلة. وتعكس حالتها الحاجة الملحة لتوفير الدعم والرعاية الصحية اللازمة لهؤلاء المرضى، ما يستدعي تكاتف الجهود من قبل المجتمع المحلي والمنظمات الإنسانية والطبية.

عادت نسرين محمد، والدة الطفلة ديلان إبراهيم، من دمشق مؤخراً، بعدما فرضت الظروف الاقتصادية تحديات كبيرة على علاج ابنتها. تقول نسرين: "لا يتوفر العلاج لابنتي في المنطقة، نضطر الآن لشرائه من الخارج".

عاشت أسرة ديلان في دمشق لمدة 3 أشهر، حيث اضطرت إلى افتراش الحدائق بسبب عدم قدرتهم على دفع إيجار غرفة الفندق. توضح نسرين: "الأدوية تتوفر هناك، لكن التكاليف باهظة، ولا نستطيع دفع ما يترتب علينا من تكاليف لدفع إيجار غرفة الفندق، ونضطر إلى الانتظار كل أسبوع في الحديقة حتى يحين موعد الجرعة ونذهب للمشفى لكي تتلقى ابنتي العلاج".

وأشارت نسرين إلى أن الأطباء المشرفين على حالة ابنتها دعوا إلى ضرورة استكمال علاجها في دمشق بدلاً من العودة، نظراً لعدم تحسّن حالتها. وأكدوا أنها تحتاج للبقاء 6 أشهر إضافية تحت العلاج، محذّرين من أن عدم استكمال العلاج سيؤدي إلى انخفاض نسبة الصفيحات وخضاب الدم.

عزت نسرين محمد، والدة الطفلة ديلان إبراهيم، عدم استكمال علاج ابنتها في دمشق لعدم توفر المصاريف اللازمة للبقاء هناك، حيث كانت ديلان تتلقى جرعاتها مرة واحدة في الأسبوع داخل مشفى الأطفال. وأظهرت نتائج التحاليل الأخيرة أن وضعها الصحي يزداد سوءاً.

أكدت نسرين أن المشفى يقدم خدمات جيدة، لكن الأدوية غير متوفرة. وأشارت إلى أن ابنتها بدأت تعاني من نقصان في صفيحات الدم وانخفاض في خضاب الدم، موضحة أن علاجها متوفر في مدينة الحسكة، لكن ليس لديهم القدرة على شراء كيس صفيحة دم بتكلفة 250 ألف ليرة سورية.

تتمنى نسرين أن تتوفر الأدوية لمرضى سرطان الدم، قائلة بيأس: "لا نستطيع العودة إلى دمشق على الرغم من توفر الأدوية هناك، لكن الوضع المعيشي الصعب لا يحتمل".

"حميد حسن"

قبل عامين ونصف العام، بدأت صحة حميد حسين تتدهور، ولم يدرك أن خلايا السرطان كانت تنهش وتنتشر في فقرات جسده، بعدما أخبره الأطباء أنه مصاب بمرض الأعصاب.

يقول حميد، من أهالي حي الزهور في مدينة قامشلو: "لم تنفعني الأدوية التي وصفها لي الأطباء، وقمت بإجراء تحاليل أخرى بعد زيارتي لمركز الرنين المغناطيسي، حيث تبيّن وجود كتلة على العمود الفقري في الفقرة الـ 4، 5، 6. أجريت على أثرها عملية لاستئصال الكتلة، ثم أرسلت التحاليل الخاصة بوضعي الصحي إلى دمشق لعرضها على المخبر التشريحي للأورام، ليتبيّن أنها كتلة خبيثة".

عانى حسين مشاق وعذاب المرض، بتشنجات وآلام في مفاصل الظهر والركبتين، وقال: "لم أستطع حينذاك الوقوف على قدمي أو التحرك، وأصبحت بت ميتاً سريرياً وطريح الفراش".

بدأ حسين رحلة العلاج من المرض في دمشق، وبعد مرور 5 أشهر أجرى عملية لتجريف المثانة في دمشق، ليعود ويقف على قدميه.

وطيلة 7 أشهر كان حسين يتلقى الجرعات، بمعدل 4 جرعات في الشهر.

انتكس حسين مجدداً وتدهور وضعه الصحي ليعود إلى دمشق، ويتبيّن أن المرض متحور من المثانة والطحال والكلية والفقرات وأصبح منتشراً في العظام والحوض والأكتاف.

أنهى حسين رحلة علاجه في دمشق، وعاد ليكمل علاجه في مسقط رأسه بعد افتتاح مشفى الأورام والتلاسيميا والحروق أبوابها، وبدأ يتلقى العلاج بالفعل في المشفى منذ نحو عام.

يقول حسين في هذا السياق: "الأدوية متوفرة هنا، كنت أعاني مادياً في كل مرة أذهب فيها إلى دمشق، وهنا لا أدفع أي تكاليف، فالأدوية والخدمات تقدّم مجاناً، والجرعات والإبر التحضيرية والتحاليل متوفرة هنا، فقط أقوم بمراجعة مراكز التشخيص في دمشق كل 70 يوماً ليحددوا كمية الجرعات، وأعود لأتلقاها هنا".

أكد حسين أن وضعه الصحي يختلف وأفضل عما كان عليه قبل عامين ونصف، وقال: "نتائج التحاليل تثبت أن وضعي الصحي يتحسّن، وهذا بفضل الخدمات التي يقدّمها الكادر الطبي هنا في هذا المشفى".

العوائق والصعوبات

عن التحديات والصعوبات التي تعترض مشفى التلاسيميا والأورام والحروق، أفصحت هدية عبد الله الإدارية في المشفى، عن مواجهتهم الكثير من الصعوبات في تأمين العلاج لمرضى السرطان، من حيث التكاليف الباهظة المترتبة على الأدوية.

وأوضحت هدية أنهم بدأوا بتوفير الجرعات للمرضى قبل 5 أشهر، وقالت: "تتوفر التحاليل والاستشارة الطبية والجرعات الكيماوية مجاناً".

أشارت هدية عبد الله إلى عدم توفّر بعض الجرعات حتى الآن، نظراً لتكاليفها الباهظة، وأردفت: "في حال توفرت الإمكانات سنقوم بتوفيرها".

ووفق الإدارية في مشفى التلاسيميا والأورام، لم تقدم أي منظمة أو مؤسسة إنسانية أو طبية والصحة العالمية أي مساعدة للهلال الأحمر الكردي حتى الآن، في سياق دعم مرضى السرطان.

وأكدت هدية أن الهلال الأحمر الكردي يتحمّل كل الأعباء والمصاريف لوحده، مضيفة بالقول: "نواجه حالياً صعوبات في تأمين جهاز العلاج الإشعاعي الذي لا يتوفر في المنطقة، وسعره باهظ، نريد تأمين هذا الجهاز بحيث يتوفر العلاج الكيماوي والإشعاعي، ولا يضطر المرضى للسفر إلى خارج المنطقة".

في حين لا يوجد عدد دقيق لمرضى السرطان في إقليم شمال وشرق سوريا، لكن الأرقام الصادرة من الجهات المعنية تتحدث عن نحو 280 مريضاً مصاباً بالسرطان، يتلقون أو تلقوا العلاج في مشفى الأورام منذ افتتاحه.

ويعد مشفى الأورام والتلاسيميا والحروق الذي افتتح في 17 كانون الأول 2023 في مدينة قامشلو، الأول من نوعه على مستوى إقليم شمال وشرق سوريا.

(ك و)

ANHA