سياسي سوري يحذر من حماسة أردوغان: نوايا غير صادقة ولغم يهدد الوطن السوري

أكد السياسي السوري سلمان شبيب، أن مسار التقارب بين دمشق وأنقرة تنتظره متاهة من التفاصيل والمعوقات، لكن مسألة تجاوز ذلك تتعلق بقوة تأثير الوسطاء وخاصة روسيا، ونوّه أن حماسة أردوغان تجاه هذا التقارب تقف وراءها نوايا غير بريئة ولغم مخفي، يتمثل بمحاولة افتعال صدام بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، وهذا ما يهدد وجود وكيان الدولة السورية والوطن السوري.

سياسي سوري يحذر من حماسة أردوغان: نوايا غير صادقة ولغم يهدد الوطن السوري
30 تموز 2024   06:10
مركز الأخبار
يحيى الحبيب

يستمر الحديث عن مساعي التقارب بين دمشق ودولة الاحتلال التركي وسط ردود أفعال متباينة من قبل الطرفين، وبينما تواصل تركيا سعيها لتحقيق تقدم في هذا المسار يبدو ظاهرياً بأن دمشق غير متشجعة لذلك.

وقالت صحيفة "تركيا" المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن أردوغان، سيلتقي بشار الأسد "خلال شهر آب المقبل" على أقصى تقدير، مشيرة إلى أن مكان اللقاء "قد يكون قرب بلدة كسب الساحلية السورية، عند معبر حدودي بين البلدين".

ويأتي ذلك بعد أن زار بشار الأسد خلال الأيام الماضية روسيا والتقى مع الرئيس فلاديمير بوتين، وحذّر الأخير من مخاطر تصعيد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وتأثير ذلك "بشكل مباشر" على سوريا، حسبما أفادت وسائل إعلام روسية.

التقارب بين دمشق وأنقرة تنتظره متاهة من التفاصيل

السياسي السوري ورئيس حزب سوريا أولاً، سلمان شبيب تحدث لوكالتنا حول ذلك بالقول: "لا أعتقد أن  مسار التطبيع أو التقارب بين سوريا وتركيا قد قطع حتى الآن أي خطوات جدية، فعدم الثقة والشكوك المتبادلة وتعقيد الملفات العالقة بينهما وصعوبتها، يجعل مهمة الوسطاء وخاصة الطرف الروسي الذي يضغط على الجانبين ويحاول تدوير زوايا الخلافات بينهما شبه مستحيلة، مما دفعه إلى البدء بخطوات صغيرة وخاصة في الجوانب الاقتصادية والخدمية؛ مثل فتح بعض المعابر والطرق الدولية، وحتى هذه أتوقع أنها لا تنجح بشكل كامل، وستظهر مع كل خطوة بهذا المسار ألغام جديدة وعرقلة من الطرفين وتضييع الوقت في متاهة التفاصيل".

ورأى سلمان شبيب أن فرص نجاح هذا المسار تنحصر في تأثير الوسطاء الكبير على الطرفين، وخاصة الروسي الذي يرتبط بعلاقات اقتصادية كبيرة وشبكة مصالح مشتركة مع التركي وإمكانيته الواسعة للضغط على الجانب السوري نظراً للظروف الخاصة التي تمر بها سوريا.

وتطرّق شبيب إلى معوقات مساعي التقارب بين حكومة دمشق ودولة الاحتلال التركي، قائلاً: "كبيرة ومتنوعة وأهمها الشروط المتبادلة عبر الروسي أو عبر اللقاءات التي عقدت على مستويات أمنية وسياسية وحتى بالتصريحات، ولا يمكنني تصور أن يقبل الطرفان بتنفيذها حتى لو رغبا بذلك، فبعضها لا يمكن تحقيقه في الظروف والمعطيات الحالية، فهناك الدور الأمريكي الفاعل على الأرض الذي يستطيع نسف أو على الأقل عرقلة أي خطوات تحدث على هذا المسار".

حماسة أردوغان باتجاه التقارب مع دمشق: نوايا غير بريئة ولغم مخفي

وحول أهداف تركيا من ذلك، يؤكد شبيب أن: "خطة وأهداف أردوغان الحقيقية هي إقامة التطبيع مع تكريس الاحتلال التركي للأرض السورية واستمرار العمل على تتريكها، وحتى الآن يبدو واضحاً أن القيادة السورية متنبهة لهذه الأهداف الخطيرة التي تتناقض مع كل بيانات أستانا التي تؤكد دائماً على وحدة الأرض السورية وقام التركي بالتوقيع عليها، لكن ممارساته على الأرض بعيدة عن ذلك تماماً ولا يمكن لأي عاقل أن يفهم أن وراء هذا الحماس الأردوغاني نوايا صادقة أو بريئة، وأنا تكلمت أكثر من مرة على وسائل الإعلام عن اللغم الأكبر الذي يخفيه أردوغان في حماسه هذا، وهو نيته الحقيقية للدفع باتجاه حصول صدام عسكري بين الجيش السوري وقوات قسد، وهذا السيناريو لا يمكن تصور كارثية نتائجه ليس على الطرفين فقط، بل على وجود وكيان الدولة السورية والوطن السوري أرضاً وشعباً، وهذا يفرض مزيداً من الوعي والحكمة على الطرفين، وأن ينخرطا بأسرع ما يمكن بحوار متواصل وحقيقي لحل كل الإشكالات الموجودة، ولا أعتقد أن هذا مستحيلاً إذا كان الحوار ينطلق من حسابات وطنية ويهدف إلى حماية مصالح سوريا والسوريين بمختلف مكوناتهم وضمان مستقبل الوطن السوري".

السياسي السوري ركز على الأهداف التركية، وأشار إلى أنها: "لا يمكن أن تتخلى عن أهدافها وأطماعها المعلنة والواضحة في الأرض السورية، وأجزم أن أردوغان سيوظف أي تقارب مع سوريا لخدمة هذه الأطماع والأهداف العدوانية الاستيطانية ويخطط لتكرار سيناريو ضم لواء اسكندرون، وأكبر دليل على ذلك هو تواصل تتريك هذه المناطق وتهجير سكانها الأصليين واستقدام مجموعات مرتزقته للاستيطان فيها وإقامة مدن كاملة بتمويل قطري، وربط كل هذه المناطق بمختلف شؤونها من بنية تحتية ومؤسسات وإدارة وتعليم وطبابة واقتصاد بالإدارة التركية، وواضح أن السردية التركية عن احتلالها لضعفي مساحة لبنان من الأرض السورية التي تضم مدناً وبلدات وقرى هو لحماية أمنها القومي هو ادعاء كاذب، ويؤكد أن هدفها الحقيقي هو احتلال دائم، ولا أظن أن أطماعها محصورة فقط ضمن هذه المساحات التي تحتلها، بل إن أطماعها تمتد إلى حلب وأبعد من حلب".

لا حل فعلي من مسار أستانا

شبيب أشار إلى أنه: "من الواضح أن هناك تحركات تجري لعقد جولة جديدة من مسار أستانا، وهذا خبر غير مبشر بالخير بالنسبة للقضية السورية؛ لأن هذا المسار استنفذ أغراضه ومهمته، وجولاته الأخيرة لم تقدم أي خطوات جديدة، بالإضافة إلى أن محاولة إحياء هذا المسار الذي لا يمكن أن ينتج عنه حل حقيقي للقضية السورية، يعني توقف أو تعطل المسارات الأساسية التي يمكن أن تعطي حلاً فعلياً ينهي مأساة السوريين المتفاقمة ويحفظ وحدة وسيادة الوطن السوري مثل المبادرة العربية والقرار الأممي 2254 ومسار جنيف".

ونوه سلمان شبيب: "لن تكون أي جولة جديدة من أستانا إلا تكراراً لسابقاتها وتبيع مزيداً من الوهم للشعب السوري، كما أنه حتى لو نجح الوسطاء بعقد لقاء قمة بين أردوغان والرئيس السوري، فلا أتصور أنه سيُحدث اختراقاً جدياً في جدار العلاقات بين الدولتين".

(أ ب)

ANHA