بانوراما انتفاضة الشيخ سعيد بيران 1925

تُعدّ انتفاضة الشيخ سعيد بيران، الأولى التي شهدتها كردستان، عقب عامين على إعلان حدود "الجمهورية التركية" برئاسة مصطفى كمال أتاتورك، بعد عقدٍ من معارك أودت بأرواح عشرات الآلاف في كردستان وتركيا في خضم الحرب العالمية الأولى وتداعياتها، تخللتها أحداث ومذكرات كثيرة.

بانوراما انتفاضة الشيخ سعيد بيران 1925
28 حزيران 2024   07:30
مركز الأخبار

تسلط وكالتنا الضوء في هذا الملف على ما كتبه الكاتب خليل كالو ونشره عام 2010، عن الأحداث التي سبقت وأعقبت الانتفاضة التي بدأها الشيخ سعيد بيران عام 1925.

أصول الشيخ سعيد بيران

29/6/1925 أعدمت المحكمة العسكرية الكمالية التي كانت تدعى آنذاك بمحكمة الاستقلال عدداً من قادة الثورة في آمد Amed عند بوابة الجبل Derîyê çiya والبالغ عددهم /49/ قائداً ومناضلاً كبيراً، ومن بينهم الشيخ سعيد بن الشيخ محمود بن الشيخ علي بالو بن الشيخ حسين بن الشيخ هاشم المعروف بالشيخ سعيد بيران.

 ولد الشيخ من عائلة دينية معروفة، ذات عراقة في تقاليد الطريقة النقشبندية الصوفية، كان جده الشيخ علي بالو من العلماء البارزين في زمانه وخليفة للشيخ خالد زيباري النقشبندي، ذهب معه إلى الشام إلى أن وافت الشيخ خالد المنية، وبعدها رجع إلى أرض الوطن وسكن في سهل آمد لدى أحد أقربائه في قرية قرديلك Qirdîlek ، كان الشيخ ينتمي إلى عشيرة أليكان Elîkan من فخذ جنديكان Çindikan  التي يتوزع أفرادها في قضاء ألمندي Elmendî  وبعد ذلك ذهب الشيخ إلى قضاء بالو وهناك سمّي بالشيخ علي بالو.

 رحل ابنه الشيخ محمود إلى أرزروم وسكن في قلعة خنوسي Xinûsê في قضاء خنوس وتزوج من ابنة رئيس عشيرة تكمانا   Tekmana   فأنجبت له ستة أولاد؛ هم الشيخ سعيد أكبرهم، والشيخ ضياء الدين والشيخ بهاء الدين والشيخ طاهر والشيخ عبد الرحيم والشيخ مهدي.

 تسلّم الشيخ سعيد بعد وفاة والده الشيخ محمود مهام التكية كونه أكبر أشقائه. كانت شخصيته قوية حيث تمتع بشعبية واسعة في منطقته ومحبوباً لدى الناس الذين رأوه وامتلك حساً وطنياً كردياً أصيلاً منذ بداية القرن العشرين، حاول بناء جامعة للدراسات الإسلامية في وان wan  على غرار جامعة الأزهر، ولكن التكية الحظرتية (الشيخ حظرت) التي كانت مقرها في بدليس Bedlîs ذات العراقة في تقاليد الخيانة بالتصدي للمشروع لدى السلطان في استنبول والتي كان من شيوخها أيضاً الشيخ سيدا Seyda الذي منحه الأتراك رتبة الباشوية والشيخ سليم Selîm الذي هو صهر الشيخ حظرت، حيث تبنى هذا الأخير مصطفى كمال ابناً له بعد هزيمة جيشه في جبهة الأردن ـ سوريا في الحرب العالية الأولى  .

شخصية الشيخ سعيد ودخوله معترك السياسة

 دخل الشيخ معترك السياسة أعوام 1908 -1925 منذ قيام الكرد بتشكيل الجمعيات السياسية والاجتماعية (كرد تعالي وترقي – تشكيلات اجتماعية – مجلة هيفي وكانت اتصاله مع المثقفين الكرد في اسطنبول عن طريق نجله علي رضا والشيخ عبد القادر أفندي نجل الشيخ عبيد الله النهري.

 أرسل الأمير عبد الرزاق بدرخان ـ الذي كان آنذاك في جورجيا عام 1915 عندما ذهب هو والشيخ عبد السلام البارزاني لطلب الدعم والمساندة من الحكومة القيصرية عام 1912 حيث رجع الشيخ عبد السلام إلى الموصل وأُعدم هناك عام 1914 ـ برسالة إلى الشيخ سعيد طلب فيها بالاتصال مع قادة التشكيلات القتالية الكردية في جبهة القوقاز وإقناعهم بالانسحاب من الجبهة في ولايات وان وبدليس وموش وأرزروم، وأخبره بوعد من الجيش الروسي بتسليم تلك المناطق إلى الكرد بعد الدخول إليها .

 ذهب الشيخ إلى حسين باشا حيدري رئيس عشيرة حيدرا Heydere لإقناعه بالأمر، ووافق شرط أن يوافق على ذلك خالد بك حسني رئس عشيرة حسنا Hesene  خوفاً منه بسبب خلافات قديمة بينهم .

 استضاف الشيخ خالد بك في داره وأخبره بطلب عبد الرزاق بدرخان، فردّ عليه خالد بك بنفس كلام حسين باشا وأخبره الشيخ أن حسين باشا لديه الخبر، ولكن خالد بك أفشى السر للجنرال التركي نوري ويسي N-weysî, قائد العمليات الحربية في جبهة أرزروم.

 بدأ الأتراك بالتخطيط لإبعاد الشيخ من المنطقة لخطورته، ومن كردستان كلها، دون أن يدرك الشيخ ذلك، إلا بعد أن عرف أن خالد بك قد أفشى سر رسالة بدرخان وقد أبعد الشيخ إلى ديار بكر وسكن عند أقاربه في منطقة بالو في قرية قرديلك .

 حاول الجنرال مرسال باشا قائد الفيلق السابع في ديار بكر إقناع الشيخ بالذهاب إلى قونيه، لكنه رفض بعد أن أدرك حقيقة المؤامرة عليه.

تغيّر في خرائط السيطرة على الجغرافية الكردستانية وتركيا

 احتل الجيش الروسي عام 1916 كلاً من ولايات موش وأرزروم وبدليس ووان وجزءاً من مناطق هكاري وسلموا أمور الناس إلى المليشيات الأرمنية، وقد ارتكب هؤلاء أفظع المجازر بحق الكرد حيث نزح أكثر من 90% من السكان من ديارهم باتجاه الغرب والجنوب من كردستان وأطلق عليهم الكرد فيما بعد اسم المهاجرين.

 في عام 1917 انسحاب الجيش الروسي من الولايات الكردية بعد انتصار الثورة البلشفية بقيادة لينين، وسلمت تلك المناطق إلى الميليشيات الأرمنية أيضاً.

 دعا الجنرال خالد بك جبري begê cibirî  قائد أحد الفرق العسكرية في الجيش العثماني المنهار والشخصية الأكثر شعبية في كردستان آنذاك، زعماء الكرد باسترداد وتحرير المناطق الكردية من الأرمن .

 وصل الجنرال مصطفى كمال مع أكرم جميل باشا الذي كان يعمل معه في جيش الشام، إلى ديار بكر بعد هزيمتهم في جبهة الأردن ـ سوريا أمام الحلفاء.

 دخل الحلفاء (الانكليز – إيطاليا – فرنسا) حدود استنبول ونُفي أغلب الضباط الأتراك إلى جزيرة مالطا واحتل الانكليز مناطق أزمير وأفيون وتراكيا ودخل الفرنسيون مناطق عنتاب وأضنة ومرعش وأورفا ومن العراق وصل الإنكليز إلى رواندوز وزاخو.

 في أمد قام مصطفى كمال بسلسلة من الأعمال البهلوانية لاستمالة الكرد إلى جانبه، وتنصيب نفسه زعيماً عليهم بعد أن وجد فيهم ما وجد، ودعاهم إلى إنشاء دولة كردية في المناطق التي ستُحرر من الأرمن شرط أن يكون هو قائداً للجيش في الدولة ولكن آل جميل باشا رفضوا طلب كمال وإعطاءه هذا المنصب، وقالوا إن الأمر خديعة من كمال، وإذا ما أصبح قائداً للجيش سوف يستطيع الانقلاب على الكرد متى شاء. وقام كمال بعقد سلسلة من الكونفرانسات مع النخب الكردية، فكان الأول في ديار بكر والثاني في سيواس والثالث في أرزروم، وفي هذا المؤتمر حاول استمالة الجنرال خالد بك جبري إلى جانبه وقيامه برشوة عدد من الحاضرين في المؤتمر بإعطائهم مائة ليرة ذهبية، ولكن خالد بك رفض إعطائه منصب قائد الجيش. تقرّب كمال من رؤساء العشائر ورجال الدين الكرد وتآخى مع عدد منهم أمثال جميل جتو cemîlê çeto رئيس عشيرة بنجنارة وأمين بريخاني Emînê  perîxanê   رئيس عشيرة رما   remaوتبناه الشيخ سليم صهر الشيخ حظرت ابناً له.

 غادر كمال ديار بكر بعد فشل مشروعه، وذهب إلى ضباطه وجنوده في جبال بوزانيه bozanîye ومن هناك ذهب إلى جبهة القتال في اسبارتا وبعد سلسلة من المعارك انتصر على اليونانيين، وأصبح اسمه منذ ذلك التاريخ، كمال أتاتورك (أبو الأتراك). 

 في 3/1/1920 تفاوض كمال مع قيادة لينين السياسية في منطقة كامري الروسية حول مسألة ولاية قرس وأرتفين مقابل التسهيلات في مضيق بوسفور وجناقلا.

 في 28/9/1920 استرد الجنرال خالد بك جبري جميع الولايات التي انسحب منها الروس، من الميليشيات الأرمنية. حتى وصل بهم إلى سهل روان deşta  rewanê وآلاكوزAlegozê  عند يريفان .
 
 في 20/10/1920 انسحب الفرنسيون إلى الحدود السورية الشمالية وألغى الحلفاء معاهدة سيفر وخاصة البنود المتعلقة بحقوق الكرد 62-63-64، والتي أُقرت في مداولاتها مؤتمر الصلح في باريس أعوام 1919-1920 من خلال المذكرة التي قدّمت إلى المؤتمر الجنرال شريف باشا الذي كان سفيراً للسلطان في سويسرا وهو من أكراد السليمانية حيث كان الفرنسيون والانكليز الإيطاليين أعضاء في الإشراف على تلك البنود وتنفيذها على الأرض .

 في 22/3/1922، انتهت الحرب بين الأتراك واليونانيين.

 في 27/8/1922، انعقد مؤتمر مودانيا الذي اجتمع الترك وأعضاء لجنة تنفيذ بنود معاهدة سيفر المتعلقة بحقوق الكرد، وعدد من الخونة الكرد، أمثال عصمت اينونو وبعض من باشوات ديار بكر وسيورك، وتم التنازل عن حقوق الكرد في هذه المعاهدة الدولية والإقرار للحلفاء ببقاء الكرد ضمن إطار الدولة التركية.

 إعلان الجنرال خالد بك جبري عن تنظيم أرزروم السياسي رداً على مؤامرة الحلفاء والخونة الكرد، وكان أول تنظيم سياسي كردي في النضال الوطني، حيث دعا التنظيم رؤساء القبائل وقادة الميليشيات والضباط ورجال الدين والأحرار من المثقفين بالانضمام إليه، وبدأ التحضير للثورة. وانضم عدد من الضباط إليه أمثال الجنرال إحسان نوري باشا والعقداء راسم وخورشيد وتوفيق وجميل وعدد من الضباط الأصغر رتبة من الفيلق السابع، الذي كان مقره ديار بكر وعدد آخر من قادة الميليشيات الكردية الذين شاركوا في الحرب على جبهة قوقاز، وكذلك النائب البرلماني السابق عن أرزروم يوسف زيا باشا Y-zeya paşa وعدد كبير من رجال الدين والوطنيين.

 20/8/1923 إلغاء معاهدة سيفر واستبدالها بمعاهدة لوزان التي أُنكرت فيها حقوق الكرد نهائياً مقابل تنازلات وامتيازات لدول الحلفاء من تركيا.

 29/10/1923 إعلان الجمهورية التركية بزعامة أتاتورك.

 في شهر كانون الثاني عام 1925 اعتقال رئيس التنظيم الجنرال خالد بك جبري والنائب يوسف زيا وإعدامهما في بدليس دون أن يحرك الكرد ساكناً وكان بمقدورهم تحريرهم من الحامية العسكرية في بدليس بسهولة، وكما تم ضبط سجل أعضاء التنظيم من قبل الأتراك وكشف أمر الانتفاضة.

انطلاقة الانتفاضة

 في 1/2/1925دعوة لأعضاء التنظيم لعقد مؤتمر في جبل جاني çiyayê çanê لدراسة التطورات المستجدة وتقديم موعد العمليات العسكرية وانطلاقة الانتفاضة. وفي هذا المؤتمر انتخب الشيخ سعيد قائداً خلفاً للجنرال خالد بك جبري بسبب مواقفه الثورية والشجاعة في المؤتمر وانتخاب اللجنة المركزية والقيادة العسكرية للثورة وتعيين جبهات القتال وقياداتها.

 جبهة بالو – خاربيتPalo- xarpît  وقوام تشكيل الثوار فيها /18/ ألف مقاتل بقيادة اللواء الشيخ شريف  . şêx şerîf

 جبهة فارتو Varto وقوام تشكيل الثوار فيها /12/ألف مقاتل، بقيادة الضابط عبد الله ملكانmelkan وعلي رضا نجل الشيخ سعيد والعقيد خليل ختو .

 جبهة ديار بكر Amed ، وتم توزيع الثوار فيها على جبهتين الأولى شرق نهر الدجلة وقوامها /10/ آلاف مقاتل بقيادة حقي بك لجي licî والأخرى في غرب الدجلة وقوامها /10/ آلاف مقاتل أيضاً بقيادة العقيد عمر فارو .

 جبهة مادن(معدن)- باخر وقوام تشكيل الثوار فيها /7/ آلاف مقاتل، بقيادة الشيخ عبد الرحيم شقيق الشيخ سعيد وكمال فوزي ومير صادق.

- جبهة سليفانSilîvan   وقوام تشكيل الثوار فيها /10/ آلاف مقاتل، بقيادة الشيخ شمس الدين.

 جبهة ساسون Sason واشتركت فيها عشائر خرزان بقيادة المناضل الكبير عبد الرحمن آغا علي يونس والمعروفين لدى الكرد باسم (qewmê  ciyê).

- جبهة بوتان Botan واشتركت فيها عشائر الديرشوي dê rşewî ويعقوب آغا وعشيرته في منطقة دهي Dihê  ـ  شرنخŞernex    وكذلك الشيخ عبد الرحمن كارسي E-rehmanê  garisî .

 في 11/2/1925 انطلاقة الانتفاضة وتحرير جميع مناطق الجبهات وتشكيل الحكومة الكردية فيها، باستثناء مدينة آمد، حيث تم حصارها لأكثر من /50/ يوماً ولم يستطع الثوار تحريرها بسبب مناعة سورها والرمي المدفعي الكثيف على الثوار وزيادة عدد المدافعين الذين بلغوا أكثر من /30/ ألف جندي من الفيلق السابع المحاصر في المدينة.

اعتقال الشيخ سعيد وعدد من القيادات

 اعتقال قائد الانتفاضة وعدد من أعضاء اللجنة القيادية على جسر فارتو ليلاً على نهر الفرات، إثر خيانة دليل القافلة قاسو (قاسو qaso ) عديل الشيخ سعيد وابن عم الجنرال خالد بك جبري والتي كانت متوجهة إلى السليمانية للقاء بالشيخ محمود الحفيد، وكذلك بسمكو آغا شكاكي من أجل التنسيق وطلب المعونة.

 دخول ثلاثة فيالق من الجيش التركي بالإضافة إلى /150/ ألف جحش من الخونة الكرد ميدان القتال وخاصة في جبهة ديار بكر، حيث كان حدة القتال فيها كبيراً.

 انهيار المقاومة في جميع الجبهات بعد انتشار نبأ اعتقال الشيخ سعيد.

- قيام قيادة تشكيلات الثوار بتغيير أسلوبها في القتال وتحولت من حرب الجبهات إلى حرب المفارز الخاصة، والتي سميت فيما بعد في عدد من مناطق العالم بحرب العصابات وقد قادها الشيخ عبد الرحيم شقيق الشيخ سعيد. وكان يلتقي أسبوعياً بالمفارز ويلقي عليهم الخطب الحماسية ويناقش متطلبات الثوار وقد استمرت هذه المقاومة حتى انطلاقة ثورة آكري ِAgirî  بقيادة الجنرال إحسان نوري باشا حيث التحق معظم الثوار إليها بالإضافة إلى استمرار المقاومة في جبال ساسون وملاتو في جبهة خرزان لأكثر من عشر سنوات.

المجازر وحملات التدمير التركية

 إعدام أكثر من /22/ ألف من الزعماء والباشاوات والبكوات ورؤساء العشائر والنخب الاجتماعية والوطنيين الثوار وحتى الخونة لم ينجوا من مقصلة كمال أتاتورك أمثال جميل جتو وغيره.

تهجير أكثر من /700/ ألف من عائلات الثوار والوطنيين إلى مناطق أناضول.

إحراق أكثر من /600/ مائة قرية كردية، ومن بينها قرية آلاقمش Alaqemşê  عام 1926، وراح ضحية تلك المجزرة وحدها أكثر من /1400/ شخصاً، واستمرت تلك الأعمال البربرية حتى نهاية عام 1928.

 هروب أغلب الوطنيين إلى خارج الوطن لتجنب قرارات محاكم كمال الطورانية.

 في29/6/1925، أُعدم زعماء الانتفاضة البالغ عددهم /49/مناضلاً، شنقاً في ميدان بوابة الجبل Derîyê  Çiya  في آمد، من بينهم الزعيم شيخ سعيد، وقد وضعت أعواد المشانق على نسق واحد، وقبل أن يعدم الشيخ سأله الجنرال مرسال فيما إذا كان لديه وصية لأهله باستطاعته أن يكتبها فقال له الشيخ: نعم. فأعطاه الجنرال قلماً وورقة فابتسم الشيخ وقال: هل تود معرفة عزيمتي وأنا قريب من الموت خطوة واحدة، وقد كتب الوصية التالية وقال: "هل يوجد عاقل في الدنيا يوصي أحد أعدائه ويكلفه بتنفيذها، ولكني أقول وأصرح بأن لدي /90/ ألف ليرة ذهبية في بنك استنبول وكيس آخر من الذهب قد انتشلها جنودكم منا عند جسر فارتو ليلة القبض علينا، أطلب إعطاءها لعائلتي. ومع ذلك لا أصدقكم، ها أنا اليوم أفدي بكل ما لدي، روحي ومالي لأجل شعبي أعتقد أن هناك أكثر من هذه التضحية وأنا البالغ من العمر /75/ عاماً".

وقبل ذلك بدقائق عندما خرج من زنزانته متجهاً نحو ساحة الإعدام وعند بوابة السجن ودّع رفاقه من الثوار وخطب بهم قائلاً: أيها الأخوة يجب أن تعلموا بأنكم مبروكون اليوم وعظماء أمام شعبكم والله، وبموتنا لن يموت شعبنا بل سيصل إلى الحياة الحرة والمستقلة ما دام بينه رجال شجعان أمثالكم، كما أن مصدر قوتنا وأملنا هو أنتم من بعدنا وأنتم ورثة هذه المرحلة ونحن لسنا نادمين بأن نعطي أرواحنا فداءً لكم وللوطن. ثقوا أنتم محظوظون وكل طلبنا وأملنا أن تكونوا راضين عنا .

نبذه تعريفية عن الكاتب الكردي الراحل خليل كالو

من الشخصيات المعروفة بحسها الوطني والقومي، من مواليد 1958 ديرنا قلنكا في مقاطعة الجزيرة، أنهى دراسته الابتدائية والإعدادية في مدينة تربه سبيه وتخرج في جامعة دمشق قسم الجيولوجية التطبيقية عام 1980.

كتب كالو في أغلب شؤون المجتمع الكردي وكل ما هو مرتبط بثوابته وهويته ودافع عنها بعيداً عن الشوفينية والتعصب القومي الأعمى، ألف كتاب (حكم والأمثال الكردية) ويضم مائتي مثل كردي ومعانيها، وكتاب مترجم مطبوع في هولير (مذكرات شاهد عيان) للكاتب ملا حسني كرد، بالإضافة إلى ترجمة وإعداد ست كتب عن حركة التحرر الكردستانية بالعربية، بالإضافة إلى مقالات منشورة في عدة صحف ومجلات كردية، ووصل ما كتبه من الشعر إلى مائة قصيدة، حيث هناك ستة عشر فيديو كليب وأربعين أغنية من أشعاره.

كما أسس كالو منتدى ثقافياً باسم "جكر خوين الثقافي" في منطقة آليان، ألقى فيه عشرات المحاضرات عن الثقافة والهوية الكردية.

وقد منحته وحدات حماية الشعب شهادة عضو فخري في صفوف وحداتها؛ لما بذله من مواقف مشرفة لخدمة القضية الكردية، كما منحته صحيفة روناهي عضوية فخرية، حيث كان ينشر على شكل حلقات ولفترة متواصلة جزءاً كبيراً من كتابه "الكردايتي وأزمة الشخصية".

وفارق الكاتب الكردي خليل كالو الحياة في منزله الكائن بقرية ديرنا قلنكا، بعد صراع طويل مع مرض عضال، في 15 أيلول 2015.

(ز س/د)

ANHA