أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي

يتناقل أبناء الفرات جيلاً بعد جيل زراعة أشجار الحور، لما لها من دور كبير في بناء البيوت الريفية التراثية وأصبحت مع الزمن تشكل جزءاً من ثقافتهم التراثية وأمثالهم الشعبية.

أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي
أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي
أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي
أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي
أشجار الحور على ضفاف الفرات تضرب جذورها في عمق التراث الفراتي
18 آب 2024   06:40
منبج

يعدّ حوض الفرات من المناطق الخصبة التي تتميز بزراعات كثيرة، إحداها زراعة شجر الحور الذي استخدمه سكان المنطقة في عدة مجالات لطوله ونموه بشكل مستقيم، وأهم استخداماته لأسقف البيوت التراثية التي تتميز بالتكيف مع الطقس، وارتبط الحور بسكان المنطقة وأصبح مثالاً لاستقامة القوام وطوله.

وعن زراعة أشجار الحور تحدث علي الحمادي، أحد مزارعي الحور في قرية قلعة نجم شرق منبج، وقال: "ورثنا زراعة الحور من آبائنا وأجدادنا ونحن نضرب المثل بالحور فنقول فلان طولك كطول الحور يعني مستقيم وطويل أو يا نبع الحور، وهذه الأمثال وهذا التراث تناقلناه من زمن أجدادنا الذين أعطوا للحور أهمية كبيرة، خاصةً أنهم يستخدمونه في أسقف بيوتهم قبل ظهور الإسمنت وما نزال متمسكين بهذا التراث".

وبيّن علي الحمادي: "نزرع شجر الحور من منتصف شهر شباط وحتى بداية شهر آذار، من خلال أخذ أقلام من الشجر يبلغ طولها متراً واحداً ونقوم بغرسها في الأرض المجهزة مسبقاً بالفلاحة، ومن ثم نسقيها ونستمر برعاية شجر الحور حتى يبلغ عمره 7 سنوات أو أكثر من ذلك بحسب حاجتنا لهذه الأشجار".

وتابع الحمادي: "نقوم بقص الأشجار ونترك جذورها في الأرض لنعود إلى سقايتها والاهتمام بها لتفرع من جديد وتصبح أشجاراً وفي بعض الأحيان نقلع الجذور ونزرع أقلاماً في مكان آخر بسبب تعب التربة من طول الزراعة بشجر الحور".

وحول استخدام أخشاب الحور في بناء البيوت شرح الحمادي: "الأعمدة التي نحصل عليها من شجر الحور نستخدمها في أسقف البيوت وذلك من خلال وضع هذه الأعمدة فوق الجدران، ووضع أحجار فيما بينها لتحافظ على المسافة بينها ومن ثم نفرش فوقها الحصير، ومن ثم قصب الزل، بعدها نضع التراب فوق الزل لنسوّي السطح وفوقه نضع غطاء من النايلون ليمنع نزول مياه الأمطار من بين الزل والحصير وفوق كل هذا نضع الطين ونسوّيه بشكل جيد".

ونوه علي الحمادي "إن ما يميز هذه البيوت التراثية المسقوفة بأخشاب الحور هو برودتها صيفاً ودفؤها شتاءً، وتعطي راحة نفسية للجالسين داخلها وماتزال هذه البيوت تجد راغبين رغم انتشار أساليب البناء الحديثة ".

وأوضح الحمادي "العيدان المتوسطة من شجر الحور نستخدمها في صناعة أدوات الزراعة وبقية الأعمال، وحسب حجم الغصن يتم استخدامه لما يتناسب مع ذلك، والحور هو المصدر المحلي الوحيد للخشب في منبج وباقي مناطق شمال وشرق سوريا".

وأكد الحمادي في ختام حديثه أن الحور يتميز عن باقي الأشجار "باستقامته وسرعة نموه وطوله الشاهق الذي قد يصل في الظروف الملائمة إلى أكثر من 20 متراً، والحور يزرع على ضفة نهر الفرات نظراً لحاجته إلى المياه أكثر من باقي الأشجار ونعاني بسبب انخفاض مياه نهر الفرات الذي سبب استهلاك المحروقات بكمية أكبر نتيجة لطول مسافة استجرار المياه".

بدوره قال المزارع قاسم الهوشو: "زراعة الحور تراث وثروة لمناطقنا وزراعة ثمينة كونها مصدر الأخشاب المحلية لمناطق شمال وشرق سوريا وتساعد في تطور الصناعات التي تعتمد على الأخشاب، ويجب المحافظة على هذه الزراعة نظراً لدورها الكبير في تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للأخشاب".

وتابع الهوشو: "يتميز شجر الحور باستقامته التي تجعله صالحاً للكثير من الاستخدامات؛ بداية من المعاول والأدوات الزراعية وحتى أسقف البيوت، وسرعة نموه تُعدّ ميزة تجعله يتفوق على بقية الأشجار خصوصاً أنه ينمو بسرعة".

وعبّر الهوشو في ختام حديثه عن مكانة الحور عند أبناء الفرات، وقال: "نحن أهالي قرى الفرات عندنا مكانة خاصة للحور ونعده إرث الأجداد الذي سنورثه لأبنائنا، وسنستمر في زراعته رغم الصعوبات فهو جزء من هويتنا الثقافية".

(م ش/د)

ANHA