فايق كولبي: سياسة أردوغان مزيج بين الطورانية والإخوانية لإحياء الخلافة العثمانية

فايق كولبي: سياسة أردوغان مزيج بين الطورانية والإخوانية لإحياء الخلافة العثمانية
28 آذار 2018   03:30

مركز الأخبار - أكد فايق كولبي أن الشعب الكردي متفتح على الديمقراطية وخاصةً النظام الجديد الذي يبنيه الكرد في روج آفا بين المكونات الدينية والعرقية والمذهبية المختلفة، واستطاع لفت انتباه العالم لنظامه الديمقراطي لذلك يسعى أردوغان لضرب المكتسبات الكردية وضرب العلاقة الجيدة بين الكرد والمجتمع الدولي، من خلال شن الهجمات على روج آفا وباشور.

وللحديث عن الهجمات التركية على باشور "جنوب كردستان" وتهديدات أردوغان بشن عدوان على شنكال، ومخططاته في المنطقة، حاورت وكالة أنباء هاوار الرئيس السابق لحزب الحل الديمقراطي الكردستاني الدكتور فايق كولبي، حيث أكد كولبي أن الكرد إذا كانوا موحدين وأصحاب إرادة فإن مصير أردوغان ونظامه لن يكون أفضل من مصير صدام حسين ونظامه.

وفيما يلي نص الحوار مع الدكتور فايق كولبي:

*مؤخراً بدأت تركيا بشن هجمات على إقليم كردستان. ماهي الأطماع التركية في المنطقة؟

لو راقبنا السياسيات الأخيرة لأردوغان وحزب العدالة والتنمية نرى أن الأردوغانية هي مزج بين الطورانية والإخوانية، لذا فالسياسة التي يتبعها أردوغان تجاه الشعب الكردي هي سعي للقضاء على المكتسبات الكردية سواء في روج آفا أو في باشور كردستان. في البداية قام نظام أردوغان بتوجيه منظمات إرهابية متطرفة مثل داعش وجبهة النصرة لكي تحقق مشاريعه ومشاريع حزبه، فما قام به داعش والنصرة من محاربة لمكتسبات الشعب الكردي في روج آفا وبعد ذلك هجماتهم عام 2014 على باشور كردستان جاء في هذا الإطار.

ولكن السياسات العسكرية لداعش والنصرة فشلت. الآن يفعل أردوغان ما عجز عنه داعش وجبهة النصرة، لذا نراه الآن يهاجم عفرين عسكرياً ويهدد المناطق الأخرى في روج آفا وفي نفس الوقت يشن هجمات عسكرية وسياسية على إقليم كردستان. فما قام به في الأيام الأخيرة من احتلال 10 كم من أراضي باشور والقصف الجوي المستمر الذي أودى بحياة 4 مدنيين هناك، وكذلك اتخاذه القرار بفتح المجال الجوي أمام مطار هولير ومنعه في نفس الوقت أمام مطار السليمانية، الهدف منه خلق تفرقة وإحداث شرخ بين هولير والسليمانية.

هذه السياسات الأردوغانية الهدف منها القضاء على المكتسبات الكردية وضرب إرادته، ولكن الشعب الكردي في روج آفا وباكور كردستان يقاوم هذه السياسات بإرادة قوية ولكن مع الأسف حكومة إقليم كردستان والأحزاب الكردية في باشور ليس لديهم هذه الإرادة، مع العلم إنه بإمكانهم القيام بأكثر مما قام به الكرد في روج آفا وباكور، لأن باشور دستورياً هو جزء من العراق، وتستطيع حكومة الإقليم الاستعانة بالحكومة في بغداد لمواجهة الاحتلال التركي والسياسات العنصرية والتعسفية لأردوغان تجاه الشعب الكردي.

*الهجوم التركي على إقليم كردستان جاء بالتزامن مع الهجوم على عفرين. ما هي العلاقة بين هذه الهجمات، وإلى ماذا يطمح أردوغان؟

إن أردوغان من خلال هجومه على عفرين وعلى باشور كردستان وقنديل، يريد القضاء على إرادة الشعب الكردي وخفض معنويات المقاومة في عفرين، وكذلك يريد أن يبرهن للجيش التركي أنه قادر على الحرب على عدة جبهات واحتلال أراضي دول الجوار في آن واحد، كما يريد أن يقول للمعارضين في الداخل نحن سلطة نسعى لتحقيق ما ترغبون به، لأنه مع الأسف تسيطر العقلية الشوفينية والاستعمارية الساعية لاستعادة أمجاد الدولة العثمانية، على الأغلبية من الشعب التركي. 

*تهدد تركيا بشن هجوم على شنكال البعيدة عن حدودها. ما هو المخطط التركي في المنطقة؟

المخطط التركي هو إنعاش الطورانية والإخوانية في هذا العصر، ونستطيع القول إنعاش أو إحياء الخلافة العثمانية الجديدة، ففي زمن الخلافة العثمانية كانت سوريا والعراق ودول عربية عديدة خاضعة للسلطة العثمانية. ما قام به أردوغان عن طريق داعش فشل، فالاستراتيجية التركية كانت قائمة على أساس احتلال داعش لجبال شنكال التي تتميز بأهميتها الاستراتيجية ولكن داعش فشل في احتلال شنكال بفضل المقاومة التي أبدتها قوات الدفاع الشعبي ووحدات حماية الشعب وشعب شنكال، لذا نرى أن أردوغان يسعى لكسب شنكال بأية طريقة، ولكن هناك مقاومة شعبية لن تسمح له وكذلك الحكومة والشعب العراقي لن يقبلوا هذا الاحتلال، لأن شنكال بعيدةً جداً عن الحدود التركية.

*موقف حكومة الإقليم لا يرتقي إلى المطلوب. ما هو السبب برأيكم، وكيف تقيمون موقف الأحزاب السياسية في باشور من هذه الهجمات؟

في إقليم كردستان هناك سياسات لها صفات، ومن هذه الصفات هي الاعتماد على العامل الخارجي في حل مشاكله وعدم الاستناد إلى العامل الداخلي وإرادة الشعب، لذا الأحزاب الكردية في باشور كردستان وخاصة الأحزاب الحاكمة في هذا الوقت وعلى وجه الخصوص الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه قناعة أنه يستطيع تحقيق مكتسبات له ولعائلة البارزاني ومن الممكن للشعب الكردي عن طريق علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية مع الدولة التركية، وهذا خطأ جسيم. رأينا حينما هاجم داعش إقليم كردستان في 2014 طالبت حكومة الإقليم الدعم والمساعدة من تركيا ولكنها لم تستجب لها، وكذلك في السنة السابقة كان هناك استفتاء على الاستقلال في باشور كردستان ورأينا كيف كان الموقف التركي موقفاً عدائياً عنصرياً لا يمكن رؤية مثيل له تجاه الكرد.

كان من المفترض من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يسيطر على حكومة الإقليم أن يستفيد من هذه المواقف العدائية العنصرية التركية وأن لا يلجئ إلى فتح علاقات دبلوماسية وغير المتكافئة مع تركيا، لأننا جزء من العراق ونستطيع أن تكون لدينا علاقات دبلوماسية وسياسية واقتصادية مع الحكومة في بغداد ومع كافة الدولة عن طريق العراق وليس بهذه الطريقة المباشرة مع تركيا. فهذه العلاقة الموجودة بين إقليم كردستان وتركيا هي علاقة غير متكافئة، وهي علاقة بين السيد والفلاح.

عندما هاجمت الطائرات التركية أراضي باشور كردستان وقتلت 4 مدنيين كرد، موقف حكومة إقليم كردستان كان موقفاً معيباً، لأنه برر مقتل المدنيين الكرد في باشور بتواجد مقرات  لحزب العمال الكردستاني على مقربة من القرى التي يسكنها هؤلاء الضحايا. هذا الموقف مع الأسف هو موقف لا أخلاقي، ونحن لا نؤمن بأن الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة الإقليم تستطيع حل مشاكل الشعب الكردي السياسية والقومية والاقتصادية في باشور كردستان، حيث نرى الآن الشعب في الإقليم يخرج في تظاهرات واحتجاجات نتيجة سوء السياسات الاقتصادية وكذلك نتيجة سوء السياسات القومية. كما أنها لا تستطيع مواجهة التعديات والسياسات العنصرية والعدوانية التركية.

هناك ثقافة سياسية نستطيع أن نقول عنها لا قومية ولا ديمقراطية وغير جريئة في الإقليم، وكل الأحزاب السياسية في الإقليم تكتسب هذه الصفات السياسية، ومن ناحية أخرى فالأحزاب السياسية الكردية في هذا الجزء لا تستند إلى العامل الداخلي والذاتي بل تستند إلى العامل الخارجي وليس لديهم تنظيم قوي وعلاقات دبلوماسية قوية، ولكن تبقى سياسات الأحزاب السياسية الأخرى في باشور كردستان أفضل من سياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني إلا أنها ليست كافية.

*العراق ردت على تركيا بأنها لن تقبل بالهجوم على شنكال. كيف تقيمون هذا الموقف وهل ستسمح العراق فعلاً لتركيا بشن هجوم على أراضيها ولماذا؟

أعتقد أن الحكومة التركية لن تستطيع شن هجوم على شنكال لأن الحكومة العراقية باتت قوية أكثر من ذي قبل، والآن الجيش العراقي والحشد الشعبي موجودان في شنكال وجبالها، ومن ناحية ثانية هناك منافسة بين تركيا وإيران على العراق، والحكومة العراقية قريبة جداً من الحكومة الإيرانية التي لن تسمح لتركيا بدخول جبال شنكال والمناطق الأخرى. ولكن يمكن أن تسمح الحكومتان العراقية والإيرانية لتركيا بقصف جوي ومن الممكن السماح بمهاجمة جبل قنديل.

*في ظل الهجمات والتهديدات التركية في المنطقة، ما هو السيناريو المحتمل في المرحلة القادمة؟

بعد انتهاء داعش عسكرياً كان هناك احتمال بأن يتحقق تفاهم دولي حول الشعب الكردي لأنه أحد الشعوب في الشرق الأوسط التي لم تنل حقوقها، كما أن الشعب الكردي وخصوصاً في روج آفا وفي باكور وباشور ساعد في هزيمة داعش، كما أن الشعب الكردي متفتح على الديمقراطية وخاصةً النظام الجديد الذي يبنيه الكرد في روج آفا بين المكونات الدينية والعرقية والمذهبية المختلفة في المنطقة، فهذا النظام ديمقراطي لفت انتباه الدول والاتجاهات السياسية الإقليمية والدولية، وكان من الممكن أن يكون هناك اتفاق دولي حول نيل الشعب الكردي في روج آفا وباشور  لحقوقه، لكن مع الأسف لا ترغب الحكومة التركية في أن لا يكون هناك موقف دولي متجانس ومساند للشعب الكردي، وما تسعى إليه الدولة التركية هو ضرب هذه المعادلة أي ضرب مكتسبات الشعب الكردي من جهة والعلاقة الجيدة بين المجتمع الدولي والشعب الكردي من جهة ثانية.

ما نحتاجه نحن الكرد هو الوحدة وأن تكون لنا إرادة قوية وأن نخاطب الدول الإقليمية والمجتمع الدولي لأنه بدون حل القضية الكردية في الشرق الأوسط لن يكون هناك استقرار وسلم وتطور. هذا مهم جداً، يجب علينا أن ندرك أن نظام صدام حسين رحل بسبب سياساته اللا ديمقراطية والقومومية تجاه الشعب الكردي.

إذا كان الكرد موحدين ولهم إرادة، فإن حكومة أردوغان مهما استمرت بسياساتها العدوانية العنصرية واللاديمقراطية تجاه الكرد، لن يكون مصيرها أفضل من مصير صدام حسين ونظامه.

(ح)

ANHA