قطاع الكهرباء في لبنان يغرق في الهدر والفساد وغياب الخطط الإصلاحية

تعود مشكلة الكهرباء في لبنان إلى العام 1964، نتيجة غياب النية السياسية لإيجاد حل للمشكلة، وترى خبيرة في شؤون الطاقة، أن السبب يعود إلى أن مؤسسة كهرباء لبنان تمارس الاحتكار عبر السنوات على أنشطة الكهرباء، أي لا أحد يمكنه إنتاج الكهرباء وبيعها إلا مؤسسة كهرباء لبنان.

قطاع الكهرباء في لبنان يغرق في الهدر والفساد وغياب الخطط الإصلاحية
22 تموز 2024   07:30
بيروت
رانيا عبيد

يعاني لبنان منذ سنوات طويلة من أزمة كهرباء حادة، تتفاقم يوماً بعد يوم، وتؤثر بشكل كبير على جميع مناحي الحياة اليومية للمواطنين. هذه الأزمة ليست مجرد انقطاع متكرر للتيار الكهربائي، بل هي مشكلة معقدة تتجذر في عوامل سياسية واقتصادية وإدارية متداخلة.

كما أن أحد أبرز المشكلات التي تؤثر على قطاع الكهرباء الفساد المستشري في مؤسسات الدولة، والصراعات السياسية الحادة بين الأطراف اللبنانية المختلفة، مما يعيق إقرار الإصلاحات اللازمة.

مشكلة الكهرباء في لبنان سياسية وليست تقنية أو قانونية

الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر تحدثت لوكالتنا عن واقع الكهرباء في لبنان، وأوضحت أن المشكلة تعود إلى العام 1964 مع غياب النية السياسية لإيجاد حل لمشكلة الكهرباء، والسبب أن مؤسسة كهرباء لبنان تمارس الاحتكار عبر السنوات على أنشطة الكهرباء أي لا أحد يمكنه إنتاج الكهرباء وبيعها إلا مؤسسة كهرباء لبنان.

وبيّنت كريستينا أبي حيدر أنه بعد الحرب اللبنانية في العام 1975 تدهور قطاع الكهرباء بشكل كبير مع دمار البنية التحتية للمنشآت النفطية، فلجأ لبنان إلى الاعتماد على المولدات الكهربائية الخاصة، ومنذ العام 1990 وحتى يومنا هذا وأصحاب المولدات يحتكرون قطاع الكهرباء، وقالت: "فهم مافيات سياسية ولديهم مصالح شخصية من خلال استيراد المازوت وبيعه، وطالما أن المولدات الخاصة موجودة فلا نية سياسية لتشغيل معامل كهرباء لبنان".

كريستينا أبي حيدر لفتت الانتباه إلى أن المشكلة ليست قانونية ولا تقنية، ففي الشق التقني لبنان لديه معامل عدة يمكن استثمارها، أما في الشق القانوني فهناك قوانين تعود إلى العام 2002 يمكنها الحد من احتكار مؤسسة كهرباء لبنان، وإشراك القطاع الخاص في عملية الانتاج والتوزيع، لكن منذ العام 2002  القانون لم يطبق بسبب الإجماع لدى السياسيين على عدم تطبيقه، وعلى عدم تعيين هيئة ناظمة مستقلة لإبعاد السياسة عن قطاع الكهرباء لمنافع شخصية، مما يجعل قطاع الكهرباء في حالة من الفوضى من خلال الاتكال على المولدات الخاصة.

الحلول لإنقاذ قطاع الكهرباء غائبة بسبب الهيمنة السياسية

وترى كريستينا أبي حيدر أن الحلول لإنقاذ قطاع الكهرباء ممكنة، لكن مع غياب النية السياسية فالحلول ستبقى صعبة. وتضيف: "إن الكهرباء هي المحرك الأساسي للاقتصاد، ومع دخول لبنان في أزمة مالية مستفحلة منذ العام 2019 انعكس الأمر على القطاعات كافة؛ السياحية والصناعية والزراعية وغيرها من القطاعات، وأحد مسببات الأزمة هي قطاع الكهرباء، فلبنان أنفق الكثير من الدولارات على قطاع الكهرباء".

وأوضحت كريستين أبي حيدر أن الحل يبقى في تنفيذ الخطط الإصلاحية المفروضة من المجتمع الدولي وفي تطبيق القوانين الموجودة، لكن عدم وجود رغبة سياسية في تنفيذها فوق كل اعتبار، وهذا يعني أن المواطن سيستمر في دفع الثمن، فليس لكل المواطنين القدرة على الاشتراك في المولدات الخاصة للاستفادة من خدمة الكهرباء، فغالبية المواطنين هم تحت خط الفقر، وبالتالي فإن فاتورة الكهرباء تُعدّ مرتفعة جداً ما يزيد من أعباء المواطن المعيشية.

ونوهت الخبيرة في شؤون الطاقة المحامية كريستينا أبي حيدر: "إن الحل يكمن بإيجاد الإرادة السياسية في إصلاح قطاع الكهرباء لدى الأطراف السياسية لإنقاذ لبنان من سيناريو العتمة الشاملة التي تهدده كل يوم مع استمرار سياسات الترقيع وغياب الحلول الجذرية".

(أ ب)

ANHA