بعد نصف سنة من الحرب.. ماذا ينتظر سكان غزة؟-هيفيدار خالد

بعد نصف سنة من الحرب.. ماذا ينتظر سكان غزة؟-هيفيدار خالد
6 مايو 2024   10:00

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، صراع معقد للغاية، وربما يُعد الصراع الأكثر تعقيداً بالمنطقة في وقتنا الحالي، الصراع الذي تصاعدت حدته أكثر بعد الهجوم الذي شنته حركة حماس الفلسطينية في الـ 7 من تشرين الأوّل من عام 2023 ضد المستوطنات الإسرائيلية وارتكبت مجازر بحق المدنيين، ما أدى إلى تشابك الأوضاع وتمدد الصراع أكثر من أي وقت مضى.

منذ ذلك الحين بُذلت العديد من الوساطات والجهود الإقليمية والدولية للبحث عن تهدئة، لكن جميعها تعثرت، وما زالت تتعثر حتى الآن، وسط حالة من العنف والفوضى والموت والدمار الذي يخيّم على قطاع غزة الذي تدمر بشكل كامل بفعل الضربات الإسرائيلية، رداً على هجوم حماس المباغت العام الماضي.

على الرغم من أن كلاً من إسرائيل وحماس بحاجة إلى هدنة بعد نصف سنة من الصراع الدامي بين الطرفين، إلا أن كلا الطرفين يحاولان تحقيق مكاسب على حساب الطرف الآخر، وسط مقاربات غير جدية في مساعي التوصل إلى اتفاق. الأمر الذي زاد من تعقيد المشهد أكثر فأكثر، وأطال معاناة الفلسطينيين في غزة، وخلق نوعاً من الاضطرابات في الداخل الإسرائيلي، وخاصة مطالب عوائل الرهائن التي تضغط على حكومة نتنياهو، لمعرفة مصير أبنائها بشكل متواصل.

فحماس المسؤولة بالدرجة الأولى عن الكارثة التي حلت بسكان غزة وأهلها، لا تمتلك استراتيجية واضحة لإيجاد حل للشعب الفلسطيني وليس لديها رؤيا مستقبلية في الوقت الحالي، فهجومها الأخير عمّق آلام الشعب الفلسطيني، بعد أن قوبل برد إسرائيلي عنيف ما زال متواصلاً على غزة رغم تدمير القطاع الذي لم يعد صالحاً للعيش، إذ أن الوحدات المدمرة فيه بحاجة إلى 80 عاماً لإعادة إعمارها بحسب تقرير أممي. بينما يواجه نتنياهو ضغوطات كبيرة من الداخل والخارج، إلا أنه متمسك بمواقفه المتشددة، لأنه يعرف أن مصيره بات على المحك بعد فشله في إعادة الرهائن الإسرائيليين، وكذلك فشله في صد هجوم حركة حماس المباغت.

بالتزامن مع حديث إسرائيل لاجتياح رفح، وردت أنباء وتقارير عن خشية مصر من نزوح مئات الآلاف من الفلسطينيين عبر الحدود إليها، وكذلك خشية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس من مسألة تهجير الفلسطينيين إلى الخارج، حيث يقول إنه بمجرد أن تكمل إسرائيل عملياتها في غزة، فإنها ستحاول بعد ذلك إجبار السكان الفلسطينيين على الخروج من الضفة الغربية إلى الأردن، فيما تتوجه الأنظار إلى مفاوضات الهدنة في القاهرة. التي ربما قد تفتح صحفة جديدة في تاريخ هذا الصراع ويكتب لها النجاح هذه المرة.

إلا أنه ومهما كان حجم التعويل على مفاوضات القاهرة أو غيرها، فإن الحلول الجذرية لهذه المعضلة تمر من تفعيل السلطة الفلسطينية الحالية واتخاذ مساراتٍ ومساعٍ لحلول جديدة ونبذ كل ما من شأنه تأجيج الصراع الذي لا طائل من استمراره، وكذلك تخلّي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن نهجه الحالي الذي لا يعترف بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأيضاً إبعاد حماس ونهجها المدمّر الذي انعكس سلباً على القضية الفلسطينية، واتّضح أنه قائم خدمة لأطراف وأجندات خارجية ليس لها أي علاقة بالشعب الفلسطيني، ذلك أن تلك الأطراف التي تدّعي دعمها للشعب الفلسطيني، لم تتحرك لنصرة أهل غزة أو تبذل جهوداً حقيقية في هذا المسعى، ودون ذلك فإن هذا الصراع سيستمر ويتفاقم لتتفاقم معه الخسائر والمآسي، وتنعدم بعد ذلك  الفرص المتاحة التي قد لا تتكرر.