ما خلف الكواليس في أحداث دير الزور؟ - أردوغان آلتان

ما خلف الكواليس في أحداث دير الزور؟ - أردوغان آلتان
24 آب 2024   10:36

يبدو أن مخططات وضعت خلال اجتماعات أستانا هي التي تقف وراء هجمات المرتزقة التابعة لقوات حكومة دمشق والدفاع الوطني التي بدأت في 7 آب الماضي على مقاطعة دير الزور.

كانت منطقة دير الزور أحد المعاقل الأساسية لمرتزقة داعش حتى عام 2019، وتم تحريرها من قبل قوات سوريا الديمقراطية في العام نفسه. لكن الهجمات على المنطقة استمرت بشكل متقطع، كما أن العديد من القوى دعمت هذه الهجمات؛ ويمكن القول إن هناك قوى شاركت في اجتماعات أستانا تقف وراء هجمات المجموعات التابعة لحكومة دمشق مرتزقة الدفاع الوطني في 7 آب 2024.

بداية يجب أن نقول إن أساس هذه الهجمات قد تم وضعه في منطقة دير الزور قبل عامين. فيما تم وضع المخططات في قمة أستانا في 20 حزيران 2023؛ وتم وضعها حيز التنفيذ في قمة أستانا الـ 21 التي عقدت في كانون الثاني 2024 بمشاركة تركيا وروسيا وإيران.

إبراهيم الهفل البيدق المشترك

ومن الجدير بالذكر أنه تم تعيين المدعو إبراهيم الهفل كبيدق مشترك بين الدول الأربع على طاولة اجتماعات أستانا. لم يعلن نظام دمشق وجوده بشكل علني فيما يتعلق بهجمات العام الماضي في دير الزور، لكنه هاجم مجلس دير الزور العسكري وقوات سوريا الديمقراطية تحت أقنعة مخفية، باسم قوات العشائر. ولاقت هذه الهجمات دعماً ومساندة من الدفاع الوطني، والمرتزقة التابعة للمخابرات التركية في المناطق المحتلة. كما أن وسائل الإعلام نشرت العديد من الوثائق والصور الخاصة بالهجمات التي بدأت في 7 آب (2024)، والتي تظهر وجود قوات حكومة دمشق والدفاع الوطني. واستهدفت هذه الهجمات بشكل خاص مناطق مدنية، وفقد 14 مدنياً حياتهم وأصيب العديد.

وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها فإن غرفة الدفاع والدفاع الجوي والفرقة الرابعة ومرتزقة الدفاع الوطني التابعة لحكومة دمشق شاركت في هذه الهجمات. وبحسب مخططات الدفاع الجوي المرتبطة بمخابرات حكومة دمشق، فإن مناطق شرق دير الزور الممتدة من بلدة ذيبان إلى الغرانيج كان ينبغي أن تخضع لسيطرتها.

في البداية، شاركت مجموعات المرتزقة المرتبطة بإبراهيم الهفل عبر خلايا سرية في بلدتي الشحيل والحوايج، وعبروا من بلدة الشامية إلى ذيبان. وبعد بدء الاشتباكات ساعدوا الخلايا السرية هناك ودخلوا بلدات أبو حمام والكشك والغرانيج ومن هناك أرادوا التوجه إلى طريق عماد والسيطرة عليه لفصل المناطق عن بعضها وبدء الهجمات.

بعد التصدي لهجماتهم بدأت الخلافات بين المرتزقة

وفي منطقتي العشارة والقورية، قامت مجموعة مؤلفة من 200 شخص من المرتزقة بقيادة أبو زيد وأبو وضحة، مع 100 عنصر من الخلايا السرية، بالتحضير لهجمات في الطبانة وسويدان ودرينج. وبالتزامن مع هذه الاستعدادات، بدأت مرتزقة أبو نورة وسعيد البكري والمرتزقة التابعين لهما هجمات في منطقة الحمام شرق - غرب الجزيرة. في غضون ذلك حاولت خلايا سرية أيضاً تنفيذ عمليات واغتيالات ضد مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية. لكن قوات سوريا الديمقراطية ومجلس دير الزور العسكري ردوا بقوة وتم صد ودحر الهجمات.

وبحسب التقارير، تراجعت مجموعات المرتزقة التابعة لأبو زيد وأبو وضحة في منطقة القورية في اللحظات الأولى للهجمات ولم تشارك في المواجهات. ولهذا السبب ظهرت خلافات بين مجموعات المرتزقة. ووصلت هذه الخلافات إلى حد تشهير السلاح في وجه بعضهم البعض. وكانت قوات الدفاع الجوي التابع لحكومة دمشق قد أعطت تعليمات لعبور نهر الفرات وبدء الهجمات. ولكن نظراً لأن القوات الموجودة في منطقة القورية كانت تعلم أنها لن تكون قادرة على القتال ضد قوات سوريا الديمقراطية، فإنها لم تنفذ التعليمات وتراجعت. وبدأت مجموعات المرتزقة بقيادة أبو نورة وسعيد البكري هجوماً مع مجموعات مرتزقة الذيبان وبعض الخلايا النائمة التي كانت منتشرة سابقاً في المنطقة.

ما هي أهمية دير الزور؟

منطقة دير الزور هي منطقة جذب، نظراً لموقعها الجغرافي ومواردها الباطنية وبنيتها الاجتماعية. وتشكل دير الزور مثلثاً استراتيجياً بين العراق وسوريا والأردن، وتقع أيضاً على طريق استراتيجي يصل إلى لبنان وإسرائيل. ولذلك أصبحت ساحة صراع للعديد من القوى التي تريد أن يكون لها كلمة في المنطقة.

وبناء عليه، فإن هجمات دير الزور ليست جديدة، وتم إعداد المخططات منذ فترة طويلة. الدور الرئيس في ذلك تلعبه حكومة دمشق، التي تقول "سنستعيد سيادتنا في شمال وشرق سوريا". وتشير التقارير إلى أن بعض المشايخ العرب، ومن بينهم إبراهيم الهفل، يتواصلون مع دمشق ويعقدون اجتماعات. ناهيك عن مشاركة إبراهيم الهفل في الهجمات الأخيرة. كما قدم مسؤول المخابرات العامة لحكومة دمشق، حسام لوقا التوجيهات للمرتزقة في دير الزور، وقام بتحريك الخلايا النائمة في قامشلو والحسكة.

 حسام لوقا

حسام لوقا هو أكثر من يثير البلبلة والفتنة بين قبائل ومجتمعات المنطقة. وبحسب بعض المعلومات فإن لوقا يمنح الصلاحيات لبعض الأشخاص الذين يصفهم بشيوخ القبائل ويستخدمهم في مجال التجسس. وكمثال على هذه المساعي تم خلال الأسابيع الماضية في مدينة الحسكة ومحيطها اعتقال بعض المرتزقة التابعين لما يسمى شيخ عشيرة المشاهد سليم العساف، ومجموعات تابعة لدمشق كانت تحاول جمع معلومات استخباراتية عن نقاط قوات سوريا الديمقراطية.

التصريحات التي أدلت بها مستشارة الرئيس السوري بشار الأسد السابقة لونا الشبل، في 24 آب/ 2023، كانت بمثابة الاعتراف، حيث قالت: "القيادة السورية حسمت أمرها مع حلفائها، للتوجه نحو عمل عسكري ضخم لتحرير شرق الفرات من الاحتلال الأميركي".

دعم الدولة التركية المحتلة

وقامت دولة الاحتلال التركي، وهي إحدى القوى الفاعلة في قمة أستانا، بحشد خلاياها النائمة في المنطقة خلال هجمات دير الزور، وتعاونت مع حكومة دمشق استخباراتياً.

ولعبت دولة الاحتلال التركي دوراً كبيراً في هجمات المجموعات التابعة لدمشق وإيران في آب 2023 على قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، وفي هجمات 7 آب 2024 حركت مجموعاتها المرتزقة التابعين لها. وشنت المجموعات المرتزقة الموجودة على خطي منبج والشهباء هجمات واسعة، وحاولت دخول المنطقة عدة مرات. كما أعربت المخابرات التركية عن دعمها للمرتزقة التابعين لحكومة دمشق في دير الزور عبر قنوات الإعلام التابعة للمرتزقة.

واعتبرت دولة الاحتلال التركي أن هذه الهجمات بمثابة فرصة لها، فقامت بتدريب مجموعة مرتزقة مكونة من 50 شخصاً في جرابلس لإرسالهم إلى دير الزور. وتبين أن المخابرات التركية وجنود جيش دولة الاحلال التركي قدموا كل أنواع التدريب العسكري لهؤلاء العصابات لتنفيذ أعمال تخريبية واغتيالات ضد مقاتلي ومراكز قوات سوريا الديمقراطية. وتم نشر أسماء هؤلاء المرتزقة الذين تعمل الدولة التركية على إرسالها إلى المنطقة على موقع lekolin.org).).

واستغلّت حكومة دمشق دعوات أردوغان الفاشي، وأرادت إظهار سلطتها وقوّتها بهذه الهجمات، لتعزّز سلطتها وتبسط نفوذها على هذا الأساس.

التأثير الإيراني

يعود الوجود الإيراني في سوريا إلى عصر حافظ الأسد، وتسعى إيران إلى تحريض النظام والإدارة الذاتيّة للدخول في مواجهة وحربٍ ضدّ بعضهما لتظهر ساحة حرب إقليمية جديدة، وبالتالي تخفيف الضغط عنها، ويسعى النظام بحدّ ذاته إلى الاستفادة من هذا الأمر واستعادة المناطق المفقودة، وتسعى إيران كذلك السيطرة على كامل الشريط الحدودي بين سوريا والعراق من البوكمال في دير الزور إلى تل كوجر في مقاطعة الحسكة، وبحسب المعلومات الواردة، فقد قامت قوات القدس التابعة لإيران (الحرس الثوري) في الـ 2 من آب الجاري، باستقدام 20 سيارة محملة بالذخائر من معبر البوكمال الحدودي، وعبرت هذه العربات بتأمين من قوات الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق.

تمّت الإشارة إلى تعاون بين إيران وروسيا ودولة الاحتلال التركي في منطقة دير الزور، إذ يستعدون لشنّ بعض الهجمات على قوات التحالف شرق الفرات، وبناءً على ذلك، عُقد في نقطة تابعة لقوات القدس في البوكمال، اجتماع سرّي بين مسؤولين روس رفيعي المستوى وقوات القدس الإيرانية ودولة الاحتلال التركي، وتمخّض الاجتماع الذي استمرّ لساعتين عن حفر أنفاق من بادية تدمر وحتّى الحدود الأردنية تحت مسمى التنقيب عن النفط، إضافةً إلى تدريب القوات الموالية لإيران على الطائرات المسيّرة لرفع مستوى الهجمات على التحالف.

المصالح الروسية

بغض النظر عن أنّ الدور الروسي لم يبرز كثيراً في أحداث دير الزور، إلّا أنّها تظلّ أحد الفاعلين والمهندسين الرئيسيين في كل ما يتعلّق بسوريا، فروسيا التي تنتهج سياسات تخدم مصالحها في سوريا، تتعاون في بعض الأحيان في سوريا مع أمريكا التي تعدّها عدوتها الرئيسة. في العراق، تدعم روسيا إيران والقوات الموالية لها ضدّ الولايات المتحدة الأمريكية، أمّا في سوريا فيبدو أنّها بدأت سياسة مناقضة تماماً من أجل مصالحها، وتبيّن أنّ روسيا تشارك بعض إحداثيات القوات الإيرانية في سوريا مع إسرائيل وأمريكا، وتدور في بلدتي نبل والزهراء التابعتين لحلب والخاضعتين لنفوذ المجموعات الموالية لإيران، إشاعات تتحدث عن تذرّع أمريكا بإيران والهجوم على النقاط العسكرية، وتأتي هذه الإشاعات للضغط على الشبان ضمن القوات الموالية لإيران واستقطابهم إلى جيش حكومة دمشق. 

ANHA