الديمقراطية حاضرة في لبنان شكلياً وغائبة فعلياً

تشير دلائل عدة إلى وجود عوائق أمام تحقيق الديمقراطية في لبنان، ولاسيما الطائفية والمذهبية، حيث تؤثران على اتخاذ القرارات وتحدّان من التمثيل العادل لجميع اللبنانيين، ويرى مختص أن الديمقراطية غائبة في لبنان؛ لأن كل رئيس منطقة أو حزب أو فئة لديه نظامه الخاص، وهذا بعيد عن الديمقراطية. 

الديمقراطية حاضرة في لبنان شكلياً وغائبة فعلياً
9 يلول 2024   06:30
بيروت
رانيا عبيد

تعدّ الديمقراطية نظاماً للحكم يهدف إلى تمكين الشعب من المشاركة في صنع القرار السياسي، وتوزيع السلطة بشكل عادل، وحماية حقوق الأفراد والحريات الأساسية.

تجارب على دول عربية نجحت في إرساء مبدأ الديمقراطية كتونس والمغرب، بالإضافة لإقليم شمال وشرق سوريا الذي اختار إدارتها الذاتية رغم التحديات والحروب التي تعاني منها سوريا، وتتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية عن الحكومة المركزية في دمشق، ولها نظامها الإداري والسياسي الخاص، ورغم الضغوطات فإن الإدارة الذاتية تدير شؤونها بشكلٍ جيد، ويسودها مبدأ احترام حرية الآخر ولغته ومعتقداته وثقافته.

وعلى الرغم من التطلعات الشعبية الواسعة نحو الديمقراطية في الشرق الأوسط، إلا أن هذا النظام يواجه تحديات كبيرة كالواقع الاستبدادي والسلطة المطلقة، ما يجعل الانتقال إلى الديمقراطية عملية معقدة وطويلة الأمد، كذلك يعاني من ضعف المؤسسات العامة نتيجة الأحزاب السياسية مما يضعف قدرتها على ممارسة الديمقراطية، بالإضافة إلى ذلك، تُسهم التدخلات الخارجية في التأثير سلباً على مسار التحوّل الديمقراطي.

في لبنان، دلائل عدة تشير إلى وجود عوائق أمام تحقيق الديمقراطية ولاسيما الطائفية والمذهبية، حيث تؤثران على اتخاذ القرارات وتحدّان من التمثيل العادل لجميع اللبنانيين، وكذلك انتشار الفساد في المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص، مما يضعف الثقة بالحكومة ويؤثر سلباً على تقديم الخدمات العامة، كما أن التدخلات الخارجية يحد من سيادة لبنان وقدرته على اتخاذ قراراته المستقلة.

النظام التوتاليتاري يهيمن على المشهدية اللبنانية

عندما يسيطر الحزب الحاكم أو طرف على جميع أجهزة الدولة، ويقمع أي معارضة أو اختلاف في الرأي، هذا يعني النظام التوتاليتاري (نظام الحكم الشمولي)، وهذا ما يعاني منه لبنان عبر السنوات الماضية، مما ينعكس على مناحي الحياة كافة.

رئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف فؤاد زمكحل، تحدث لوكالتنا، ونوه إلى أن الديمقراطية في لبنان هي مجرد عنوان "فإذا دخلنا في الأعماق نرى أن لبنان لا يملك أي مفهوم من الديمقراطية، بل يتمتع بالنظام التوتاليتاري، فلبنان لا يزال محاصراً بين أيدي ملوك الحرب الذين توصلوا إلى اتفاق لإنهاء الحرب التي شهدها لبنان في العام ١٩٧٥ وليس إلى سلام".

وأضاف يوسف فؤاد زمكحل: "أن الاتفاق هذا كان مبنياً على المحاصصة والمقاعد فلبس لبنان ثوب التقاسم"، ويرى زمكحل أن الديمقراطية في لبنان غائبة؛ لأن كل رئيس منطقة أو حزب أو فئة لديه نظامه الخاص، وهذا بعيد عن الديمقراطية. 

في لبنان تم اختراع (الديمقراطية التوافقية)

زمكحل بيّن: "في لبنان تم اختراع (الديمقراطية التوافقية) التي أضيفت إلى النظام، وهنالك تناقض بين الديمقراطية والتوافق، فعلى سبيل المثال، الانتخابات والقوانين المتعلقة بها مبنية ليس فقط على الطوائف، بل على الأركان والأقطاب السياسية التي تهيمن على البلد وهذا بعيد عن الديمقراطية، فالنتائج تعرف مسبقاً قبل الانتخابات، ونستطيع معرفة الغالب والمغلوب قبل إنجاز عملية الانتخاب، هذه القوانين مركّبة ومعلّبة لبعض الناخبين وفق مصالحهم".

زمكحل شرح الديمقراطية التوافقية وآعتبر أنها تعني أن الجميع يجب أن يكون في توافق على مشروع أو فكرة معينة، لكن هذا ينافي مبدأ الديمقراطية التي تقوم على التنوع والاختلاف واحترام التنافس بالمشاريع والأفكار، وبالتالي فإن لبنان يتبع السياسة التوافقية البعيدة عن أسس الديمقراطية.

التعنت السياسي عامل إضافي لاستمرار الأزمات في لبنان

إن عدم احترام الديمقراطية الحقيقية يوصل البلد إلى شلل وجمود وإلى فراغات دستورية عده في المؤسسات كما الحال في لبنان، وحسب زمكحل فإن الحل لن يكون بالديمقراطية بل بالصفقات الإقليمية أو الدولية أو الداخلية.

وأكد زمكحل أن عدم احترام الديمقراطية يسهم باستمرار الأزمات في لبنان، بالإضافة إلى التعنت والتحاصص والتقاسم السياسي السائد في لبنان، وهو من الأسباب الرئيسة لاستمرار الأزمات وتفاقمها، مما يجعل التوافق على قضايا وطنية مشتركة أمراً صعباً.

ويرى زمكحل أن الحل العملي قد يكون بمحاولة توحيد الرؤية وإصلاح النظام السياسي القائم على أساس الطوائف والمذاهب والأحزاب، وبناء نظام سياسي عادل يضمن تمثيل جميع اللبنانيين.

(أ ب)

ANHA