إيران ستضبط نفسها ولن تتطور الهجمات إلى حرب إقليمية

اعتبر أستاذ في التاريخ المعاصر أن استهداف القنصلية الإيرانية بدمشق هو لجر إيران إلى حرب، حتى تتمكن من قص أجنحتها بالتعاون مع الغرب، وإيران ستضبط نفسها ولن تتطور الهجمات إلى حرب إقليمية، فيما يرى خبير في الشأن الإيراني بأن الغرض من العملية الإسرائيلية هو تشتيت الانتباه، وإيصال رسالة ضغط للجانب الإيراني والمجموعات المرتبطة بها.

إيران ستضبط نفسها ولن تتطور الهجمات إلى حرب إقليمية
إيران ستضبط نفسها ولن تتطور الهجمات إلى حرب إقليمية
إيران ستضبط نفسها ولن تتطور الهجمات إلى حرب إقليمية
18 نيسان 2024   07:30
مركز الأخبار
كيفارا شيخ نور

تستمر الحرب الإسرائيلية مع حماس منذ أكثر من 6 أشهر، كما أنها لم تعد محصورة بين الطرفين في ظل الحديث عن هدنة ووقف لإطلاق النار، ولكن ما يحصل على أرض الواقع هو توسيع لرقعة الحرب لتشمل جماعات ودولاً في الشرق الأوسط وحتى العالم، وقد تتحول إلى حرب عالمية، بعد أن كانت حرب ظل عبر الوكلاء، وليس بشكل مباشر بين إيران وإسرائيل. 

ويرى أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة عين شمس المصرية الدكتور جمال شقرة أن: "أي هدنة أو وقف إطلاق نار تدعو إليها إسرائيل هي لإعادة ترتيب صفوفها وتنفيذ الاستراتيجية الخاصة باجتياح رفح، وتل أبيب هي المستفيدة من أي وقف إطلاق نار، حيث سيتدفق إليها المزيد من الأسلحة من الولايات المتحدة ومن أوروبا".

أما بخصوص استهداف القنصلية الايرانية بدمشق، فيعتبر شقرة أن هذه العملية: "هي لجر إيران إلى حرب حتى تتمكن من قص أجنحتها بالتعاون مع الولايات المتحدة ومع الغرب الأوروبي كله".

إيران لن تبتلع الطعم

ويعتقد الدكتور جمال شقرة أن: "إيران لن تبتلع هذا الطعم، فمن يتتبع العلاقات الإيرانية الاسرائيلية يلاحظ أن هذه العلاقات قوية وجيدة قبل ثورة الخميني 1979، فإيران اعترفت بإسرائيل عام 1950، كمان أن هجرات اليهود العراقيين إلى إسرائيل كانت عبر طهران".

ويضيف شقرة: "ولكن بعد الثورة قطعت إيران هذه العلاقات وانتقلت العلاقة من التعاون إلى العداء، ولكن هذه العداوة كانت خطابية، ومع تغلغل النفوذ الإيراني إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن مثّل تهديداً وخطوة جديدة في العداء لإسرائيل، وهو ما تسببت بالحرب بالوكالة ما بين الطرفين عبر حزب الله اللبناني والحوثيين وكذلك الشيعة في العراق وسوريا، ومع ذلك ولأن السياسية لعبة قذرة وانتهازية، وجدنا أن إيران تستورد من إسرائيل ما يعادل 500 مليون دولار من الأسلحة أثناء حرب الخليج الأولى، وحتى اليوم كانت حرب إيران حرب خطابية، لم تحدث أي مواجهة حقيقية، ولكن منذ بداية توجه إيران إلى إنتاج الأسلحة النووية من ناحية واعتداء اسرائيل على القنصلية الإيرانية في دمشق مثّل مرحلة جديدة من الصراع بين إيران واسرائيل".

ويرى الدكتور جمال شقرة أن: "الشيء الجديد هو الهجوم الإيراني المباشر على اسرائيل، ولكن إيران ستضبط نفسها ولن تتطور هذه الهجمات إلى حرب إقليمية، لأن اشتعال حرب إقليمية سيدمر المنطقة بأكملها".

هناك فجوة كبيرة بين إسرائيل وحماس بخصوص المفاوضات

فيما اعتبر الباحث في الشأن الإيراني هاني سليمان أن: "هناك فجوة كبيرة بين الطرفين (إسرائيل وحماس) بخصوص المفاوضات على وقف إطلاق النار والهدنة الانسانية، وخصوصاً أن الفصائل تريد ضمانات بخصوص وقف دائم لإطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين لدى إسرائيل، ولا تريد تكرار الخطأ مع الهدنة الانسانية السابقة، والتي لمجرد انتهائها عاودت إسرائيل قصف قطاع غزة، وخاصة أن الظرف السياسي الراهن يدفع بضغوط نسبية على المستوى الدولي لمحاولة إقصاء نتنياهو والحكومة الإسرائيلية على عملية اجتياح رفح".

أما بخصوص القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية بدمشق، يرى سليمان أن: "العملية الإسرائيلية هذه كان الغرض منها تشتيت الانتباه، وإيصال رسالة ضغط للجانب الايراني والميليشيات المرتبطة معها بعدم الإقدام وتصعيد الموقف في مواجهة إسرائيل".

وأضاف سليمان: "هذه العملية كسرت مسار المفاوضات الموجودة وشتت الانتباه نوعاً ما، وأجبرت الجانب الإيراني على البحث عن سبل الرد ومحاولة اتخاذ خطوة إلى الأمام في مواجهة مع الجانب الاسرائيلي، نتنياهو هو المستفيد الأكبر من هذه العملية ومن عملية تجميد مفاوضات وقف إطلاق النار، ولذلك هو المستفيد من عدم وقف إطلاق النار وخاصة أنه لم يحقق أهدافه التي على أساسها بدأ هجومه على غزة، وهو ما سيجعل نتنياهو في موقف حرج، وهو ما يفسر سبب الإصرار الإسرائيلي وتعنت نتنياهو في محاولة اجتياح رفح ومحاولة الهروب إلى الأمام، لأنه في موقف صعب في الداخل الإسرائيلي".

ويعتقد سليمان أن: "الرد الإيراني خفف بعض الضغوط الواقعة على نتنياهو، وأعطاه هامشاً من الحركة والمرونة للاتكاء عليه، والذي أراد توظيف مثل هذا الرد لكسب المزيد من الوقت، ولكن في النهاية فإن وقف إطلاق النار سيعني انتهاء العمل الإسرائيلي والقضاء على هذه الحكومة والعديد من الأسئلة المعلقة والمؤجلة ستكون في مواجهة نتنياهو للإجابة عنها".

وأشار هاني سليمان إلى أن جوهر الصراع الإسرائيلي الإيراني هو: "ملف مركب نوعاً ما، البعض يطرح فكرة أن هناك نوعاً من التنسيق بين الطرفين وأن الرد الإيراني هو مسرحية أو هو نوع من المواجهة غير الحقيقية، ولكن إذا نظمنا الصراع الإسرائيلي الإيراني، فسنرى أن هناك خلافاً موجوداً بين الطرفين وموجود في مفردات وأدبيات الثورة الإيرانية، وهناك تاريخ من المواجهات بين الطرفين عبر أدوات وأساليب مختلفة".

ويرى الخبير في الشأن الإيراني أن: "المواجهة الإيرانية الإسرائيلية أتت في مرحلة لاحقة وبعد مسألة تصدير الثورة وإنشاء إيران لميليشيات على أسس طائفية ونشر التشيّع في الجسد العربي، دائماً ما كانت إيران تطوّع وتستخدم القضية الفلسطينية كمدخل مهم جداً لاختراق المجتمع العربي والشعوب العربية، كما عملت صدع في المجتمعات عبر نشر التشيّع، ولكن تاريخياً لم تقدم إيران على مواجهات خطيرة وكبيرة مع الجانب الإسرائيلي على اعتبار أن ما قامت به إيران هو فقط إنشاء عشرات الميليشيات، وهدم استقرار المجتمعات العربية وهوما حصل في العراق وسوريا ولبنان واليمن".

وقال سليمان: "إذا كانت إيران تركز وتعطي الأولوية لمهاجمة إسرائيل، كانت وظفت كل هذه القدرات للهجوم على إسرائيل أو نصرة القدس والأقصى ودعم غزة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، وخاصة في ظل تحليل الخطاب التاريخي لإيران المتمثل بالقضاء على إسرائيل".

ويرى سليمان أنه: "لم يشهد هذه الهبّة وهذا التحرك بما يتوازن في خطاب إيران التاريخي، فجميع تحركات وكلاء إيران في اليمن ولبنان والعراق كان يغلب عليه الشكل الإعلامي وعلى المستوى العسكري لم يؤدّ إلى تحقيق تغيير في موازين القوى ولن تغير المعادلة".

"لن يكون هناك رد إسرائيلي"

واعتبر سليمان أن: "هذه التجربة فضحت الازدواجية في الخطاب السياسي الإيراني وما بين الخطاب الفعلي على الأرض، لا أقول إنه لا يوجد خلاف أو تأزم، فهناك مساحة موجودة من الخلافات الكبيرة، ولكن لا ترتقي إلى أن تبدأ إيران في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لديها أولويات وأهداف أخرى". 

ويتوقع الخبير في الشأن الإيراني هاني سليمان: "بأنه لن يكون هناك رد اسرائيلي، على اعتبار أن الهجوم الإيراني لم يحقق أي خسائر عسكرية للجانب الإسرائيلي، نعم أنها عملية تختلف عن جملة العمليات السابقة وهو تحوّل نوعي بأن يكون هناك استهداف إيراني مباشر لإسرائيل، وهو التحول الوحيد في هذا الأمر، لكن هذه العملية تم تطويعها إعلامياً ولكن لا توجد أهداف عسكرية واضحة، حيث تم التصدي لكافة المسيّرات، الرد الإيراني هو حتى ترفع الحرج عن نفسها، لتوصل بعض الرسائل لميليشياتها والمتعاطفين معها وللشعب الإيراني".

(أ ب)

ANHA