تصعيد في الأراضي الفلسطينية.. ما هي الأهداف والمؤشرات؟

شهدت الأراضي الفلسطينية خلال الأيام الماضية حالة من التوتر والتصعيد وذلك بالتزامن مع مناورات أميركية – إسرائيلية وقبل زيارة وفد أميركي رفيع المستوى. فما هي الأهداف والمؤشرات؟

قتلت السلطات الإسرائيلية تسعة فلسطينيين في مخيّم جنين شمال الضفة الغربية بينهم شقيقان وسيّدة، وإصابة العشرات. وتُعتبر العمليّة الأشرس والأعنف ضدّ مخيّم جنين منذ عمليّة السور الواقي قبل عشرين عاماً، وسبّبت إرباكاً فلسطينياً لدى السلطة وحركة "حماس".

وكانت ردة الفعل الفلسطينية شعبية من خلال عملية في القدس، نفّذها الشابّ خيري علقم البالغ 21 عاماً، وهو من بلدة الطور بالقدس المحتلّة، أدّت إلى مقتل 7 مستوطنين.

هذه الأحداث المتسارعة في جنين والقدس، سبقتها مناورات تعد الأضخم والأكبر بين إسرائيل وواشنطن، وأيضاً جاءت قبل زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، ومدير الاستخبارات الأميركية، وليام بيرنز، مدير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) لإسرائيل. فما الرسائل التي يريد الطرفان توجيهها؟

تؤكد الإعلامية الفلسطينية وفاء بهاني أن إسرائيل تصعد من أعمالها في جنين وأيضاً تفتح جبهات أخرى في الشمال مع إيران و"حزب الله"، لكن هذا التصعيد في جنين مرتبط بحالة متطورة في الضفة الغربية، وهي الكتائب المسلحة الموجودة فيها، حيث تحاول القضاء عليها، لكنها لن تستطيع، خاصة أن لها تأثيراً على ساحات أخرى.

وتتابع الإعلامية الفلسطينية لوكالتنا أنه "بالتأكيد الضفة الغربية تستنزف الجيش الإسرائيلي وتعطل من تدريباته في غزة والشمال، وبالتالي وليس بشكل مباشر كلها رسائل لمحور المقاومة سواء مناورات أو ما يحدث في جنين".

وبخصوص زيارة بلينكن ومدير الاستخبارات الأميركية لإسرائيل، فتؤكد وفاء بهاني أنها تحمل الكثير من الرسائل، أولها رسائل داخلية لإسرائيل فيما يتعلق بمشاكلهم والإصلاحات القضائية، وتتعلق بالأوضاع والتطور الحالي، وخوف واشنطن من تطور الأحداث وزيادة التصعيد في إسرائيل، وبالتالي هناك ارتباط أكيد فيما يحدث بالمنطقة بشكل عام، وتحاول الولايات المتحدة الأميركية إقناع إسرائيل بأنّ تصرفاتها ستؤدي إلى التصعيد، وبالتالي تؤثر على ساحات أخرى مثل غزة ولبنان، خاصة بالفترة الحالية بالحكومة".

هل ما يجري في الضفة يأتي ضمن الصراع الأميركي - الإيراني على أرض فلسطين؟ تستبعد الإعلامية الفلسطينية وفاء بهاني ذلك، قائلة: "ليس بهذه الدقة أن هناك صراعاً أميركياً إيرانياً على أرض فلسطين، لأن هذا الصراع له أشكال أخرى وساحات عدة، لكن بشكل عام لا ترغب إسرائيل وأميركا بأن يكون هناك دعم إيراني للقضية الفلسطينية، وتعتبران الساحة الفلسطينية أحد أذرع إيران، وبالتالي لها ارتباط غير مباشر، وليس ارتباط مباشر أو صراع مباشر على أرض فلسطين".

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، دعا إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإعادة الهدوء بين إسرائيل والفلسطينيين بعد أيام عدة من التصعيد الدامي.

وقال بلينكن في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بعيد محادثاتهما في القدس، "نحض جميع الأطراف الآن على اتخاذ خطوات عاجلة لاستعادة الهدوء ونزع فتيل التصعيد".

وفور وصوله إلى مطار بن غوريون قرب تل أبيب، دعا بلينكن الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني إلى عدم "تأجيج التوترات"، قائلاً "تقع على عاتق الجميع مسؤولية اتخاذ تدابير لتخفيف التوترات بدلاً من تأجيجها".

إلى ذلك وضع التصعيد الأخير في جنين حركة "حماس" التي تحكم قطاع غزّة أمام امتحان صعب وحرج جدًّا، بحيث ما عاد باستطاعتها "التملّص" كما حدث في أيار الماضي عندما تركت حركة "الجهاد الإسلامي" تُواجه قدرها لوحدها في مُواجهة الإسرائيليين في حرب الأيّام الثّلاثة. لكنّ ردّ حركة حماس بدا هزيلاً وتكراراً لسيناريو معتاد في مثل هذه الظروف والسوابق حاضرة في العقل الفلسطيني، وتجلّى ذلك في تصريحات نائب المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروي عن أنّ "ردّ المقاومة على ما حدث في جنين ومخيّمها اليوم لن يتأخّر".

تظاهرات ضد نتنياهو ودعوات للتصعيد

يحاول نتنياهو الهروب إلى الأمام من خلال عمليّة جنين، وكأنّها الملجأ الوحيد له من أجل تشتيت الرأي العامّ الإسرائيلي، وقد رافقتها دعاية مفادها أنّ الشاباك كان يقود عملية عسكرية وقوّات كبيرة من الجيش بغرض اعتقال هدف كبير وإحباط هجوم كبير يُخطَّط له من داخل مخيّم جنين.

وتجددت التظاهرات الحاشدة في تل أبيب وحيفا وهرتسيليا وبئر السبع والقدس، ضد حكومة نتنياهو، للأسبوع الرابع على التوالي، وسط دعوات لإعلان الإضراب العام وصولاً إلى العصيان المدني.

وبدأ الآلاف من المتظاهرين يتوافدون إلى أمام مباني الحكومة في شارع "كابلان"، وساحة "هابيما" في تل أبيب. واستبقت شرطة الاحتلال انطلاق التظاهرة، وأغلقت عدة شوارع في تل أبيب أمام حركة السير.

وفي مدينة حيفا المحتلة، تظاهر أكثر من 12 ألف شخص احتجاجا على حكومة نتنياهو، مرددين شعارات تطالب باستقالته. وتصاعدت الدعوات لتوسيع رقعة الاحتجاجات على الحكومة اليمينية، وإعلان الإضراب العام وصولا للعصيان المدني.

(ي ح)

ANHA


إقرأ أيضاً