طبول "حرب كلامية" بين إسرائيل وإيران تقرع على وسائل الإعلام

تبادلت إسرائيل وإيران التهديدات بشن "حرب كبرى" تشمل عدة جبهات، قبل أن يوضح الناطق العسكري الإسرائيلي بأن الجيش ليس بصدد شن حرب على لبنان أو ضرب المنشآت النووية الإيرانية. في المقابل ما الرسائل التي أراد "حزب الله" إيصالها من خلال مناوراته الأخيرة في جنوب لبنان؟

أوحت عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وعودة العلاقات السعودية السورية، وصور لقاء وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان آل سعود، بأن الشرق الأوسط مقبل نحو فترة من التهدئة، بعد اتفاق أبرز خصمين في المنطقة. لكن تصريحات متتالية صدرت عن عدد من كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين الإسرائيليين، خلال "مؤتمر هرتسليا" الذي عُقد في 22 و23 أيار الحالي، لمناقشة المخاطر التي تواجهها إسرائيل، وردود الفعل التي أعقبته، قلبت كل الموازين، وبدأت طبول الحرب تُقرع في تل أبيب وتُسمع في طهران ودمشق وفي أوساط "حزب الله" في لبنان. فهل فعلاً سيناريو "الحرب الكبرى" وارد؟ ولماذا التصعيد الكلامي الإسرائيلي ضد إيران اليوم؟

الناطق باسم الجيش الإسرائيلي سارع للقول إن التهديدات التي أطلقها قادة ومسؤولون عسكريون إسرائيليون ضد إيران وحزب الله اللبناني "لا تعني أن الجيش بصدد شن حرب على لبنان أو ضرب المنشآت النووية الإيرانية".

وقال مسؤولون سياسيون إسرائيليون إن التوضيح الذي أصدره الناطق العسكري في ظل تصاعد حدة التهديدات ضد إيران، جاء في أعقاب خروج الأمور عن مسارها، وكذلك بعد تراجع كبير في قيمة العملة المحلية (الشيكل) مقابل الدولار، حيث سجل أدنى مستوى له منذ 4.5 سنوات مباشرة بعد تصريحات هاليفي.

التهدديدات الإسرائيلية تزامنت مع الأزمة الداخلية

https://www.hawarnews.com/ar/uploads/files/2023/05/26/190353_2c341801-ff4b-4eac-ac4a-8b8edb71b9a9.jpeg

ويقول الكاتب المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، إن التصريحات الجديدة بشأن قطع إيران شوطاً كبيراً باتجاه امتلاكها سلاحاً نووياً، وتهديد تل أبيب بضرب طهران ومفاعلها النووي، أو حتى "حزب الله" على الجبهة الشمالية، لم تأتِ بجديد، من حيث الرسائل التي حملتها، على الرغم من كل الجلبة التي أحدثتها".

وأضاف أبو غوش لوكالتنا أن: "هذه التصريحات هي نفسها منذ سنوات، لكنها جاءت هذه المرة تزامناً مع الأزمة الإسرائيلية الداخلية، والخلافات بين الائتلاف الحاكم والمعارضة بشأن سياسات حكومة بنيامين نتنياهو ومساعيها لتقويض الجهاز القضائي، علاوة على الاحتجاجات المناهضة لها وكل ما يترتب عليها، بما في ذلك خلاف الحكومة الإسرائيلية مع الولايات المتحدة".

وأكد أبو غوش أن: "إسرائيل تسعى دائماً إلى تضخيم وتهويل خطر النووي الإيراني، وذلك سعياً للتملص من أي استحقاقات سياسية تجاه القضية الفلسطينية، كما تسعى لإبقاء الشأن الأمني والعسكري طاغياً ومتصدراً لملفات الشرق الأوسط، وكذلك لجلب مزيد من المساعدات والدعم العسكري والمالي".

تل أبيب لا يمكن أن تنفرد باتّخاذ قرارات دون الرجوع لواشنطن

وتابع المختص بالشأن الإسرائيلي بالقول إن: "إسرائيل لا يمكن أن تنفرد باتّخاذ قرارات استراتيجية تجاه إيران دون الرجوع لأميركا، فهي لن تغامر بعلاقاتها ومكانتها عند الولايات المتحدة، وهي رأسمالها الأعلى".

في المقابل، نظم "حزب الله" مناورة عسكرية في أحد معسكراته في جنوب لبنان، حرص على التأكيد في أكثر من مناسبة أنّها رمزيّة بالدرجة الأولى، إلا أنّ هذا لا يلغي أنّها جاءت بقرار واضح من قيادته، يهدف إلى إرسال مجموعة من الرسائل إلى من يعنيهم الأمر في هذا التوقيت بالذات. فما هي هذه الرسائل؟

مناورات حزب الله هو لتأكيد وجوده

يقول المختص بالشأن الإسرائيلي إن: "حزب الله أراد من هذه المناورة في المقام الأول التأكيد على وجوده العسكري في الساحة اللبنانية وخاصة في الجنوب، والكشف عن جزء مما لديه على مستوى المسيّرات المسلّحة".

وأكد أبو غوش أن: "الحزب يريد إيصال رسالة لإسرائيل من خلال محاكاته سيناريو اقتحام المستوطنات، وهو ما كان يهدّد به في السنوات الماضية، ما يعني أنّه على المستوى العملي، انتقل من الخطط الدفاعية، إلى العمل على الخطط الهجومية".

وعلى الرغم من الأجواء الحربية التي بثها "مؤتمر هرتسليا"، والمناورات العسكرية التي نظمها "حزب الله" جنوب لبنان، لكن الحرب ليست على الأبواب. وما نراه ونسمعه - كما يؤكد مراقبون ومحللون عسكريون - ما هي إلى حرب كلامية لا تتعدى وسائل الإعلام.

(م ش)


إقرأ أيضاً