سياسي سوري يدعو لإبعاد الملف الإنساني عن الابتزاز السياسي وفتح جميع المعابر

أعادت كارثة الزلزال المدمر الأنظار إلى قضية إدخال المساعدات الإنسانية عبر معابر محددة وذلك نتيجة لسرقة هذه المساعدات بالإضافة إلى تحول الملف الإنساني إلى أداة للابتزاز السياسي، إذ طالب سياسي سوري بفتح كافة المعابر بما فيها المعابر مع شمال وشرق سوريا وإبعاد الملف الإنساني عن الابتزاز السياسي.

وفي عام 2014، أقر مجلس الأمن عملية نقل المساعدات عبر الحدود لأول مرة، كانت تتضمن أيضاً الدخول من الأردن والعراق. فيما توقف نقل المساعدات عبر البلدين في كانون الثاني/يناير 2020، بسبب استخدام روسيا والصين حق الفيتو في مجلس الأمن أمام دخول المساعدات الأممية عبر هذين البلدين.

وعلى الرغم من معارضة روسيا وقتها لنقل المساعدات عبر معبر تل كوجر/اليعربية الحدودي ما بين مناطق الإدارة الذاتية والعراق إلا أنها لم تعارض على إدخال المساعدات عبر معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه مجموعات مرتزقة تابعة للاحتلال التركي.

وقد وضعت روسيا في عام 2020، خلال التصويت في مجلس الأمن، بعض التعديلات على مشروع إدخال المساعدات الإنسانية، الذي تقدمت به ألمانيا وبلجيكا، يقضي بإلغاء الاعتماد على معبر تل كوجر والإبقاء على معبر باب الهوى فقط.

وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الإثنين (13 فبراير/شباط 2023) أنّ بشّار الأسد وافق على فتح معبرين حدوديين إضافيين بين تركيا وشمال غرب سوريا لإدخال مساعدات إنسانية للمتضرّرين من الزلزال.

وأوضح الأمين العام أنّ الأسد وافق على فتح معبري باب السلام والراعي بين تركيا وشمال غرب سوريا لفترة أولية مدّتها ثلاثة أشهر، لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.

المعابر.. قضية دولية

السياسي السوري ورئيس حزب سوريا أولاً، سلمان شبيب، تحدث لوكالتنا حول ذلك بالقول: "بالمبدأ ووفق كل الاعتبارات الوطنية والانسانية والقانونية يجب أن تفتح كل المعابر الممكنة امام المساعدات الانسانية وخاصة في اوقات الكوارث وموضوع المعابر في الشمالين الشرقي والغربي موضوع مطروح قبل سنوات وتحول الى ما يشبه قضية دولية ويناقش باستمرار في مجلس الأمن وفي الاتصالات الدولية التي تمهد عادة لجلسات مجلس الأمن".

وأوضح "وجهة نظر الحكومة السورية أنه موضوع سيادي يجب أن يكون خاضع للإدارة المركزية وبالتالي كل المساعدات القادمة إلى مناطق سورية يجب أن تمر عبر الحكومة السورية وتؤيد روسيا وإلى حد ما الصين الموقف السوري وكان الاشتباك يحل عبر آلية تعتمد معبر باب الهوى تمدد كل فترة كحل وسط حتى وقعت كارثة الزلزال وكان هناك ضغط وحاجة لفتح المعابر من أجل إدخال المساعدات وقررت جلسة لمجلس الأمن لمناقشة الموضوع وكان الموقف الروسي محرجاً فمن الصعب استخدام الفيتو في وجه قرار لفتح المعابر كلها بين تركيا وشمال غرب سوريا لإدخال المساعدات الإنسانية إلى المنطقة المنكوبة بالزلزال ولا يريد أن يمرر القرار أيضاً فكان المخرج هو موافقة سورية تسبق جلسة المجلس لفتح معبرين إضافيين وبالتالي سحب هذه الورقة من يد أمريكا والدول الأخرى التي تعمل بالتنسيق معها".

وعلى الرغم من حديث روسيا وحكومة دمشق عن سيادية الموضوع إلا أن هذه المساعدات الإنسانية تمر عبر معبر تسيطر عليه جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة ما دفع متزعم مرتزقة تحرير الشام (جبهة النصرة) أبو محمد الجولاني لمخاطبة القوى الدولية عقب الزلزال لإدخال المساعدات.

تسييس واستغلال

شبيب أكد أنه "من الأفضل أن تتغير مقاربة هذا الموضوع وأن يعالج بمرونة بعيداً عن التسيس وأن يكون هناك موافقة رسمية أيضاً لفتح المعابر في شمال وشرق سوريا لإدخال المساعدات أسوة بالمعابر في الشمال الغربي وهو الموقف المتوازن الذي سينعكس إيجابياً في العلاقة بين كل الأطراف وهو ما نحتاجه خاصة في ظروف الكارثة التي نعيشها".

وأضاف "مع الأسف يمكنني القول بثقة أن الأطراف كلها حاولت في البداية استغلال كارثة الزلزال لأهداف سياسية خاصة بها لكن الحجم المروع لها بأبعاده الإنسانية المختلفة لجم هذه الطموحات والأهداف غير الأخلاقية وجعل الأطراف كلها تتراجع قليلاً وتحاول الإيحاء بإنها تتحرك وفق حسابات انسانية بعيدة عن التسييس وبرأينا من المعيب أن يحدث ذلك وأن توضع كارثة كبيرة ومروعة إلى هذه الدرجة فيها عشرات ألوف الضحايا وملايين المشردين في موازين الربح والخسارة السياسية وأن يتم استغلالها بهذه الطريقة من قبل أنظمة ودول ومجموعات لتسجيل أهداف تخدم مصالحها الخاصة". 

وشدد شبيب على أن "المساعدات الإنسانية يجب أن تقدم لجميع المنكوبين وأن يسهل مرورها من جميع الأطراف ومن خلال كل المعابر الممكنة لتصل بأسرع وقت ممكن لأن الاحتياجات كبيرة جداً وتفوق بكثير إمكانية الدولتين المنكوبتين وأن لا يكون هناك أي محاولة لتسييس هذا الأمر الإنساني الضروري والمصيري للملايين من المتضررين".

وأشار إلى أن "الوقائع والمعطيات كلها تؤكد الحاجة الملحة لإدخال المساعدات إلى شمال وشرق سوريا وأن عرقلة ذلك يهدد حياة الملايين من السوريين وهو ما يتناقض مع ادعاءات الأطراف الفاعلة كلها التي تؤكد حرصها على الشعب السوري واستعدادها لتسهيل انسياب المساعدات لتأمين احتياجاته الأساسية خاصة في ظروف الكارثة التي عصفت بسوريا هذا بالإضافة إلى انعكاسات عرقلة إدخال المساعدات النفسية والسياسية المدمرة على مستقبل سوريا ووحدتها وعلى مشاعر الأخوة التي تربط مكونات شعبها".

وخلال أزمة الزلزال المدمر تحولت قضية المساعدات الإنسانية إلى ابتزاز سياسي ومصدر لجمع الأموال حيث تحدثت تقارير بأن كل من حكومة دمشق ومرتزقة الاحتلال التركي قاموا بتجميع هذه المساعدات في المستودعات وإنزالها إلى الأسواق.

موقف وطني وإنساني من الإدارة الذاتية يمكن البناء عليه

وبالتزامن مع ذلك ومن الأيام الأولى سارعت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لتجهيز قوافل إغاثية إلى المناطق المنكوبة وعلى الرغم من عرقلة حكومة دمشق ومرتزقة الاحتلال التركي لدخول هذه القوافل إلا أن الإدارة الذاتية سهلت دخول قوافل مقدمة من العشائر ومنظمات المجتمع المدني كما تسعى لإدخال قوافلها.

سلمان شبيب تحدث حول ذلك بالقول: "الإدارة الذاتية قامت بما هو منتظر منها من واجب وطني وإنساني بمد يد العون للمناطق السورية المنكوبة وليس خافياً أن جهات كثيرة كانت تراقب هذا الموقف لحسابات مختلفة ورغم العرقلة التي واجهت هذه المساعدة من أطراف عديدة وبحجج مختلفة إلا أنها تركت أثراً طيباً وإيجابياً لدى أكثرية السوريين".

وأضاف "نتمنى أن تواصل الإدارة الذاتية تقديم كل ما تستطيع لتخفيف آثار الكارثة وأن لا تنجح القوى المتطرفة في مسعاها لتعميق الشرخ بين أخوة الوطن وتكريس تقسيم الأمر الواقع  وأن ينجح السوريون في تحويل هذه المحنة إلى فرصة جديدة للتلاقي وتعميق مشاعر الوحدة ولاشك ان ما أظهره الشعب السوري بكل مكوناته وأماكن تواجده خلال الأيام الماضية من أصالة ووعي وروح الاخوة والتضامن يعطينا أمل وثقة بالمستقبل المشرق لوطننا وأكد بالوقت نفسه الحاجة إلى خطاب جديد ومقاربة مختلفة من الأطراف كلها تقوم على حسابات وطنية سورية بعيداً عن الحسابات السياسية الضيقة".

 واختتم سلمان شبيب، حديثه بالقول: "يمكن أن يبنى الكثير على الموقف الوطني والإنساني الذي تصرفت بموجبه الإدارة الذاتية ونتمنى أن يعاد النظر بموضوع المعابر التي تديرها وأن تفتح كلها لإدخال المساعدات إلى كل المناطق المنكوبة بسوريا".

(م)

ANHA


إقرأ أيضاً