وجهت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا الكثير من الدعوات لحكومة دمشق من أجل إجراء حوار ينهي الأزمة السورية بحل يتواصل إليه السوريون أنفسهم.
بالرغم من أن حكومة دمشق لم تصغ إلى تلك الدعوات، إلا أن الكثير من الأوساط في سوريا ترى في الحوار بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية ضرورة لا بد منها من أجل إنهاء الأزمة التي بدأت في ربيع عام 2011.
قبل أيام، طالب الرئيس المشترك للهيئة التنفيذية لمنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، جميل بايك، حكومة دمشق بألا تنجرّ خلف سياسات دولة الاحتلال التركي الرامية إلى إبادة الكرد، مؤكداً أن "مصلحة سوريا ليست في تصفية الكرد وإبادتهم بل في التحالف معهم".
تصريحات ننظر إليها بتقدير وإيجابية
وتطرق السياسي السوري ورئيس حزب سوريا أولاً، سلمان شبيب إلى تصريحات بايك، بالقول: "لا يمكن إلا أن ننظر بتقدير وإيجابية إلى هذا التصريح، وخاصة أنه يصدر عن شخصية محورية ومؤثرة في نضال الشعب الكردي وتلقى أقوالها ونصائحها اهتمام واحترام لدى أوساط واسعة من القوى السياسية والمجتمعية الكردية وغير الكردية؛ ومنها القوى المشكلة للإدارة الذاتية، وهي تعكس حرصاً عالي المسؤولية على المصالح الوطنية للشعب السوري ووحدته وفهماً عميقاً لطبيعة الصراعات والأحداث والمؤامرات والمناورات التي تجري في وطننا وعليه وفي المنطقة كلها، ويشكل النظام التركي، أحد أشد الأطراف عدوانية وضرراً على سيادة ووحدة ودول كثيرة فيها وأولها بلدنا سوريا وتؤثر سياساته بشكل سلبي على مصالح الشعوب وعلى مفهوم ومشاعر التضامن والأخوة بينها ومنها الشعب التركي بكل مكوناته القومية والدينية".
وأضاف شبيب: "لاشك أن هذا التصريح في هذه الظروف، يكتسب أهمية خاصة؛ لدقة المرحلة وصعوبتها التي تمر بها القضية السورية وتفاقم التحديات التي تواجهها سوريا وشعبها ووصولها إلى مستويات عالية من التعقيد والخطورة؛ نتيجة إطالة الأزمة وتعطل كل المسارات السياسية ووقوع سوريا إلى حد كبير؛ ضحية لصراع المصالح والاشتباك الدولي الكبير في أوكرانيا وغياب أي أفق لتفاهمات إقليمية أو دولية جدية وفعالة، يمكن أن ترعى تسوية سياسية قريبة تنهي المحنة السورية والاستغلال التركي الخبيث لكل هذه الظروف والمناورات التي يقوم بها؛ لابتزاز بعض الأطراف المؤثرة بالملف السوري لتحقيق غاياته وأطماعه المعلنة في الأرض السورية".
الحوار هو الخيار الوحيد الذي ينسجم مع مصالح السوريين
وعن ضرورة الحوار بين الإدارة الذاتية وحكومة دمشق، قال شبيب: "نتمنى فعلاً أن تلقى دعوة السيد جميل بايك المخلصة التي وجهها للحكومة السورية والإدارة الذاتية؛ للحوار الاستجابة المطلوبة، والحوار برأينا وهو ما نكرره دائماً الخيار الوحيد الذي ينسجم مع المصالح الحقيقية للشعب السوري بكل مكوناته ونجاحه يحققها بالتأكيد، وكل يوم تزداد أهمية وضرورة الاتفاق الذي نأمل ويفترض أن يصل إليه الحوار بين الطرفين وبسرعة؛ لأنه سيشكل الأساس الصلب لمواجهة التحديات الوجودية التي يواجهها وطننا ولاستعادة وحدة سوريا وقيامتها الجديدة وتوحيد الجهود الوطنية السورية؛ لتحرير أرضنا المحتلة والتخلص من كل الوجود الأجنبي عليها ومواجهة الأطماع الأجنبية وخاصة التركية فيها وتسريع الوصول إلى حل سياسي يحقق طموحات السوريين وينسجم مع مصالحهم".
ورأى شبيب أنه "بالتأكيد توجد قوى إقليمية ودولية وحتى سورية لا تريد للاتفاق أن يحصل وتمارس ضغوطاً لحسابات خاصة بها؛ لإفشاله ولأنها تدرك ما سينتج عنه من تغيير إيجابي بالمشهد السوري، ميدانياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وعلى كل المستويات وسيشكل حتماً ضربة كبيرة لكل الرهانات والمخططات؛ لتحقيق أطماع ومصالح غربية على حساب سوريا وشعبها وطموحاتها ببناء مستقبل مزدهر يليق بها".
وأضاف: "نحن واثقين بأن الحوار بين الحكومة والإدارة الذاتية بالقوى المشكلة لها، إذا قام وبني على حسابات وطنية سورية بعيداً عن الحسابات الضيقة والشروط والمطالب التعجيزية وعقد في جو من الثقة سينجح بحل كل الإشكاليات الموجودة والوصول الى اتفاق وستفشل كل الضغوط والمحاولات الخبيثة؛ لعرقلته".
نتائج كارثية لفشل الحوار
وعن النتائج السلبية لفشل الحوار، قال شبيب: "لا أستطيع تصور، فشل الطرفين بالوصول إلى اتفاق؛ لأن كل الخيارات الأخرى ستكون كارثية حتماً بنتائجها وتداعياتها على سوريا بدرجة أساسية وعلى المنطقة وشعوبها، وأولها وأخطرها هو شبح التقسيم الذي سيمتد إلى الدول المحيطة وما يرافقه من صراعات دموية وتغيير ديمغرافي وتهجير ومجاعات، ولا أستطيع أن أفهم لماذا؟ يمكن للطرفين أن يتفاوضا مع جهات وقوى أجنبية ويتوصلوا معها إلى اتفاقيات وتفاهمات ولا ينجحوا في ذلك مع بعضهم وكلهم سوريين، ويفترض أن يكونوا طرفاً واحداً في مواجهة الآخرين؛ لأنهم بالأساس أخوة توحدهم هوية وطنية واحدة ومصالح واحدة، ويواجهون مخاطر وتحديات مشتركة، نأمل أن يتواصل الحوار الأخوي بين الطرفين وأن ينجح ويتم التوصل إلى اتفاق وبأسرع ما يمكن وقبل فوات الأوان".
(م)
ANHA