تحدث تقرير لصحيفة العرب اللندنية عن التوتر الدائر ما بين أذربيجان وأرمينيا، وتأثيره على زعزعة استقرار جنوب القوقاز، الأمر الذي يعزز انزلاق إيران إلى صراع إقليمي أوسع.
يقول التقرير التوترات بين أذربيجان وأرمينيا تهدد بزعزعة استقرار جنوب القوقاز، مما يعزز القلق من سيناريو انزلاق إيران إلى صراع إقليمي أوسع في نهاية المطاف، فهل إيران مستعدة حقاً لغزو جارتها ذات الأغلبية الشيعية لحماية أرمينيا، أم أن التحركات العسكرية الأخيرة تبقى مجرد صخب؟
ويتهم القادة في دولة أذربيجان الغنية بالطاقة، إيران بحشد القوات بالقرب من ناختشيفان عبر حدودها الشمالية الغربية، بينما يواصل الجيش الأذري الاستيلاء على أجزاء من قره باغ، حسب التقرير.
ولم تنف طهران هذه الاتهامات، حتى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني أعلن أن قواعده بالقرب من الحدود الأرمينية – الأذرية أصبحت في حالة تأهب قصوى لاحتمال وقوع هجوم.
الوضع الحالي، في جنوب القوقاز، حسب الصحيفة، لا يزال تحت السيطرة على الرغم من الارتفاع الأخير في منسوب التوتر، وتبقى حسابات إيران إستراتيجية أكثر من كونها تكتيكية حتى الآن على الأقل.
وأثارت تحركات الجيش الأذري اللوجستية الكثيفة مخاوف في إيران من ارتفاع احتمال شنّ عملية ضد أرمينيا، وزار قائد الحرس الثوري الإيراني العميد محمد باكبور المنطقة في 24 آذار الجاري.
وتفيد تقارير بتلقي قوات الحرس الثوري الإيراني، أوامر بالاستعداد الكامل للقتال في مقاطعات شرق وغرب أذربيجان، حيث يشكل الأذريون الإثنيّون غالبية السكان.
"الوضع تحت السيطرة"
وتعتمد أذربيجان نزاع قره باغ للضغط على أرمينيا؛ بهدف بناء قسمها من ممر ناختشيفان البري الذي يربط أذربيجان بناختشيفان عبر محافظة سيونيك في جنوب أرمينيا، بحسب الصحيفة.
وسيعزل الممر إيران عن أرمينيا إذا تقرر بناؤه بموجب شروط باكو، وهو الأمر الذي قال ممثل مدينة تبريز الإيرانية علي رضا مونادي إن طهران "لن تسمح به"، حتى أن نائب الرئيس الإيراني السابق للشؤون البرلمانية، محمد رضا ميرتاجوديني دعا طهران إلى ضم ناختشيفان رداً على ذلك.
وكان "الحرس الثوري الإيراني" صريحاً أكثر؛ فقد نشر على قنواته الرسمية تهديدات مفتوحة لرئيس أذربيجان، إلهام علييف عن "تحرّكاته العدائية ضد أرمينيا".
وتبدو إيران مصممة على منع هجوم أذري محتمل على جنوب أرمينيا، وليس واضحاً المدى الذي قد تبلغه لتجنب مثل هذا السيناريو، بحسب الصحيفة.
ويبقى سبب قلق إيران بسيطاً، حيث ستعرّض سيطرة أذربيجان على جنوب أرمينيا مواقع طهران في جنوب القوقاز للخطر، وتشكل تهديدا وجودياً لإيران نفسها.
تجاهل طهران التعاون الأذري الإسرائيلي هو علامة ضعف
وستكون إيران في الشمال محاطة كلياً بالدول الناطقة باللغة التركية، وتخشى أن تسمح أذربيجان في نهاية المطاف لإسرائيل باستخدام أراضيها لشن هجمات عليها، وتعمل أذربيجان بالفعل على تقوية علاقاتها العسكرية والاستخباراتية مع إسرائيل التي تبقى عدو إيران اللدود.
وإذا تجاهلت طهران التعاون الأذري – الإسرائيلي فسيمكن تفسير هذه الخطوة؛ بأنها علامة ضعف، ولهذا السبب من المتوقع أن تستمر طهران في استعراض عضلاتها العسكرية في المنطقة حتى تؤكّد أن في تهديد وحدة أراضي أرمينيا تجاوزاً للخط الأحمر بالنسبة إليها.
وقد يكون التوقيت في صالح إيران، حيث وقع الحادث الكبير الوحيد مؤخراً في قره باغ مع اتخاذ القوات الأذرية "تدابير عاجلة" لمنع بناء طريق لتجاوز ممر لاتشين الذي يبقى الخط الوحيد الذي يربط أرمينيا بقره باغ.
وإذا قررت إيران رفع المخاطر ومهاجمة أذربيجان التي تدعمها إسرائيل لأي ذريعة، فإنها تخاطر بمواجهة مفتوحة مع دولة ستدعمها تركيا المنتمية إلى الناتو إضافة إلى إسرائيل.
ويتعيّن على صانعي السياسة في طهران التفكير مرتين قبل اتخاذ أيّ خطوة في جنوب القوقاز، ويبقى تجنب المواجهة المباشرة ممكناً إذا كان النهج المعتمد هادئاً ومدروساً.
(م ش)