سببت السياسات القائمة على التفرقة وإثارة النعرات بين الأديان والقوميات المتعددة في سوريا وبلدان الشرق الأوسط بحدوث انقسامات عميقة وأزمات متتالية عانت منها الشعوب على مدى طويل من الزمن.
في شمال وشرق سوريا التي تديرها الإدارة الذاتية يسود جو من التسامح بين مختلف المكونات الدينية والقومية ويشكلون معاً إدارة يرى الكثيرون فيها أملاً للخلاص من الأزمة السورية.
في هذا السياق، قال دكتور علم الاجتماع مقداد عبود لوكالتنا إن وحدة المكونات ضمن النسيج السوري أصبحت ضرورة لا بد منها، في ظل الصراعات والتمزقات التي حصلت أثناء الأزمة السورية على أساس التخوين والتكفير.
'علينا بالوحدة لاستئناف محاولات النهوض من الأزمة'
وصف مقداد اللقاءات القائمة على أساس الحوار بين السوريين باللقاءات المجدية التي من شأنها أن تقرب من وجهات النظر بين المكونات على أسس ثقافية وسياسية وإثنية مختلفة من المجتمع السوري.
واعتبر أن هذه الصياغة من التكامل هي التي يحتاج إليها المجتمع السوري لإحداث توافق يؤسس أرضية فكرية موحدة مع المحافظة على التنوع والاختلاف.
وقال بهذا الخصوص "بدون فكرة النبذ أو الإقصاء أو التمزيق، نحن مع وحدة وسلامة الأراضي السورية، ومع المحافظة على جميع مكونات المجتمع السوري بجميع أفكاره السياسية والثقافية لكي تتمكن من ممارسة دورها في استئناف العمل للبحث عن حل للأزمة بمشاركة الجميع".
'وحدة المكونات يجب ألا تكون مبنية على المحاصصات'
بينما أكد على ضرورة ألا تكون المكونات عنصراً لتفتيت سوريا بل لتوحيدها، "نحن نستفيد من تجربة العراق ولبنان، فهم نظموا المستوى السياسي والمؤسسات السياسية بناءً على المكونات كما هي، دون وحدتها في موقف فكري سياسي مشترك، الأمر الذي يجعلنا نرى أن البلدين، العراق ولبنان، يعانيان من مشكلات مستمرة في تشكيل الدولة أو إجراء الانتخابات النيابية، فهناك محاصصات متخلفة ما قبل وطنية وهي محاصصات طائفية مذهبية والعقل الحديث تجاوز هذه الصيغة من الانقسامات القبل الوطنية".
'الاحتلال وحكم البعث أسهما في خلق شرخ بالنسيج السوري'
بدروه، قال الكاتب السوري حسان يونس إن الموضوع الأكثر أهمية وحساسية للشعب السوري هو موضوع توحيد المكونات السورية بالاستناد إلى الوضع السوري الراهن.
وقال أيضاً "أفضل أن أقول تحقيق الانسجام والتعايش وإزالة الحساسيات بين المكونات أكثر من استخدام مصطلح التوحيد".
حسان لفت الانتباه إلى موقع سوريا، فهي من أكثر البلدان تنوعاً في العالم وتحوي أكثر من 18 مذهباً وإثنية وجماعة روحية مختلفة.
اللا مركزية ترياق
وقال في هذا الإطار "أما فترة حكم حزب البعث ونظرته الشوفينية للقومية العربية سبّبت تدمير آخر عمق للنسيج الاجتماعي السوري، وخلقت حواجز وحساسيات لم تكن موجودة وولّدت عُقداً لدى السوريين لم تكن قائمة".
ورأى يونس أن السوريين يعيشون على عتبة مجموعة عُقَد ومشاكل بينهم، تولدت نتيجة حكم حزب البعث والمفهوم الشوفيني للقومية تارة ومن حكم العثمانيين وما ولده من حساسيات للمكونات المذهبية تارةً أخرى.
في ختام حديثه، أكد الكاتب السوري حسان يونس أنه من الأجدر قراءة التاريخ جيداً وإعادة صياغته وقال "اللا مركزية ترياق للنسيج السوري المدمر، ومنح السوريين الحق في إدارة شؤونهم على المستوى المحلي سيكون كدواء لمعالجة الخراب الذي تسببت به القوى التي ذكرناها".
(ك)
ANHA