مجزرة الدولة التركية في زاخو- رؤوف قره قوجان

كشفت الأحداث التي وقعت في زاخو وجه الإبادة للدولة التركية مرةً أخرى. نحن نواجه دولةً ذات خلفيةً سيئة بمثل هذه المجازر سواء ظهرت في الرأي العام أم لم تظهر. عدد المجازر المرتكبة بحقّ الشعب الكردي كبيرٌ جداً. ولو مُنعت المجازر السابقة لما وقعت هذه المجزرة الآن. جميع القوى التي تتجاهل مجازر الدولة التركية وتدعمها سياسياً وعسكرياً واقتصادياً ودبلوماسياً مسؤولةٌ عن هذه المجازر.

يجب تسليط الضوء على مجزرة زاخو من كل الجهات. وحتّى هذا لا يكفي، يجب الردّ على هذه المجزرة ومعاقبة الدولة التركية.

هذه المجزرة ليست حدثاً عادياً. صحيح أنّ الدولة التركية هي من ارتكب هذه المجزرة لكننا نعلم أن لها شركاءٌ فيها. لا يمكن للقوى المسؤولة عن مجزرة زاخو أن تتجاهل مسؤوليتها هذه. وفقد عشرات الأبرياء حياتهم إثر هجمات الدولة التركية بالطائرات المسيّرة.

وقد ارتكبت مجازر عديدة في مخمور، شنكال، مناطق الدفاع المشروع ومناطق مختلفة من باشور كردستان وروج آفا. وقد أسفرت تلك المجازر عن مقتل العديد من النساء، الأطفال والمسنين، إضافةً إلى ضباط الجيش العراقي.

يلفظ مسؤولو الحزب الديمقراطي الكردستاني الذين ذرفوا دموع التماسيح بخصوص مجزرة زاخو اسم حزب العمال الكردستاني بلا أي خجل. لكنهم ذاتهم السبب في هذه المجزرة. مهما كان السبب، هناك مجزرة وقعت والمسؤول عنها هي الدولة التركية. لكنّ مسؤولي الحزب الديمقراطي الكردستاني يفعلون ما بوسعهم لعدم إدانة الدولة التركية.

كما أنّه لعارٌ كبير، أن تقوم بالبحث عن الأعذار بدلاً من محاسبة مرتكبي المجزرة في الوقت الذي لا تزال فيها دماء أولئك الرضّع والأطفال المقتولين على الأرض. إنّ هذا نفاق. وبغضّ النظر عن أي ذرائع أو أعذار فإنّ دور الحزب الديمقراطي الكردستاني في هذه الهجمات ليس صغيراً. وذلك لأنّ العمليات تُنفّذ بشكلٍ مشترك.

والأمر ذاته ينطبق على الحكومة العراقية المركزية. إذ أنّها ورغم مقتل العشرات من الأشخاص في الهجمات التركية اليومية داخل الحدود العراقية لم تتخذ بحقّها أي إجراءات على الأراضي الواقعة تحت سيادتها. لم تبدي رد الفعل المطلوب كدولة. ما الذي تفعله عشرات القواعد العسكرية التركية في العراق؟ ينبغي لهم الردّ على هذا السؤال. لم تقم الحكومة العراقية بالردّ اللازم رغم استخدام هذه القواعد العسكرية لأغراض هجومية وتسبّبها بمقتل العديد من المواطنين العراقيين.

لهذا فهي مسؤولة عن المجزرة. نأمل أن تؤدّي هذه المجزرة إلى استنفار الحكومة العراقية المركزية وأن تغلق مجالها الجوي أمام الهجمات، وتطرد القواعد العسكرية الموجودة في العراق وتفرض العقوبات. فإن لم تُمنع هذه الهجمات ويُقطع الطريق أمامها ستُضاف مجازر جديدة إلى مجزرة زاخو.

الشريك الآخر لهذه الهجمات هي الأمم المتحدة. بذل ممثلو الأمم المتحدة في العراق كل جهودهم لشرعنة تطبيق اتفاقية الخيانة بشأن شنكال والهجمات التي تُشنّ عليها. لكنّهم لا يصدرون أي صوت عندما يُقتل قادة المجتمع الإيزيدي. لقد انحرفت الأمم المتحدة عن أداء مهمتها وهي تعطي الضوء الأخضر لارتكاب المجازر بحقّ الإيزيديين. وتلتزم الصمت حيال العداء تجاه الكرد. وقد التزمت الأمم المتحدة أيضاً الصمت حيال المشاريع والمخططات الاحتلالية التي قدّمها الدكتاتور الفاشي أردوغان مع خارطة في اجتماعها وسمحت له بارتكاب المجازر.

تنشر الدولة التركية المحتلة إرهابها في كل مكان. ولا توجد أي محاولةٍ لمنعها. أين القانون الدولي، الضمير الإنساني والمسؤولية الأخلاقية؟ ترتكب تركيا جرائم أكبر في روج آفا بسياستها الخارجية العدوانية. إنّهم يلعبون دور القردة الثلاثة عندما يتعرّض الكرد للقتل. وهذا نهج منافق. رغم احتلال أراضي روج آفا فإنّه عندما تسعى الدولة التركية لشنّ هجماتٍ احتلالية جديدة لا تقف أي قوة ضدها.تستغلّ الدولة التركية الفاشية هذا ولاشكّ أنّها ستستمر بارتكاب المجازر. ما لم يتمكّن داعش من القيام به في شنكال وروج آفا تقوم به الدولة التركية الآن. وقيام داعش بتصعيد هجماته عبر فلوله الباقية وارتكابه المجازر والجرائم ضد الإنسانية بلا تردد هو بسبب عدم معارضةٍ أحد له.

إن لم ترفع الدول والمنظمات الدولية المسؤولة عن الدولة التركية الفاشية صوتها عالياً فعلى الشعب رفع صوته.

وكما جرى في شيلادز يجب على الأهالي مهاجمة القواعد العسكرية التركية ويضعوا حدّاً للوجود العسكري التركي في العراق ويستخدموا حقّهم في الدفاع المشروع بكل قوتهم. يجب عليهم كشف القوى المسؤولة عن هذه المجزرة.

كل الأطراف المتعاونة مع الدولة التركية والتي لعبت دوراً في المجزرة بما فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني مسؤولة عن هذه المجزرة.

المجزرة التي ارتكبتها الدولة التركية ليست حدثاً مستقلّاً. إنّها مجزرةٌ مخطط لها واستخباراتية بشكلٍ كبير.

فهم يريدون إخلاء القرى من السكان من خلال استهداف المدنيين وإدامة الاحتلال بهذه الطريقة. إنّهم يصعّدون حدّة هجماتهم الاحتلالية في العراق وضد الكرد في سوريا ويشنّون حرباً بلا هوادة.   

تسعى الدولة التركية إلى تصفية حركة التحرر الكردستانية باستخدام الأسلحة الكيماوية. وترتكب الجرائم المعرّفة في القوانين الدولية كل يوم (الجرائم الدولية). لقد جعلت من المجازر عادةً لها. وهي تعتبر كل مجزرةٍ قامت بها بدءاً بالمجازر التي ارتكبتها بحقّ الأرمن وانتهاءً بمجزرة زاخو مكسباً لها ولم تتحاسب عليها.

يعدّ الصمت حيال مجزرة زاخو شراكةً في هذه الجريمة. أعربت حركة التحرر الكردستانية عن استنكارها لهذه المجزرة عبر قولها "سنحاسب على هذه المجزرة". على الشعوب في العراق الوفاء بمسؤوليتها القانونية، الإنسانية، الوجدانية والأخلاقية حيال هذه المجزرة وأن تحاسب المسؤولين عنها.

(ر)

ANHA