ومنذ وقوع الهجوم صعدت أذربيجان من حدة هجومها على إيران، حيث اتهمتها بالمسؤولية عن الحادث، وأغلقت سفارتها في طهران، وأجلت دبلوماسييها، كما دعت مواطنيها؛ لعدم السفر لإيران قبل أن تعلن وزارة الخارجية الأذربيجانية في بيان رسمي الأربعاء، رفع شكوى لدى المنظمات الدولية على إيران.
وكانت إيران قد اعتبرت أن الهجوم الذي استهدف سفارة أذربيجان في طهران، له دوافع شخصية، وحذر رئيس البرلمان الإيراني، محمد باقر قاليباف، باكو، مما وصفه بالقرارات العاطفية التي يمكن أن يكون لها عواقب بعيدة المدى.
خلافات أكبر من التفجير
ورأى الباحث المصري في الشؤون الإيرانية، محمد شعت، أن الخلافات متجذرة بين الطرفين؛ نظراً لوجود ملفات خلافية وتثير قلق إيران تحديداً تجاه أذربيجان.
وقال لوكالتنا، إن "أهم هذه الملفات هو البعد القومي للآذريين، خاصة وأن القومية الآذرية موجودة بكثرة في إيران، وهناك قلق لدى طهران من تنامي النزعة الانفصالية كباقي القوميات غير الفارسية"، لافتاً إلى أن "طهران ترى أن حكومة أذربيجان تغذي هذه النزعة، وذلك إلى جانب العلاقة بين أذربيجان وإسرائيل حيث إن تل أبيب؛ تعتبر من أهم موردي الأسلحة للدولة الآذرية، ولذلك تخشى طهران من تسهيل مهام للتجسس الإسرائيلي أو تنفيذ عمليات تخريبية عبر الحدود المشتركة بين أذربيجان وإيران".
وحسب شعت فإن "من المرجح أن يكون الحادث ناتج عن تغذية العنصرية الفارسية تجاه القومية الآذرية في الوقت الذي يشن فيه الإعلام الإيراني حملات ضد أذربيجان"، لافتاً إلى أنه "من المتوقع أن تزداد الأمور تعقيداً إذا لم تسارع إيران؛ لاحتواء الأزمة، وأن إيران لديها الرغبة في احتواء الأزمة، لأن التصعيد ليس في صالحها، خاصة وأن التصعيد قد يجعل من مخاوفها أمر واقع وتصبح أذربيجان أصعب التحديات التي تواجهها مستقبلاً، فضلاً عن ردود أفعال القومية الآذرية في الداخل في ظل احتقان الشارع الإيراني".
أزمة لا تعرف المذهب والدين
وعن الموقف الإيراني من حرب قره باغ ودعمها لأرمينيا على الرغم من اعتناقها المسيحية ضد أذربيجان الشيعية، أكد شعت أن "أسباب الدعم الإيراني لأرمينيا في جزء كبير منها، ملفات الخلاف أو المخاوف الإيرانية والتي تتمثل في المخاوف من تغذية النزعة الانفصالية للآذريين، ولذلك إيران تسعى لأوراق ضغط ضد أذربيجان، إضافة إلى قرب أذربيجان من إسرائيل وهو الأمر الذي يزعج إيران وتحتاج أن يكون لها علاقة أيضاً بخصوم أذربيجان، كما أن فكرة التشيع ليست نقطة فاصلة في سياسة إيران إلا إذا كان امتداداً لولاية الفقيه، وهذا الأمر غير موجود في أذربيجان، على الرغم من مساعي إيران لصناعة أذرع شيعية هناك، إضافة إلى أن أذربيجان أقرب لتركيا من إيران".
علاقات تركيا وأذربيجان
من جانبه، رأى الباحث المصري في الشؤون الآذرية، أبو بكر أبو المجد، أن ما حدث في سفارة أذربيجان لم يكن وليد الصدفة وإنما نتيجة احتقان على مدى عقود؛ نتيجة دعم لأرمينيا، وكذلك طالما كانت إيران حريصة على بقاء أرمينيا قوية أمام أذربيجان ودعمتها بالسلاح دون مقابل يذكر؛ لأن سيطرة أرمينيا على إقليم قره باغ كان يتيح لإيران ممارسة نفوذها.
وحسب أبو المجد، فإن "أحد أهم أسباب الخلاف بين طهران وباكو، أن أذربيجان هي الحليف الأقوى لتركيا التي تملك مشروعاً توسعياً في آسيا الوسطى والشرق الأوسط يخالف المشروع الإيراني"، لافتاً إلى أن "الدعم التركي لأذربيجان كحجر عثرة أمام مشروع تمدد النفوذ الإيراني بالمنطقة".
وأشار إلى أنه "بعد سيطرة أذربيجان على أراضي كانت تابعة لأرمينيا، أصبح هناك حدود تجمعها مع إيران التي بدأت تتهمها بالتحالف مع إسرائيل، وتلقى دعماً عسكرياً منها بل زعمت طهران وجود خبراء وقوات إسرائيلية يحمون الحدود الآذرية، كما تحدثت عن وجود اختراق لحدودها عن طريق جنود إسرائيليين من داخل الأرض الآذرية".
أتراك إيران
ولفت أبو المجد إلى أن" إيران تعتبر الطرف الأضعف في الصراع خاصة مع وجود أكثر من 30 مليون آذري بإيران يمثلون أكبر القوميات غير الفارسية داخل إيران، لدرجة أن الحكومة الإيرانية تسميهم بأتراك إيران، وقد يلعبون؛ دوراً كبير ضد إيران حال بدء الأزمة وتطورها بشكل كبير".
وقال: "العلاقات بين إيران وأذربيجان، لن تعود كما كانت بل ستتطور الأزمة بين البلدين، وقد تلجأ إيران قريباً لإغلاق المجال الجوي والحدود أمام الطائرات والشاحنات الآذرية وهو أمر قد ترد عليه أذربيجان بالمثل ما يضر إيران أكثر؛ نظراً للأزمة الاقتصادية التي تعانيها".
وختم أبو المجد حديثه بالتأكيد على أنه "ليس من مصلحة الطرفين استمرار الأزمة ويجب الفصل بين أي خلاف سياسي والعلاقات الاقتصادية".
(ي ح)
ANHA