يخفّف المهجّرون من مقاطعة كري سبي المحتلة من قبل تركيا منذ عام 2019، من وطأة تهجيرهم عن الديار وأشغالهم، بالعمل في مهن غير مهنهم الأساسية، معتمدين على ما يتاح لهم من فرص عمل بين يومية، وأخرى موسمية، لتدبير حياتهم اليومية، بينما أعينهم لا تزال تراقب مناطقهم، وأملاكهم، ومصادر دخلهم في المناطق المحتلة، كحال المهجّر عبد الرحيم شعبان.
شعبان، مهجّر خمسيني، رب اسرة مؤلفة من7 أفراد تقطن مخيم كري سبي منذ أن هُجّرت عن مقاطعة كري سبي عام 2019، جراء الاحتلال التركي للمقاطعة.
يحاول اليوم شعبان، المنحدر من قرية الشركراك التابعة لمقاطعة كري سبي المحتلة، تدبر شؤون أسرته المعيشية عبر عمل المياومة، وفي مهن غير مهنته، بعد أن كان يعمل كمزارع في أرضه التي كانت تُدرّ عليه مدخولاً يساعده في تحقيق الاكتفاء الذاتي له ولعائلته، قبل أن يُهجّر منها.
يؤكد شعبان: "تعاقدت حالياً مع صاحب حصادة للخروج معه في موسم الحصاد، دائماً أبحث عن فرص عمل خارج المخيم لتأمين قوت عيالي".
العمل مقاومةٌ ورفضٌ للاستسلام
العمل بالنسبة للمهجر شعبان مقاومةٌ ورفضٌ للاستسلام، وتجديد ذكريات الديار، ويعدّ عمله الرئيسي ثقافة يريد الحفاظ عليها وعدم استبدالها، اذ يؤكد: "نحن لا نستكين لظروف التهجير، وعيوننا دائماً تتطلع للعودة إلى الديار بعد خروج المحتل منها، ولن نرضى بأن نعيش على ما تقدمه المنظمات الإنسانية، لأننا كشعوب سوريا نعيش مما نكسب من عمل".
ويستفيد المهجّر عبد الرحيم شعبان، كغيره من فرص العمل المتاحة التي توفرها إدارة المخيم، ويدأب على عمل المياومة خارج المخيم كلما أتيحت له الفرصة لتدبر أموره الحياتية خلال فترة وجوده في المخيم في الأعوام الأربعة السابقة.
ويخرج، يومياً، المئات من قاطني مخيم مهجري كري سبي، بحثاً عن العمل في ظل ظروف التهجير الصعبة التي يعيشونها، لإعالة أسرهم وتأمين حياة كريمة لهم، لحين العودة إلى ديارهم.
يقطن، مخيم مهجري كري سبي، الذي أنشأته الإدارة الذاتية في الـ 22 من تشرين الثاني للعام 2019 لإيواء المهجرين قسراً من مقاطعة كري سبي المحتلة وأريافها 6787 شخصاً، موزعين على 1273 عائلة، ويعانون ظروفاً معيشية صعبة بعد ترك مصادر دخلهم، وقلة الدعم المقدم من المنظمات.
كذلك المهجّرة زلخة الموسى، وهي أم لـ 4 أولاد، في العقد الثالث من عمرها، تكافح مع زوجها في الخروج والكدح لإعالة أسرتها، وللتخفيف عن نفسها من وطأة التهجير.
تخرج المهجّرة زلخة الموسى يومياً، مع بداية الموسم الزراعي، للعمل في الحقول الزراعية لمساعدة زوجها في تأمين قوت عيالها، بعد أن ترك زوجها مصدر دخله (الزراعة)، عقب احتلال تركيا ومرتزقتها لديارهم، ومصادرة ممتلكاتهم.
ويعمل رفيق دربها، حارس على منشأة صناعية، ويتقاضى راتباً تصفه زلخة، بغير الكافي لمعيشتهم، نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، والغلاء المعيشي، جراء الانهيار المستمر لقيمة الليرة السورية أمام سعر صرف الدولار الأمريكي.
وتؤمّن إدارة المخيم 102 فرصة عمل بشكل شهري للقاطنين داخل المخيم كـ (حراس، وعمال لبناء الخيم، وخدمات عامة)، وتسعى بأن تستفيد منها كافة العائلات بما يساعدهم في إعالة أسرهم.
وتقدّم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بالتنسيق مع المنظمات الإنسانية بعض المواد المعيشية الرئيسية بشكل دوري للمهجّرين، إلى جانب تقديم الرعاية الصحية، حسب الإمكانيات المتوفرة.
وما يدفع زلخة للعمل إلى جانب تدبر أمور عائلتها المعيشية، إثبات زلخة لدورها في المجتمع، ولتكون مفيدة منتجة، وغير عالة على المجتمع والاكتفاء بالاستهلاك.
ويرتئي جلّ المهجرين القاطنين في المخيم البحث عن فرص عمل خارجه، وخصوصاً في الحقول الزراعية القريبة من المخيم، حيث يخرج المئات من المهجّرين بشكل يومي للعمل في الأراضي الزراعية ومهن أخرى كالحدادة والنجارة والصناعة. في حين وضعت إدارة المخيم إجراءات تضمن حقوقهم وتقاضي أجورهم عبر التعاقد مع المقاولين وأصحاب الأعمال.
(د)
ANHA