جولات عديدة.. ما هي الظروف التي ساعدت بشار الأسد على اختراق العزلة؟

تشير التقارير العربية والغربية إلى أنه وبالتزامن مع مرور 12 عاماً من الأزمة السورية الكارثية، فإن بشار الأسد يعيش هذه الأيام أفضل أيامه، وخاصة بعد زيارات مسؤولين عرب له الفترة الماضية وكذلك حفاوة الاستقبال الذي تلقاه من روسيا والإمارات.

بعد زيارة أجراها بشار الأسد إلى روسيا، وصل إلى الإمارات يوم أمس، زيارتان علنيتان استقبل فيها الأسد بحفاوة غير مسبوقة، كما تأتي هذه الزيارة في وقت تسعى فيها عدة قوى إقليمية إلى جر حكومة دمشق إلى صفها، وذلك في أعقاب عدة زيارات أجراها وفد من البرلمان العربي لدمشق وكذلك زيارتين مهمتين أجراها وزير الخارجية الأردني ووزير الخارجية المصري للعاصمة السورية.

حفاوة الاستقبال التي تلقاها الأسد في موسكو وكذلك رفضه العلني للوساطة الروسية بخصوص التصالح مع رئيس الاحتلال التركي، رجب طيب أردوغان، وكذلك عدم عقد الاجتماع الرباعي (نواب وزراء خارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا) الذي كان من المزمع عقده في 15 و16 آذار الجاري؛ هي دليل على أن وضع حكومة دمشق بات أقوى للتفاوض، وذلك لعدة أسباب منها:

أولاً، موقف أردوغان الداخلي والخارجي ضعيف جداً بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات التركية والوضع الاقتصادي المتدهور في تركيا، ولذلك يرفض الأسد الحوار مع أردوغان، ظنّاً من الأسد بأنه قادر على إسقاط أردوغان - في الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة- الذي كان يسعى إلى إسقاط الأسد طيلة السنوات الماضية.

ثانياً، روسيا أخذت ذلك في الاعتبار رحلات الأسد الأخيرة إلى سلطنة عمان وزيارات وزراء خارجية مصر والأردن لدمشق، دون أي رعاية روسية، وهو ما اعتبرتها موسكو رسالة رفض من الأسد للضغط السياسي الروسي الأخير بخصوص التصالح مع أردوغان.

ثالثاً، تخفيف لهجة السعودية حيال الأسد، حيث أشارت تسريبات إعلامية، يوم أمس إلى أنه اتُفق على إعادة افتتاح القنصلية السعودية خلال أسابيع قليلة، وأن وزير خارجية المملكة سيزور دمشق، ناهيك عن المصالحة السعودية - الإيرانية والتي ستكون لها تأثير على سوريا، علماً أن الخلاف السعودي - الإيراني في عدة ملفات منها سوريا هو الذي جلب روسيا وتركيا إلى التدخل في سوريا، وأي مصالحة بين الرياض وطهران سيكون لها تأثير على تدخل موسكو وأنقرة في الشأن السوري.

رابعاً، الأسد، وبعد زيارته الأخيرة لموسكو، فقد الأمل تقريباً من أي عملية إعادة إعمار روسية لمناطق حكومة دمشق، وذلك مع استمرار الظروف المعيشية الكارثية، وهو ما قد يفسر تعنت الأسد في تلبية رغبات بوتين في التصالح مع أردوغان وخاصة في ظل الانفتاح العربي الملحوظ على الأسد.

خامساً، بالنظر إلى التحرك العسكري الروسي في أوكرانيا، فإن موسكو هي الآن بحاجة إلى حكومة دمشق وحرية العمل في منطقة البحر الأبيض المتوسط أكثر مما يحتاج الأسد إلى الوجود الروسي، وخاصة أن الأسد بات يسيطر على أجزاء كبيرة من سوريا، وكذلك أن الأسد يدرك أن القوى المناهضة له باتت ضعيفة جداً، وذاك بالمقارنة مع قدرة وقوة تلك القوى خلال السنوات الأولى للأزمة السورية.

وأخيراً، يحاول الأسد الاستفادة من التغييرات الإقليمية والدولية، وذلك في ظل ابتعاد التركيز الأميركي عن سوريا، وكذلك انشغال روسيا بالتحرك العسكري الروسي في أوكرانيا وكيفية التكييف مع العقوبات الغربية، وهو ما يبعد تركيز موسكو عن سوريا أيضاً. وهذا يعني أن القوى الإقليمية ومن ضمنها حكومة دمشق قررت أن تصلح العلاقات دون أي تلقين خارجي.

(ي ح)