إفلاس بنوك وإغلاق شركات.. هل اقتربت نهاية النظام الرأسمالي العالمي؟

سادت الأسواق العالمية حالة من القلق والترقب منذ مطلع آذار/مارس الحالي بعد إعلان إفلاس ثلاثة بنوك أميركية بالإضافة إلى بنك كريدي سويس؛ ثاني أكبر المصارف السويسرية.

ويواجه بنك "دويتشه بنك"؛ أحد أعرق وأهم البنوك العالمية على الإطلاق، وأكبر مصرف في ألمانيا وأوروبا، خطر الإفلاس.

كما تواجه مصارف أوروبية كبرى مثل، سوسيتيه جنرال وبي إن بي باريبا اتهامات بالتلاعب والاحتيال الضريبي؛ ما يهدد اسمهما بسقوط كبير حال ثبوت أدانتها.

وما زاد القلق العالمي أن البنوك التي أعلنت إفلاسها تصنف ضمن الأضخم على المستوى العالمي، وتحوز على تصنيفات متقدمة وفق شركات التصنيف المتخصصة.

وأثارت الانهيارات البنكية في أوروبا المخاوف من حدوث أزمة عالمية خاصة أن حالات الإفلاس التي تعرضت لها المصارف الكبري مؤخراً لم تحدث منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008.

وحذر مراقبون وخبراء من تحول أزمة المصارف الحالية إلى زلزال اقتصادي يشكل بداية النهاية؛ للنظام الرأسمالي العالمي برمته.

أزمة عالمية

ورأى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية بالقاهرة والأستاذ الزائر بجامعة موسكو للتمويل وجامعة الاقتصاد الروسية بلخانوف، الدكتور نور ندا، أن "العالم المعاصر يشهد الآن مؤشرات بارزة لأزمة اقتصادية عالمية، قد تكون الأخطر في تاريخ هذا النظام، يصاحب هذه الأزمة بداية للركود التضخمي والذي من شأنه أن يزلزل النظام الاقتصادي الرأسمالي العالمي إلى جانب تصاعد حالات إفلاس البنوك في المراكز الأوروبية والأمريكية".

وقال لوكالتنا إن "هناك مؤشرات مؤكدة عن إغلاق مئات من الشركات والمصانع الهامة في المراكز الرأسمالية وخاصة في ألمانيا وانجلترا وفرنسا وإيطاليا"، مشيراً إلى أنه "إذا أضفنا الى ما سبق تصاعد معدلات التضخم وارتفاع الأسعار غير المسبوقة نكون أمام مستقبل كارثي للنظم السياسية والاقتصادية الرأسمالية العالمية المعاصرة".

 وأكد ندا أن "النظم الرأسمالية تعيش أزمة جادة وللخروج منها تلجأ إلى التكشير عن أنيابها وإخراج وجهها الحقيقي وأسوأ ما فيها"، معتبراً أن "هذا يفسر سلوك النظم الرأسمالية التي تهدد الاستقرار العالمي وتدعم التطرف الديني والقومي (الإخوان المسلمين والصراع الأميركي الغربي الروسي على الأراضي الأوكرانية مثالاً واضحاً) والقيام بإشعال الحروب والدمار في كل مكان في العالم".

نهاية نظام وبداية آخر

وحسب ندا فإنه "من الأهمية بمكان أن نؤكد الآن أننا نشهد أضخم عملية انهيار للنظام الاقتصادي العالمي وهو النظام الذي تمت التوافق عليه في اتفاقيات مؤتمر برايتون وودز عام ١٩٤٤ عشية انتهاء الحرب العالمية الثانية"، لافتاً إلى أن "العالم يشهد الآن بالتزامن مع أزمة النظام القديم بداية إنشاء وصعود نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب بقيادة روسيا والصين".

واعتقد المحاضر بجامعة الاقتصاد الروسية أن هناك جهود جادة تقودها روسيا والصين وبعض الدول الأخرى لإنشاء نظام اقتصادي ونقدي عالمي جديد يمتلك مؤسسات وبنك، كاشفاً أن روسيا والصين بصدد إصدار عملة جديدة هي عملة البريكس لمواجهة سيطرة الدولار.

أزمة تحت السيطرة

من جانبه، رأى رئيس الحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين شعبان، أن "ظاهرة إفلاس بعض البنوك الكبرى بأميركا وأوروبا؛ أثارت القلق في الأوساط الرأسمالية على مستقبل النظام الرأسمالي العالمي واحتمالية تكرار أزمة 2008".

وقال لوكالتنا إنه "حتى هذه اللحظة مازالت الأزمة تحت السيطرة ولم تتحول بعد لظاهرة عالمية؛ تهدد دول الرأسمالية"، لافتاً "في الوقت نفسه إلى أن الأزمة الراهنة ذات دلالة؛ أهمها أن النظام النيوليبرالي العالمي الحالي ينشر اللا مساواة في نطاق العالم كله وحتى داخل الدول الرأسمالية نفسها؛ وهو ما يضاعف الآثار السلبية لمشكلات الاقتصاد العالمي من حيث زيادة تكلفة المعيشة والطاقة وانخفاض معدلات الاستثمار وغيرها من السمات التي أصبحت بارزة في ظل النظام الرأسمالي".

سقوط مرتقب

واعتقد السياسي المصري أن "أزمة الرأسمالية العالمية في طريقها للاستحكام حتى لو نجحت الدول الغربية في السيطرة على أزمة المصارف الحالية فالوضع الحالي سيتطور والنظام العالمي سيستمر في سلوكه المعادي للشعوب"، لافتاً إلى أن "الرأسمالية العالمية بقيادة واشنطن ستعمل على استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية لأبعد مدى؛ لأنها تمثل جانب من مخارج الأزمة المستحكمة التي تواجهها الرأسمالية، فالحرب كما تعتقد واشنطن ستؤدي لاستنزاف روسيا كما حدث مع الاتحاد السوفيتي في التسعينات، كما تؤدي لتنشيط مبيعات الأسلحة والذخائر حيث تتهافت الدول الأوروبية لملء مخازنها من السلاح الأمريكي بعد أن استنفذتها الحرب".

ووفقاً لرئيس الحزب الاشتراكي المصري، فإن "أفول وتراجع الإمبراطورية الأمريكية وسقوط النظام الرأسمالي لن يحدث بين يوم وليلة ولكنه آتي في المستقبل القريب"، مشيراً إلى أن "مؤشر الهبوط واضح أمام الجميع وأعراض المرض ظاهرة لكل ذي عينين، وسيشهد المستقبل المنظور صعود تدريجي للصين لاحتلال مكانتها كقطب قوي منافس للإمبراطورية الأمريكية رأس النظام الرأسمالي التي ستتداعى قوتها بشكل كبير خلال الفترة المقبلة".

(ي ح)

ANHA


إقرأ أيضاً