حديث بارد وتأجيل اللقاء الوزاري.. أين وصل مسار التقارب بين دمشق وأنقرة

شهدت الأيام الماضية غياب شبه تام؛ للحديث عن تقارب دولة الاحتلال التركي مع حكومة دمشق، كما تم تأجيل لقاء وزيري خارجية دمشق وأنقرة دون تحديد موعد واضح ومحدد لهذا اللقاء، فإلى أين وصل هذا التقارب؟

بعد أكثر من عقد من الحرب التركية على سوريا، تحاول روسيا جاهدة؛ للتقريب بين الطرفين (أنقرة ودمشق)، ولعل لقاء وزير الحرب التركي، خلوصي أكار مع وزير دفاع حكومة دمشق، علي محمود عباس في موسكو، كان من ضمن هذا المسار.

وتشير التقارير أن المساعي الروسية لن تنجح بالوصول إلى تقارب بين دمشق ودولة الاحتلال التركي، وخاصة أن الأخيرة هي من أرسلت المرتزقة إلى كافة أنحاء سوريا، وأججت الطائفية والتعصب القومي عبر التحريض على الطوائف والأديان والقوميات في سوريا، وغيرت من ديمغرافية البلاد واحتلت أجزاء كبيرة من الشمال السوري، ومازالت تقتل المواطنين والعسكريين على حد سواء.

أي عملية تقارب بين الطرفين، تحتاج إلى معالجة أسباب المشكلة بين الطرفين، ولعل الطبيعة التي تشكلت فيها تركيا، لا تسمح لها بتغيير نهجها الدموي الاحتلالي، ولذلك من الصعوبة بمكان تنفيذ أنقرة شروط حكومة دمشق المحقة بانسحاب جيش الاحتلال التركي ووقف دعم المرتزقة في المناطق المحتلة، ولعل هذا ما يفسر الغياب شبه التام؛ للحديث عن التقارب التركي مع حكومة دمشق على وسائل الإعلام المقربة من حكومة العدالة والتنمية، بعد شروط دمشق.

وعن مسار التقارب، تحدث لوكالتنا الباحث في الشأن التركي، محمد نور الدين، قائلاً: "نهاية العام 2022 شهدت ما تسمى خارطة الطريق التركية؛ للتقارب مع دمشق، بغية عقد لقاء ما بين أردوغان والأسد، حيث جرى التمهيد لهذه الخريطة عبر اللقاء الذي جرى بين وزراء الدفاع السوري والتركي والروسي في موسكو".

وأضاف: "على الرغم من التصريحات التي صدرت من وزارات الدفاع الثلاث التي وصفت اللقاء بالإيجابية، لكن وجدنا فيما بعد أن خارطة الطريق، لم تسر كما كانت ترغب تلك الدول، وتم تأجيل لقاء وزراء الخارجية، وتم تحديد موعد افتراضي في منتصف شباط المقبل من دون أن يتم الجزم بأن هذا الموعد؛ هو نهائي أو سوف يتأجل أو سوف يلغى".

دولة الاحتلال غير جدية في التقارب

وعن تأجيل لقاء وزراء الخارجية أوغلو والمقداد، رأى نور الدين أن الاجتهادات تباينت حيال الأسباب التي أدت إلى التأجيل، وما إذا كان هنالك من عثرات وعراقيل تحول دون ذلك، مشيراً إلى إن "الطرف التركي كان هو الطرف المبادر للمصالحة، وكذلك الطرف الروسي، كي يخفف من عبء الأزمة السورية التي تقع على كاهله من خلال التقريب بين أنقرة ودمشق، ولكن يمكن القول أن عدم استكمال هذا المسار من آخر اجتماع لوزراء الدفاع، يأتي بالدرجة الأولى وربما بشكل كامل من الجانب التركي، حيث أن الجانب السوري كان ينتظر من الجانب التركي خطوات عملية لاستكمال هذا المسار، من خلال التزام تركيا -بحسب ما أوضحه الرئيس السوري- بسحب جيشها من سوريا وضرب المسلحين الإرهابيين في إدلب والمناطق التي تسيطر عليها تركيا".

وأكد نورالدين أن " الأتراك رفضوا ما يمكن تسميته شروط سوريا، ليس في رغبة مزاجية في ذلك، ولكن الرغبة التركية في المصالحة مع دمشق لم تكن جدية، وإنما أراد أن يستخدم أردوغان ورقة التقارب من أجل أن يستخدمها في حملته الانتخابية نحو الرئاسة، التي ستجري معركتها في أيار المقبل"، كما لفت إلى أن الجانب السوري، لم يكن بمقدوره أن يوافق على استكمال المسار السياسي عبر لقاء وزراء الخارجية، ومن دون أن يحصل على ضمانات جزئية تعكس التزام تركيا بخارطة طريق واضحة ومجدولة زمنياً، يمكن البدء بتنفيذها من الآن حتى الانتخابات الرئاسية وبعدها.

حكومة دمشق لم تهرول للتقارب

وأضاف: "التركي لم يحصل (كما كان يتوقع) على هرولة وإسراع من قبل دمشق نحو لقاء وزراء الخارجية وحتى لقاء الرؤساء، وفوجئوا بالموقف الصلب لدمشق، من عدم الرغبة في مواصلة المسار السياسي من دون التزامات وضمانات من تركيا لتلبية جزء من مطالب سوريا".

وأشار نور الدين إلى أن "الموقف السوري في شروطه على تركيا هو واضح، وجاء نتيجة أكثر من سبب، وأولها صورة الدولة أمام الرأي العام، من أنها لا تفرط بحقوقها الوطنية تجاه دولة معتدية مثل تركيا، التي احتلت الأراضي وعملت على تتريك المناطق الشمالية"، مضيفاً إن "أي لقاء سياسي مجاني من دون تعهدات والتزامات تركية، سيكون بمثابة ورقة مجانية تقدمها دمشق إلى الرئيس التركي في انتخابات الرئاسة"، مؤكداً بأنه "إذا نجح أردوغان في الانتخابات، فأنه سيتنصل من عهوده وسيعود إلى المربع الأول وسياسة العداء لدمشق والعمل على إسقاط النظام في سوريا، واستكمال المشاريع الأخرى سواء ضد الدولة السورية أو ضد وحدات حماية الشعب في شمال شرق سوريا".

كما أضاف، إن هناك سبب آخر، "إيران التي وقفت مع الدولة السورية، ترفض استكمال المسار السياسي من دون أن تشارك هي في هذا المسار، وبشرط أن ينتج عن هذا المسار انسحاب تركي ولو تدريجي من الأراضي السورية، وضرب المجموعات المسلحة الإرهابية في إدلب ومناطق الوجود التركي".

واختتم نور الدين، حديثه بالقول: "تركيا بالأساس، لم تكن راغبة وغير جدية في المصالحة مع دمشق، وكل تصريحاتها كانت لغايات انتخابية، التي لا تمت بأي صلة بالمصالح الوطنية السورية، ولذلك لم تدخل أنقرة في صفقة جدية مع سوريا".

(ي ح)

ANHA


إقرأ أيضاً