أوّل مهمّة قامت بها الحكومة التركيّة بعد الانتخابات هي تكثيف عدائها للكرد ومواصلة هجماتها عليهم، أسفرت الهجمات التي تعرّضت لها المناطق الحدوديّة عن فقدان عددٍ من الأشخاص لحياتهم وإصابة آخرين. واُغتيل حسين آراسان وسط مدينة السليمانيّة، فيما تعرّض كلّ من حلب، أحداث، الشهباء، منبج وقامشلو لهجمات جويّة بالطائرات المسيّرة، وطالت الهجمات مخمور وشنكال أيضاً، وتكشف كلّ هذه الهجمات التي تُشنّ على الكرد السياسة الرئيسة لحكومة حزبي العدالة والتنمية والحركة القوميّة الفاشيّة.
تحوّلت باشور كردستان إلى ملحقٍ لتركيا
كان موقف الكرد ضدّ السلطة الفاشيّة خلال الانتخابات واضحاً جدّاً، لذا فإنّ الحكومة تنتقم الآن من الكرد وتهاجمهم وتسعى إلى إخضاعهم من خلال ترهيبهم، لقد تحقّق التوسّع التركي في أراضي الكرد بفضل تواطؤ الحزب الديمقراطي الكردستاني معه في باشور كردستان (جنوب كردستان)، فقد اخضعوا كرد الحزب الديمقراطي الكردستاني بالفعل، فقد تحوّلت هولير إلى مدينةٍ تركيّة، ليست الهيمنة على الأسواق وطابع المدينة فقط، بل التحكّم بحكومتها أيضاً. لقد تسلّلت أجهزة الاستخبارات التركيّة إلى السياسة، الاقتصاد والحكم في باشور كردستان، فهم (تركيا وأجهزتها الاستخباراتيّة) يرتكبون الجرائم بكلّ سهولة ودون أن يُلقى القبض على المنفّذين. ويتبلور دور أجهزة الاستخبارات التركيّة في سياسات الحزب الديمقراطي الكردستاني حيال مخمور وشنكال وروج آفا، وقد كان إغلاق معبر سيمالكا مؤخراً بناءً على تعليماتٍ تركيّة. وتسعى (الدولة التركية) إلى القضاء على الكريلا نهائيّاً من خلال هجماتها المستمرّة على مناطق الدفاع مديا، ومن ثمّ إلحاق باشور كردستان بالكامل بتركيا على يد الحزب الديمقراطي الكردستاني.
حان دور روج آفا
الوضح الحالي في روج آفا يزعج الحكومة التركيّة الفاشيّة ويثير استيائها من جميع النواحي، فهم لا يطيقون المنجزات السياسيّة للكرد وتوجّههم لتحقيق الاعتراف السياسي بهم أبداً. عندما بدأت أطماع الحكومة الفاشيّة لحزبي العدالة والتنمية في سوريا، وجّهت كامل تفكيرها، لإسقاط نظام الأسد واحتلال سوريا بغية تحقيق مآربها المتمثّلة بالتوسّع وضم ما أمكن من المناطق إلى أراضيها. وأدت دوراً بارزاً في استمرار الحرب الأهليّة، وتسبّبت باحتدام الحرب أكثر وقتل الناس ونزوح ولجوء الملايين من منازلهم وديارهم، وعندما لم يتمكّن من تحقيق النتائج التي يرجوها من سياساته الخارجيّة المتمثّلة في التوسّع والعدوان، سعى إلى المصالحة والاتفاق مع الأسد، ولهذا فإنّ معاداة الكرد والرغبة في إسقاط الإدارة الذاتيّة هو هدفهم الأوّل، وهذا هو الهدف من الهجوم المستمرّ على روج آفا، فهي تسعى إلى القضاء على الإدارة الذاتيّة مهما حصل.
إنّها (تركيا) تمهّد الطريق لشنّ هجمات احتلاليّة جديدة على روج آفا، ويمكن أن تتسبّب الهجمات الجويّة والمدفعيّة بوقوع خسائر وضحايا، لكن من غير الممكن أن يحقّقوا نتائج دائمة، ولهذا يمكن تنفيذ مخططات بديلة، وتتمثّل إحدى الخيارات في بذل قصارى جهدها في اجتماعات موسكو الرباعيّة للقضاء على الإدارة الذاتيّة، إنّهم يسعون إلى إخراج أمريكا من المنطقة لإفساح المجال لعمليات عسكريّة جديدة، أمّا الخيار الآخر فيتمثّل في العمل على إيجاد بدائل للاتفاق مع نظام الأسد، وإذا تطلّب الأمر، فإنّها تحاول إخراج شمال وشرق سوريا من سيطرة الإدارة الذاتيّة وعرضها على حكومة دمشق وبسط نفوذها في مستقبل سوريا. وقد أقامت بتحالفها مع المرتزقة في سوريا، إدارةً فعليّة من خلال احتلال مناطق عفرين وسري كانيه وكري سبي، وهي ترتكب جميع أنواع الممارسات غير المشروعة في هذه المناطق من خلال نشر الإرهاب، ولن تتردّد في توجيه وتصدير الإرهاب إلى أوروبا وتحويله إلى أداةٍ مسخّر لنشاطاتها السياسيّة والدبلوماسيّة، إذا لزم الأمر.
لمحة عن تحالف الجمهور
بعد تدخّل تركيا في الحرب الأهليّة السوريّة، تمكّنت من تغيير معالم المنطقة بفضل علاقاتها مع فلول مرتزقة القاعدة وداعش، وأصبحت قوّةً فاعلة في سوريا من خلال تشكيل قواتٍ عسكريّة من المرتزقة، وتدخّلت في الحروب خارج حدودها ليس في سوريا فقط بل في ليبيا وأرمينيا أيضاً، وارتكبت داخل الحدود التركيّة مجزرتي أنقرة وبرسوس، وارتكبت مجزرةً في تجمّع انتخابي لحزب الشعوب الديمقراطي وقامت بالتغيير الديمغرافي عن طريق اللاجئين وبنت لنفسها قاعدةً جماهيريّة متشدّدة دينيّاً، كما أنّها منحتهم الجنسيّة ليعينوها في الفوز في الانتخابات، كما أنّها لم تتوقّف عن استغلال هؤلاء اللاجئين عند الضرورة واستخدمتهم كأداة ابتزازٍ ضدّ أوروبا، كما أنّها تمادت أكثر وحاولت ترهيبهم (أوروبا) من خلال تنفيذ هجمات وتدبير اعتداءات مع المرتزقة في انكلترا وفرنسا. باختصار، أصبح التحالف مع المرتزقة أداةً متعدّدة الأهداف.
أوصلوا المرتزقة إلى الحكومة
التحالف الذي شكّله أردوغان بعد الانتخابات أشبه بأداةٍ متعدّدة الأغراض، فقد شكّل بإيصاله للمرتزقة إلى الحكومة تحالفاً خطراً جدّاً سواء بالنسبة لتركيا أو للمنطقة بأسرها، فتحالف الجمهور يشبه التحالف المشكّل مع النصرة، داعش، هيئة تحرير الشام وغيرها من القوى بينها القوات العسكريّة التي تُسمى بالجيش السوري الحر. تتألف الحكومة وإلى جانبها، غالبية البرلمان من المرتزقة. وتُعدّ أحزاب؛ العدالة والتنمية، الحركة القوميّة، حزب الاتحاد الكبير، حزب الوطن، حزب الدعوة الحرّة وحزب الرفاه الجديد أكبر مصيبة حلّت على تركيا، إذ يسعى (تحالف الجمهور) إلى تصفية جميع المعارضين في تركيا، وتعمل المحاكم كثيراً على هذا وسيقرع الظلم أبواب الجميع.
من المتوقّع بالتأكيد أن تستهدف الحكومة التركيّة والبرلمان الحالي الكرد، وبدون شك ستحتدّ الهجمات، وروج آفا مستهدفة من كلّ النواحي، إذ سيسعون إلى ضرب التحالف العربي الكردي من خلال الهجمات الخارجيّة والداخليّة، وإسقاط الإدارة الذاتيّة وتحييدها، فيما يُعدّ الحزب الديمقراطي الكردستاني سيناريوهاتٍ لتولّي الإدارة ويحاول إدخال المجلس الوطني الكردي السوري الفاسد ومؤسسة البرزاني الخيريّة التي تعمل كجهاز المخابرات (باراستن) إلى روج آفا. يتخطّى تحالف الدولة التركيّة مع المرتزقة والحزب الديمقراطي الكردستاني الحدود الجغرافيّة ويهاجم روج آفا.
يمكن للمرء أن ينظر إلى تركيا فتتراءى له روج آفا، الكرد مجبرون على بناء وحدة استراتيجيّة بين الأجزاء والتصرّف وفق خطوات وعمليات مشتركة. إذ يجب اعتبار أي هجومٍ على روج آفا هجوماً على باكور، وأي هجوم على باكور هو هجوم على روج آفا والتصرّف على هذا الأساس. تتطلّب المرحلة القادمة من النضال في سبيل الوحدة ونشاط الكرد وفاعليتهم، إزالة الحدود الجغرافيّة وتخطّيها.
(ر)