القيادي الفذ الذي تنبّأ بسقوط داعش في كوباني

تنبّأ الشهيد فيصل أبو ليلى قائد كتائب شمس الشمال وأحد قادة مجلس منبج العسكري خلال لقاء مع وكالتنا، قبل أيام من دخول داعش إلى مدينة كوباني وبدء حرب الشوارع، بأن كوباني لن تسقط بل ستكون مقبرة لداعش.

في يوم الجمعة الذي صادف الثالث من تشرين الأول عام 2014، وبينما كان داعش يشن الهجمات على مدينة كوباني ويزحف نحوها، كان قائد كتائب شمس الشمال، الشهيد فيصل سعدون الملقب بـ "أبو ليلى"، على ثقة بالنصر في المعركة التي يخوضونها.

في ذلك اليوم، التقت مراسلة وكالتنا التي كانت تتابع سير المعارك، بالقيادي الشهيد فيصل أبو ليلى، وأجرت معه مقابلة، قمنا باستعادتها من أرشيف الوكالة، ونعيد اليوم نشرها مع حلول الذكرى السنوية السابعة لاستشهاده.

تاريخ إجراء تلك المقابلة يعود لـ 3 من تشرين الأول عام 2014، أي قبل يومين من دخول داعش إلى شوارع مدينة كوباني وانطلاق حرب الشوارع الطاحنة في أرجائها، والتي استمرت فيما بعد قرابة 4 أشهر حتى تمكنت القوات المدافعة عن كوباني من تحريرها.

ماذا قال أبو ليلى آنذاك؟

وبينما كانت ملامح الثقة والهدوء ظاهرة على وجهه، أكد أبو ليلى: "نحن نحارب بالبنادق والقنابل اليدوية، يجب على الجميع أن يعلم بأن كوباني لن تسقط". وأضاف: "لا نملك أسلحة ثقيلة كالدبابات والمدافع والصواريخ، أكبر أنواع الأسلحة التي نملكها هو قاذف آر بي جي".

وعندما تسأل مراسلة وكالتنا عن سبب تعرض كوباني للهجوم الكبير، أوضح أبو ليلى: "كوباني تعني وجود الكرد أو زوالهم. على الجميع أن يعلم بأن كوباني لن تسقط، وستنتصر بفضل مقاومة وحدات حماية الشعب والمرأة ومقاتلي كتائب شمس الشمال، كوباني ستترك بصمة في التاريخ، ولن يتكرر سيناريو الأنبار وتكريت التي لم تقاوم رغم امتلاك شتى أنواع الأسلحة لكنها لم تصمد 24 ساعة".

وكما لو كان يعلم مسبقاً ما ستؤول إليه نتائج المعركة التي يقبل عليها، على الرغم من عدم تكافؤ ميزان القوى، بيّن أبو ليلى: "اليوم مضى 19 يوماً على بدء مقاومة كوباني، هذه المقاومة ستكتب في صفحات التاريخ ليعلم الجميع من هي كوباني وليتجنب طرف آخر غير داعش مواجهتها".

أبو ليلى أضاف بثقة كبيرة: "لن يتكرر سيناريو شنكال في كوباني، لدينا استعداداتنا وكنا نستعد لمثل هذا اليوم، إن وصل داعش إلى المدينة سيكتب التاريخ أن هذا المكان سيكون مقبرة له ولدباباته".

تحقق ما قاله

في 26 كانون الثاني عام 2015، أي بعد 134 يوماً من المعارك والمقاومة، تمكنت القوات المدافعة عن كوباني من طرد داعش وإفشال الهجوم الكبير وكسره، والبدء بشن هجمات ارتدادية لتحرير القرى التي احتلها داعش قبل أن يصل إلى مدينة كوباني، وصولاً إلى تحرير جميع مناطق شمال وشرق سوريا التي احتلها داعش.

وشكّلت غرفة عمليات بركان الفرات، التي اتحدت تحت سقفها وحدات حماية الشعب والمرأة مع كتائب شمس الشمال ولواء ثوار الرقة، نواة تأسيس قوات سوريا الديمقراطية، التي جرى تأسيسها بعد أشهر من تحرير كوباني، لتقود معارك دحر داعش.

على الرغم من الفارق الكبير في القدرات العسكرية التي امتلكها المدافعون عن كوباني وتلك التي امتلكها داعش، تعرض الأخير لهزيمة نكراء، على الرغم من تسلحه بالدبابات والمدافع وناقلات الجند والرشاشات الثقيلة واستخدام السيارات المفخخة، مقابل أسلحة فردية خفيفة وقنابل يدوية حارب بها المدافعون عن كوباني.

كان أبو ليلى أحد أبرز قادة تلك الحرب، وقد أصيب خلالها عدة مرات، إذ تلقى 7 إصابات في أنحاء متفرقة من جسده، لكنه لم يتوقف عن القتال، ومضى بخطى ثابتة نحو تحرير مدينته منبج، لكنه استشهد في الأيام الأولى من الحملة العسكرية التي أطلقت لتحرير منبج.

ففي الثالث من حزيران 2016، أصيب أبو ليلى بجروح بليغة أثناء قيادته معارك مواجهة داعش في الميدان، وعلى الرغم من محاولات الأطباء إنقاذه، إلا أنه استشهد في الـ 5 من الشهر ذاته، ولم تتوقف بعدها المعارك حتى تحرير منبج وتحقيق أهداف الشهيد أبو ليلى.

أبو ليلى.. إرث كبير من المقاومة

خاض أبو ليلى معارك ضدّ قوات حكومة دمشق في أحياء حلب كالأشرفية، والشيخ مقصود، وحلب القديمة، إلى جانب جبهة اللاذقية، وجبهة عين عيسى.

إلى جانب مشاركته في المقاومة التاريخية في كوباني قائداً لكتائب شمس الشمال في الجبهة الشرقية من المدينة، وتحوّل لأحد رموز معركة مرشد بينار (المعبر الحدودي في كوباني) في الـ 29 من تشرين الثاني عام 2014، وأبدى بسالة في القتال أصيب على إثرها 7 مرّات، ونُقل إلى مشافي شمال كردستان للعلاج، وعلى الرغم من ذلك عادَ وخاض المعارك ضد داعش.

كما شارك أبو ليلى في عملية تحرير ناحية صرين، ومدينة تل أبيض، وحملة الهول والشدادي، وتحرير ناحية عين عيسى، بالإضافة إلى حملة تحرير سدّ تشرين ثاني أكبر محطّة كهرومائية في البلاد شتاء عام 2015.

خلال تصريحٍ سابق مع أقرب الأصدقاء الذين وجدوا مع الشهيد فيصل أبو ليلى  لفترة طويلة في ساحات المعارك والقائد العام السابق لمجلس منبج العسكري عدنان أبو أمجد، والذي استشهد في معارك تحرير مدينة الرقة من داعش صيف عام 2017، يقول أبو أمجد واصفاً فيصل سعدون(أبو ليلى): "في كل خطوةٍ كان يخطيها وكل قولٍ منه كان يزيد من عشقنا وحبّنا تجاه الوطن أكثر وأكثر، وبقدر حب الوطن كنّا نجابه رصاص العدوّ دون أي خوف، فيصل أبو ليلى بالفعل كان مصدر المعنويات بالنسبة للمقاتلين، على الرغم من أنه كان قيادياً، كان دائماً ما يسير أمام رفاقه في أصعب الحالات، ويؤمّن لهم الحماية، ودائماً ما كان يوجد في المناطق الأكثر خطورة، فضلاً عن ذلك فإنّه كان يجتمع بمقاتليه، ويحثّهم على المقاومة من القلب والتفكير فقط بالمدنيين وسلامتهم".

(د)

ANHA


إقرأ أيضاً