​​​​​​​شرارة جينا أميني

انطلقت انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية" في روجهلات كردستان وإيران بعد مقتل الشابة الكردية جينا أميني، وخلفت وراءها عاماً كاملاً، بينما تجري الاستعدادات على قدم وساق، لتنظيم فعاليات جماهيرية بالتزامن مع السنوية الأولى للانتفاضة.

​​​​​​​شرارة جينا أميني
16 يلول 2023   00:12
مركز الأخبار -جيهان بلكين

وكانت الفتاة الكردية جينا أميني البالغة من العمر 22 عاماً، قد اعتقلت في 13 أيلول 2022، عندما كانت متوجهة مع ذويها من مدينة سقز في روجهلات (شرق كردستان) إلى طهران لزيارة أقاربها، عندما تعرضت لها دورية ما تسمى "شرطة الأخلاق" بحجة أنها لم ترتدِ الحجاب بشكل صحيح، وأخذتها إلى مركز احتجاز فوزارا في طهران. وأثناء الاحتجاز، تعرضت جينا للتعذيب والضرب المبرّح دخلت إثرها في غيبوبة مدة 3 أيام، ثم فقدت حياتها في 16 أيلول 2022.

من الشارع إلى أنحاء العالم

ومع انتشار خبر مقتل جينا أميني، انتفض بداية، أهالي مدينة سقز ضد الحكومة الإيرانية، وتجمّع الآلاف من الأشخاص في سقز لتشييع جثمان جينا، وتم ترديد الشعار " .Jin, Jiyan, Azadîالمرأة، الحياة، الحرية" في مراسم التشييع. ودعا حزب الحياة الحرة الكردستاني وجمعية الديمقراطية والحرية لشرق كردستان (KODAR) للانضمام إلى الإضراب العام في 19 أيلول تحت شعارات "المرأة والحياة والحرية" و"الشهداء خالدون" رداً على مقتل جينا أميني على يد الحكومة الإيرانية. وانتشرت شرارة انتفاضة سقز في 138 مركزاً في روجهلات كردستان وإيران. وطالب المشاركون فيها بإسقاط السلطة وتحقيق الديمقراطية.

كانت انتفاضة مميزة

كانت لهذه لانتفاضة بدايات ومميزات عديدة. فهذه المرة الأولى في تاريخ إيران، التي يخرج فيها الناس في هكذا انتفاضة على مدى عام. وكذلك المرة الأولى التي تشارك فيها الطالبات وجميع الطلاب الآخرين. والمرة الأولى التي تتجمّع فيها كافة شرائح المجتمع حول المطالبة بإسقاط "النظام". وفي الوقت نفسه، كانت المرة الأولى التي تكون فيها حاشدة جداً وتنتشر في جميع أنحاء العالم.

وكان للأشكال والأساليب المختلفة للأنشطة معنى وأهمية كبيرين. وخاصة نشاطات قص الشعر التي وجّهت رسالة للدولة الإيرانية. وفي الوقت نفسه كانت هناك أيضاً أنشطة مثل إشعال النيران والحرائق والمسيرات وإغلاق المحال التجارية والكتابة على الجدران والاعتصامات والأنشطة في المدارس والجامعات وجمع التواقيع.

تعرضت لمختلف أشكال الهجمات

ومع انتشار الانتفاضة، كثفت الدولة الإيرانية من ضغوطاتها وهجماتها. وهاجمت المنتفضين بالسلاح والعصي والغاز والأساليب العنيفة. وفي الوقت نفسه، تعرضت منازل وأماكن عمل المنتفضين للهجوم أيضاً. كما تعرضت عائلاتهم لضغوط من الدولة الإيرانية. لقد حاولت إنهاءها بالاعتقال والتعذيب والاحتجاز والتهديد. ولم يتم تسليم جثث النشطاء الذين قتلوا فيها إلى ذويهم. وتعرض السجناء للتعذيب الجسدي والنفسي في السجون. السجناء السياسيون في سجن ايفين أشعلوا النار في السجون لدعم المقاومة. وفي هذه المقاومة احترق 4 سجناء وفقدوا حياتهم. وبعد ذلك امتدت مقاومة السجناء إلى مدن سنه وتبريز وعشرات السجون الأخرى. وتزايدت الاعتداءات على السجون، وبدأ السجناء إضراباً عن الطعام احتجاجاً على هذه الاعتداءات.

في الذكرى السنوية ستكشف الإحصائيات

ولم تكشف الحكومة الإيرانية إحصائيات فترة الانتفاضة. لكن حسب المعلومات التي تلقيناها من شبكة حقوق الإنسان الكردستانية، فإن الحكومة الإيرانية قتلت وأعدمت مئات الأشخاص واعتقلت الآلاف خلال عام واحد. وحسب الشبكة سيتم نشر إحصائية العام مع الوثائق في ذكرى الانتفاضة. البيانات التي سيتم نشرها هي التي تم تأكيدها وتوثيقها.

وفقاً لشبكة حقوق الإنسان الكردستانية، ففي شهر آب 2023 فقط، اعتقلت القوات الإيرانية ما لا يقل عن 85 ناشطاً ومواطناً كردياً.

وذكرت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان (هرانا)، ومقرها طهران، أن 524 شخصاً (71 منهم أطفال، و68 فرداً من قوات الأمن) قتلوا في الانتفاضة في إيران منذ بدايتها حتى كانون الثاني عام 2023، وفي الوقت نفسه، اعتقل 19 ألف و401 شخصاً بينهم 713 طالباً.

ولم تنجُ طالبات المدارس الثانوية والمتوسطة اللاتي شاركن في هذا الحدث من سلطات الدولة الإيرانية، وتعرض الطلاب للتعذيب والاعتقال، وبعد ذلك اتبعت الدولة الإيرانية أسلوب التسميم، بداية في مدرسة للبنات في مدينة قم، ثم في عشرات المدن، حيث تم تسميم الأطفال والطالبات. ما أدى إلى مقتل 4 أطفال بسبب التسميم.

اعتقال الصحفيين

ومن أجل منع انتشار موجة الانتفاضة، قطعت الدولة الإيرانية الإنترنت عن المنطقة، واعتقلت واحتجزت العديد من الصحفيين. وبعد نشر الصحفيين نيلوفر حامدي وإلهي محمدي خبر مقتل جينا أميني، ألقت القبض عليهما. كما ألقت القبض على الممثلين ترانه عليدوستي وطه رسوليان ومحمد صادقي الذين أيدوا هذه الأعمال. واعتقل مهدي يراحيي بسبب قيامه بتأليف أغنية ضد الحجاب القسري، كما اعتقل الصحفيان الناز محمدي ونجين باكهري لنشرهما الأخبار حول الانتفاضة.

واعتقلت للمرة الرابعة الصحفية نزيلا معروفيان، التي أجرت مقابلة مع والد جينا أميني، التي قتلتها الحكومة الإيرانية، في 30 آب. وأطلق سراحها بكفالة في (10 أيلول 2023). وألقي القبض على العديد من الأشخاص الذين نشروا مقالات عن الاحتجاجات في شبكات الإعلام وحُكم عليهم بالسجن.

الاعتداء على العائلات

كما اعتقلت عائلة جينا أميني وعائلات النشطاء، وما لا يقل عن 80 شخصاً من 39 عائلة فقد أقاربها حياتهم. وتم تهديد العائلات بعدم المشاركة في الانتفاضة. كما تم الضغط على العوائل لدفن جثامين أقاربهم الذين فقدوا حياتهم نتيجة الهجمات بشكل سري.

وفي مواجهة كل مساعي الدولة الإيرانية، انتشرت الاحتجاجات في كردستان وأوروبا. وفي شمال وشرق سوريا خاصة، أقيمت العديد من الأنشطة المختلفة بقيادة النساء. وفي البرلمانات رددت النائبات شعار "Jin, Jiyan, Azadî" وقصّصن شعورهن. وعقدت مؤتمرات نسائية لدعم الانتفاضة.

عملية اعتقالات قبيل الذكرى السنوية

ومن أجل الاستعداد للذكرى الأولى للانتفاضة، أصدرت برامج للنشاطات، إلا أن الحكومة الإيرانية قامت بزيادة عدد الجنود والضغط في جميع أنحاء شرق كردستان وإيران منذ شهر قبيل ذكرى الانتفاضة.

نظمت الحكومة الإيرانية حملة اعتقالات لمنع الاحتجاجات. وفي إطار الحملة قامت باعتقال ما لا يقل عن 50 ناشطاً في جميع أنحاء البلاد بينهم المدافعون عن حقوق الإنسان، سبيده قاليان، ومتين يزداني، وفروكة سامية نيا، وياسمين هاشداري، وهلفه جواهري، وزهرة دادرس، ونجين رضائي. وتم تهديد العائلات بعدم المشاركة في الاحتجاجات.

التحضير للاحتجاجات

وفي إطار الاستعداد الاحتجاجات، أعلنت الأطراف والأحزاب السياسية في روجهلات (شرق كردستان) عن إضراب عام في 16 أيلول ودعت إلى المشاركة فيه.

أصدر اتحاد المرأة الشابة في روجهلات كردستان بياناً بمناسبة الذكرى الأولى لانطلاقة ثورة “المرأة، الحياة، الحرية”. وجاء في البيان: "مع ثورة "المرأة، الحياة، الحرية"، سنحرر شابات العالم والوطن، لذلك لا بد من تحقيق حرية القائد آبو. وعلى الجميع المشاركة في فعاليات ذكرى الانتفاضة بشكل فعال".

دعت رابطة المرأة الحرة لروجهلات كردستان (KJAR) الجميع إلى الخروج إلى الشوارع في 16 أيلول لإحياء الذكرى الأولى لمقتل الشابة الكردية جينا أميني على يد الدولة الإيرانية واستقبال انتفاضة المرأة.

كما حيّا حزب الحياة الحرة الكردستاني (PJAK) وجمعية الديمقراطية والحرية لشرق كردستان (KODAR) انتفاضة "المرأة، الحياة، الحرية".

سيتم تنظيم العديد من الفعاليات ليس فقط في روجهلات كردستان وإيران، بل أيضاً في شمال وشرق سوريا والعديد من الدول الأوروبية.

(ك)

ANHA