​​​​​​​مجزرة برسوس...عندما ارتدت الدولة التركية عباءة داعش – زانا سيدي

​​​​​​​مجزرة برسوس...عندما ارتدت الدولة التركية عباءة داعش – زانا سيدي
20 تموز 2023   01:36

لم تتقبل الدولة التركية حقيقة هزيمة داعش في كوباني؛ حتى فتحت حدودها أمام المرتزقة لارتكاب مجزرة كوباني ومجزرة برسوس في بداية حقبةٍ هي الأعنف في حرب الإبادة التي تخوضها الدولة التركية ضد الكرد، عقب عملية السلام.

بتاريخ الـ 20 تموز/يوليو من العام 2015، نظّم 300 عضو من اتحاد الجمعيات الشبابية الاشتراكية فعالية بعنوان "معاً دافعنا عن كوباني معاً سنعيد إعمارها"، وذلك في مركز بلدة برسوس التابعة لولاية رها (أورفا) الكردستانية، حيث جمعوا ألعاباً لأطفال مدينة كوباني ممن هجّروا من بيوتهم مع ذويهم وأقاموا في برسوس، في أعقاب معركة كوباني التي هزمت فيها داعش.

في الوقت الذي أدلى فيه المشاركون ببيان للرأي العام؛ هاجم انتحاريٌ داعشي يحمل حزاماً ناسفاً التجمع، وفجر نفسه قبل أن تمتلئ الحديقة بجثث متناثرة هنا وهناك، حيث راح ضحية الهجوم 33 ناشطاً وناشطة وجرح 104 آخرون من المكونيّن التركي والكردي.

جاءت المجزرة عقب أسابيع من مجزرة كوباني التي ارتكبتها داعش بدعمٍ تركيٍ مباشر، وبعد 6 أشهر من تحرير مدينة كوباني حيث انهيار الآمال التركية مع هزيمة داعش.

أثارت ردود الفعل غير الجدية من قبل الحكومة التركية في التعامل مع المجزرة قبل وبعد حدوثها؛ الكثير من التساؤلات وخاصةً أن الدولة التركية عُرّفت كأكبر الداعمين لداعش عسكرياً، مالياً، استخباراتياً ولوجستياً خلال فترة سيطرة الأخيرة على مساحات شاسعة في سوريا والعراق.

إلى جانب ذلك لم توفر السلطات في تركيا الحماية اللازمة للتجمع وسط حالةٍ من التهديدات الداعشية التي طالت الكرد في البلدة الحدودية التي كان لها تأثير كبير في تحرير كوباني، ورغم أن التجمع جاء بعلم وموافقة الحكومة.

كانت جميع الأدلة تشير إلى تورط حزب العدالة والتنمية بشكل مباشر في التفجير، وخاصة أن الحكومة في تركيا لم تعلن الحداد بعد المجزرة.

وطالبت منصة "العدل من أجل برسوس" مراراً وتكراراً؛ والتي تضم مجموعة من المحامين يبحثون في وقائع الجريمة، بالإفصاح عن نتائج التحقيقات التي فُرضت عليها سرية، ودعت المحكمة إلى التحلي بالشجاعة والإرادة لبحث القضية من جميع جوانبها دون خوف.

تقرير المنصة قال إن منفذ المجزرة الذي يدعى الشيخ عبد الرحمن ألاجوز، وهو شقيق يونس أمره ألاجوز، أحد منفذي تفجيرات أنقرة التي أسفرت عن مقتل أكثر من 100 مواطن في استهداف تجمع حزب الشعوب الديمقراطي، كان مسجلاً ضمن شخصيات إرهابية مطلوب القبض عليه.

حسب التقرير أيضاً، فقد حصلت أجهزة الاستخبارات على معلومات تفيد بوقوع تفجيرات في مدينة برسوس وأبلغت بها جميع المسؤولين، وصدرت قرارات بتفتيش الجميع، إلا أن مرتكب الحادث لم يواجه أي مشكلة من الناحية الأمنية. وبحسب تسجيلات كاميرات المراقبة فقد كان يتجول بحرية داخل بلدة برسوس، ومرَّ من أمام مبنى مديرية الأمن إلى أن وصل إلى مركز أمارا الثقافي حيث وقع التفجير.

التقرير أوضح أيضاً أن التحقيقات تجري حول الواقعة منذ 18 شهراً، تحت قرار بفرض السرية على تفاصيل القضية، مشيراً إلى أن أهالي ومحامي الضحايا لا يتم تنفيذ طلباتهم، وأنهم طالبوا بإتمام التحقيقات بشكل علني، وأكدوا على ضرورة ضم الضحايا للتحقيقات.

حيث رفض القضاء التحقيق مع كل من شغل في ذلك الوقت منصب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ومدير الأمن العام ووالي ديلوك وقائم مقام برسوس ورئيس جهاز الاستخبارات وآخرين، بينما رفعت قضية واحدة ضد مدير أمن بلدة برسوس فقط، بتهمة "الاستغلال السيئ للوظيفة"، وصدر في حقه حكم بالسجن لمدة 8 أشهر و10 أيام، بالإضافة إلى غرامة مالية بقيمة 7500 ليرة تركية، وفق ما جاء في التقرير.

وبعد التفجير بفترة وجيزة نسف الرئيس التركي "أردوغان" محادثات السلام التي كانت قائمة بين حزب الشعوب الديمقراطي والحكومة التركية بهدف إيجاد حلٍ للقضية الكردية ومشاكل تركيا الأخرى، وينظر المراقبون إلى وجود صلة بين التفجيرات التي استهدفت الكرد والديمقراطيين في تركيا في الفترة التي سبقت نسف محادثات السلام وما حدث بعدها من تدمير للبلدات والقرى الكردية في باكور كردستان وحرب تركيا على الكرد في روج آفا وباشور.

خلال عامي 2019 و 2020 تعرض المشاركون في الوقفات الاحتجاجية للكشف عن المسؤولين عن مجزرة برسوس؛ للهجمات على يد الشرطة التركية، حيث واجهت السلطات التركية بقسوة شديدة، كل المظاهرات التي خرجت للتنديد بذلك الهجوم الإرهابي، ولم تدع الناس تعبر عن رأيها وغضبها بسلام.