الكاتب حسين فقه: حركة حرية كردستان وحّدت المجزّأ وسياسات PDKكلفت الكرد خسارة مناطق واسعة
أكد الكاتب والناشط السياسي، حسين فقه، أن حركة حرية كردستان وحدت المجزأ وخلقت شخصية كردية تعي ذاتها وتمتلك الإرادة التي تصون وتحمي تلك الذات، وأوضح أن الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) أصبح أسير العلاقة التركية المشوهة والتبعية المريضة، وسياساته كلفت الكرد خسارة مناطق واسعة.
رأى الكاتب والناشط السياسي، حسين فقه، أن الحزب الذي يقوم على العشائرية والزعامة القبلية، ونموذجه الحزب الديمقراطي الكردستاني، لن يستطيع تجسيد آمال وطموحات الشعب الكردي بل سيسعى إلى تكريس الزعامة. وبالتالي إلى إشباع نهمه الاقتصادي وتعطشه للمال الذي يدره النفط، مما يحوله إلى خادم مطيع لمصدر هذا المال.
وأشار حسين فقه، خلال حوار مع وكالتنا، إلى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني يرأس حكومة إقليم جنوب كردستان وبرلمانها، وعلى مدار كل هذه السنوات حاول خلق شخصية كردية هشة تعبد الدولار، ولم يؤسس لأي بنية تحتية واقتصادية وصناعية تمكنها من الاكتفاء وتوفير فرص العمل لشعب الإقليم رغم الثروات الباطنية وقدرات شعب كردستان الذي ضحى على مدى عقود، وإن سياسات هذا الحزب كلفت الكرد خسارة مناطق واسعة من إقليم كردستان بما فيها كركوك بعد عملية الاستفتاء.
ونص الحوار كالتالي:
الكاتب والناشط السياسي الكردي السوري حسين فقه.
* تشن دولة الاحتلال التركي، منذ عقود، هجمات ضد الكرد، وتنكر وجود القضية الكردية، وفي المقابل تناضل حركة حرية كردستان منذ 50 عاماً من أجل القضية الكردية والكردستانية، كيف تقيّمون نضال حركة حرية كردستان في هذا الصدد؟
يمكننا القول إن حركة حرية كردستان في نشأتها وظهورها، كانت اللبنة الأولى والأساس لوعي الشخصية الكردية لذاتها، انطلاقاً من خصوصية الهوية الكردية تاريخياً في الجغرافية التي تشكل وطنه الأم "كردستان"، وعلى الرغم من التاريخ الطويل للحركة الكردية في أجزاء كردستان الأربعة، إلا أن هذه الحركة لم تتحول إلى مفهوم الحزب الحقيقي قانونياً وسياسياً رغم تسميتها بالحزب، كونها كانت تفتقر إلى الأيديولوجيا الخلاقة التي تنطلق من خصوصيات شعبها أولاً، ولأنها كانت نخبوية اتخذت من شريحة وطبقة أرستقراطية أساساً لها، والأتباع لم يكونوا سوى مريدين لتلك الطبقة هذا من جهة، ومن جهة أخرى كانت العشائرية والعائلة المتزعمة للعشيرة هي أساس بعض الأحزاب، وهذا لا يخلق مفهوماً للحزب الحقيقي لفقدانها لأولى أسس بناء الأحزاب التي تقوم على الديمقراطية ومبدأ الانتخابات وهذا ما تفتقر إليه العشائرية، وعلى الرغم من إضافة كلمة "الديمقراطية" لأسماء هذه الأحزاب، وبالتالي ظهور حزب العمال الكردستاني الذي انطلق من النخبة الطلابية المثقفة والمستندة إلى فكر وأيديولوجيا خلاقة أدت إلى توجهه لكل فئات الشعب وشرائح المجتمع، وتجاوز كل التقاليد البالية لإشراك المرأة في الحياة السياسية وكل الفعاليات المتعلقة بها وخاصة العسكرية منها، مما خلق نوعاً من الثورة المجتمعية التي تتخذ من إيمانها بالفكر والأيديولوجيا لخدمة قضيتها منطلقاً للوصول إلى أهدافها، وبعبارة مختصرة حركة حرية كردستان وحّدت المجزّأ وخلقت شخصية كردية تعي ذاتها، وتمتلك الإرادة التي تصون وتحمي تلك الذات. وهذا ما تشهد عليه السيرة النضالية المقاومة لهذا الحزب والذي وقف وما يزال، في وجه أعتى دولة فاشية هي القوة الثانية في حلف الناتو.
* تؤكد السلطات التركية أن الكردي الجيد هو الكردي الميت، إلا أننا نرى أن هناك قوى كردية تتعاون مع دولة الاحتلال التركي، كيف تقيّمون هذا التعاون، وما مدى تأثيره على القضية والشعب الكردي؟
نعم الكردي الجيد بالنسبة لتركيا هو الكردي الميت، ولكن ليس الميت جسداً فقط؛ بل الأهم لديها الكردي الميت روحاً والمستلب والتابع لإرادتها، وعندما تعثر على هذا الكردي القادر على بيع روحه، فإنها بالتأكيد ستحاول استثماره وتجنيده ليكون في وجه أخيه الكردي فقط؛ ليصون زعامته التي نفخت فيها تركيا حتى بات لا يرى أبعد من أنفه.
في هذا الصدد، فإن أي تعاون مع تركيا لن يكون في مصلحة الشعب الكردي أينما كان، وهو ليس سوى تشتيت للجهود الكردية وتعميق للهيمنة الفاشية التركية على مصير شعبنا، وبهذا المعنى فإن أي تقارب كردي هو بداية حفر قبر الفاشية والعكس سيكون له التأثير الأخطر والأدهى على القضية الكردية ليس سياسياً فقط، بل سيجلب معه شرخاً مجتمعياً بين الكرد أنفسهم وهذا ما تسعى إليه دولة الاحتلال التركي.
* بالنظر إلى تاريخ الحزب الديمقراطي الكردستاني نرى أن الحزب لم يخدم الشعب الكردي وتطلعاته، بل ساهم في إخماد ثورة قاضي محمد، واعتلى الحزب دبابات صدام حسين من أجل القضاء على الاتحاد الوطني الكردستاني، واغتال العشرات من القياديين والشخصيات الوطنية الكردية، كيف تقيّمون سياسات الديمقراطي الكردستاني؟
كما أسلفت، الحزب الذي يقوم على العشائرية والزعامة القبلية، ونموذجها الحزب الديمقراطي الكردستاني، لن يستطيع أن يجسد آمال وطموحات الشعب الكردي؛ بل سيسعى لتكريس الزعامة. وبالتالي إلى إشباع نهمه الاقتصادي وتعطشه للمال الذي يدره النفط، مما يحوله إلى خادم مطيع لمصدر هذا المال، وهذا ما حدث بعد التدخل الأميركي في العراق في 2003 وما حدث بعده.
الحزب الديمقراطي الكردستاني يحكم كردستان منذ تسعينيات القرن المنصرم، ومرّ هذا الحكم بمراحل كثيرة، تعاون فيها هذا الحزب مع كل أعداء الكرد ضد إخوته الكرد؛ للحفاظ على زعامته ضارباً عرض الحائط القضية الكردية ومصير الشعب الكردي، وبعد عام 2003 والحزب الديمقراطي الكردستاني يرأس حكومة إقليم كردستان وبرلمانها، وعلى مدار كل هذه السنوات حاول خلق شخصية كردية هشة تعبد الدولار، ولم يؤسس لأي بنية تحتية واقتصادية وصناعية تمكنها من الاكتفاء وتوفير فرص العمل لشعب كردستان رغم الثروات الباطنية وقدرات شعب كردستان الذي ضحى على مدى عقود، ولم ينجح هذا الحزب سوى في تمكين الشركات التركية في الإقليم حتى فقدت مدنه خصوصيتها العمرانية أيضاً، وبالتالي اعتمد في كل شيء على البضائع التركية حتى أصبحت أسيرة هذه العلاقة المشوهة والتبعية المريضة، مما خوّل أردوغان ليهدد بغلق الحنفية عنه حتى يختنق. ناهيكم عن أن سياسات هذا الحزب كلفت الكرد خسارة مناطق واسعة من إقليم كردستان بما فيها كركوك بعد عملية الاستفتاء، ولن ننسى أن هذا الحزب هو الذي تخلى عن شعبنا الإيزيدي في شنكال وتركهم عرضة لوحشية داعش؛ ليموت ويتشرد الآلاف.
* تحول الحزب الديمقراطي إلى عدو وإلى جزء من الحرب المعادية للكرد. حيث يشارك الحزب الديمقراطي الكردستاني في الهجمات التي تشنها دولة الاحتلال التركي ضد مناطق جنوب كردستان من جهة، ويصف حركة الحرية التي تصد الهجمات التركية بـ (الإرهابية) من جهة أخرى، ويحاول إضفاء الشرعية أمام العالم على عداء الدولة الفاشية التركية، في الوقت الذي يسعى فيه الكرد وأصدقاؤهم إلى إزالة اسم حزب العمال الكردستاني من "قائمة الإرهاب"، برأيكم لماذا يتعمد الحزب الديمقراطي وصف حزب العمال الكردستاني بـ (الإرهاب) وما أهدافه؟
لا غرابة في ذلك، عندما يكون عدواً كما ورد في سؤالك. ليست الرصاصة وحدها تقتل. فالكلمة قد تكون أشد وطأة فعندما يفتح هذا الحزب أبواب إقليم كردستان لعشرات القواعد التركية، وتصبح مدن إقليم كردستان مسرحاً تجول وتصول فيه الاستخبارات التركية، وتصبح القنصلية التركية في هولير هي الحاكمة في الكثير من القضايا السياسية وقراراتها النهائية، ويصبح إعلام هذا الحزب يقاد من دوائر الحرب الخاصة التركية؛ فلا غرابة أن يتبنى مفاهيم ومصطلحات وخطاب الفاشية التركية. وفي هذا السياق دعونا لا ننسى أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان في لوائح الإرهاب الأميركية حتى 2014 ولم يصفه أي كردي أو حزب العمال الكردستاني بصفة الإرهاب، والهدف من ذلك هو إرضاء الحكومة التركية والحفاظ على مصدر الثروات التي تدرها، وليستمر الحزب الديمقراطي الكردستاني بسياساته الساعية إلى تحجيم كردستان في إقليم كردستان واختصار علم كردستان في علم باشور وتأطير الشعب الكردستاني بالحزب الديمقراطي الكردستاني وزعاماته.
* على الرغم من تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني مع دولة الاحتلال التركي، إلا أننا لا نرى مواقف واضحة من العديد من الأحزاب والقوى التي تدعي أنها كردية وكردستانية، ولا حتى من بعض النخب المثقفة، برأيكم ما السبب؟
كل الأحزاب المرتبطة عضوياً بالحزب الديمقراطي الكردستاني وتلك التي ترتزق من فتات هذا الحزب لا ريب أن خطابها سيكون متناغماً مع خطاب الديمقراطي الكردستاني، ولكن على المقلب الآخر هناك أحزاب كردية وكردستانية هي بالضد من هذه السياسات ومنها الاتحاد الوطني الكردستاني والكثير من أحزب روج آفا وهذا يذكر للتاريخ، أما النخب المثقفة فهي أيضاً ليست على نسق واحد ومنهم من هو ضد مقاربات الديمقراطي الكردستاني والفئة الرمادية منها تنقسم إلى صنفين، منهم من هو مستفيد من الديمقراطي الكردستاني ومنهم من هو مع مواقف الديمقراطي الكردستاني بعُجرها وبُجرها؛ لأنها فقط ضد العمال الكردستاني، وهذا يعود إلى أسباب عديدة، وهو موضوع شائك قد يطول الحديث فيه وجزء من المسؤولية في هذه الظاهرة يقع على عاتقنا لأننا لم نستطع احتواء النخب المثفقة والاستفادة من رؤاها وخبراتها وأيضاً يطول الغوص في هذا السياق.
* ما المطلوب الآن لإيقاف تعاون الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفضح سياساته المعادية لتطلعات الشعب الكردي والكردستاني؟
الحزب الذي لم يتّعظ من العداء التركي الفاضح له في تجربة الاستفتاء لن يتّعظ أبداً، ومن باع روحه فهو ميت فعلاً بالنسبة لتمثيل قضية شعبه، وعندما نقول هذا الكلام فنحن نتحدث عن زعامات وقيادات هذا الحزب ولن يستطيع أحد إحداث أي تغيير في سياسات الديمقراطي الكردستاني سوى قواعده الوطنية وشعب باشور لوضع حد لهذا التعاون الذي يستهدف الوجود الكردي.
(م)
ANHA