تركيا.. تصاعد موجة العنصرية ضد اللاجئين في عهد الحزب الحاكم

تشهد تركيا موجة عنصرية غير مسبوقة ضد الوافدين إليها، سواء كانوا سياحاً أو مقيمين أو لاجئين حيث تم تداول فيديوهات على صفحات التواصل الافتراضي لانتقادات وتهجم ضد سياح عرب في الأسواق والمحال التجارية ووسائل النقل العامة وصلت إلى حد الاعتداء بالعنف وسط دعوات لتوفير حماية لهم، ما يؤكد أن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم أسهم في تغذية هذه العنصرية وترعرعت وازدهرت في عهد الرئيس الحالي.

تركيا.. تصاعد موجة العنصرية ضد اللاجئين في عهد الحزب الحاكم
الجمعة 17 تشرين الثاني, 2023   09:30
بيروت
زياد أبو غزالة

شهدت الآونة الأخيرة تصاعداً في الانتهاكات العنصرية بحق اللاجئين السوريين بشكل خاص، والعرب والكرد بشكل عام، في تركيا، نتيجة حملات التحريض المستمرة على وسائل الإعلام، ومواقع التواصل الافتراضي، والخطاب العنصري الذي يمارسه الحزب الحاكم في تركيا والمعارضة على حد سواء، تجاه اللاجئين السوريين، الأمر الذي انعكس سلوكاً لدى بعض الأتراك الذين ارتكبوا جرائم تحمل الطابع العنصري تجاه السوريين، وبات لا يمر يوم من دون أن ينتشر خبر عن اعتداء على سوريين أو على منازلهم ومحالهم.

ويأتي ذلك على الرغم من أن المادة العاشرة من الدستور التركي تنص على أن الجميع سواسية أمام القانون، من دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس، أو الفكر أو المعتقد أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة.

والمادة “216” من قانون العقوبات التركي تنص على أنه يُعاقب بالسجن من سنة إلى 3 سنوات من حرّض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة على الكراهية والعداوة ضد شريحة أخرى من السكان، ما يتسبب بوجود خطر واضح ووشيك على السلامة العامة.

ترسخت قناعة لدى قطاع كبير من السوريين في تركيا أن تراخي السلطات التركية في تنفيذ القانون ومواد الدستور التي تجرم العنصرية ومرتكبيها أدى لتزايد الجرائم تجاه اللاجئين على وجه عام والسوريين بوجه خاص.

ويؤكد أحد اللاجئين الفلسطينيين في تركيا (طلب عدم الكشف عن اسمه) أن "العنصرية مرض فظيع. إنه طريق مرعب يبدأ بالاحتقار والازدراء وإسكات الآخر وعدم الاستماع إليه، ويمتد إلى حرق الناس والقضاء عليهم والحروب والدمار". ويُرجع أسباب تزايد العنصرية في تركيا إلى غياب الديمقراطية. إذ يقول: "الديمقراطية تمكننا من فهم بعضنا بعضاً، والنظر إلى العالم بعيون مختلفة. وإذا لم يحدث هذا فسيكون الآخر عدواً محتملاً ويجب إسكاته وتجاهله واحتقاره وتدميره. العنصرية في مجتمعات مثل تركيا حيث لا توجد ديمقراطية، هي البنزين الذي سيتم تأجيجه. وبين عشية وضحاها سيتحول (الآخر) إلى نار كبيرة بشرارة صغيرة. إن أعظم احتياط ضد الحرائق هو الديمقراطية والعدالة".

 بينما يرى صحافي سوري لجأ إلى تركيا في العام 2013 أن العنصرية ليست شيئاً جديداً في تركيا. إذ يقول لوكالتنا: "منذ سنوات، شهدنا أنواعاً عديدة من الممارسات العنصرية، خاصة ضد العلويين والكرد. فقد شهدنا إجبار العلويين على الهجرة من مناطقهم، وفصل الكرد من وظائفهم لمجرد أنهم كرد. لكن لم يكن مستوى العنصرية آنذاك مثل التي ظهرت على شكل العداء تجاه اللاجئين والمهاجرين في السنوات الأخيرة بتركيا. المهاجرون واللاجئون الآن مسؤولون عن كل شيء تقريباً في تركيا: المشاكل الاقتصادية، المشاكل الاجتماعية، الأزمات السياسية وحتى مشاكل المرور، وللأسف، صارت للعنصرية قاعدة جماهيرية واسعة".

وفي الأيام الأخيرة، سيطرت حادثة الاعتداء على السائح الكويتي محمد راشد العجمي في مدينة طرابزون بمنطقة البحر الأسود في شمال تركيا على مواقع التواصل الافتراضي في تركيا والعالم العربي، وأخذت حيزاً واضحاً من الاهتمام السياسي بين الكويت وتركيا، بعد أن جرى التعامل معها على أنها دليل جديد على العنصرية تجاه العرب في تركيا.

وسبق هذه الحادثة مقتل مواطن مغربي في إسطنبول بسبب خلاف مع سائق سيارة أجرة، ما أدى إلى إطلاق حملات في المغرب ودول خليجية تدعو لمقاطعة السياحة إلى تركيا.

وقبلها أيضاً تعرض طفلان يمنيان للضرب المبرح على أيدي أتراك في أحد المجمعات السكنية بسبب شجار مع طفل تركي، كما وقعت مشادات بين سياح خليجيين وعمال أتراك، وصلت إلى حد الاعتداء بالضرب في أحد المراكز التجارية في إسطنبول.

وخلال الأسبوع الأخير وحده، تعرض مصريون للاعتداء في أحد المطاعم في منطقة تقسيم في إسطنبول بسبب اعتراضهم على أسعار الطعام، وقُتل 3 سوريين في مشاجرات في قونيا وإزمير.

ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً في ظل هذه الموجة غير المسبوقة من التحريض على الكراهية: هل يغذي حزب "العدالة والتنمية" الحاكم العنصرية هذه المرة ضد العرب لجانب تلك ضد الكرد، وأنها تضطر لغض الطرف عن تلك الحوادث لترفع عن كاهلها ضغوط المعارضة وقطاع عريض من الشعب التركي؟ خاصة أن الحملات ضد الأجانب تفاقمت خلال موسم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في مايو/أيار الماضي، مع استغلال المعارضة ملف اللاجئين السوريين والعرب الحاصلين على الجنسية التركية ورقة ضغط ضد الحكومة.

(ي ح)

ANHA