إيران وتركيا.. توافقات تهددها تناقضات ذات طابع أيديولوجي
اعتبر باحثان أن هناك خلاف بين إيران وتركيا بشأن فرض السيطرة والهيمنة على المنطقة، وأشار إلى أنه وعلى الرغم من بعض التوافق بينهما حول عدة ملفات، فإن هناك خلافات حول ملفات أخرى، منها ذات طابع أيديولوجي.
أجرى الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في 24 الشهر الجاري أول زيارة له إلى تركيا، بعد تأجيلها مرتين، حيث يجد البلدان صعوبة في موائمة مصالحهما في الكثير من الدول التي يتدخّل فيه الطرفان، في لحظة اضطراب كبير غير مسبوقة يشهده الشرق الوسط برمته.
وفي هذا السياق، اعتبر الباحث المتخصص في الشأن التركي كرم سعيد، أن زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لتركيا: "تأتي ضمن سياقات مغايرة، مرتبطة بالتوافق الإيراني التركي فيما يتعلق بإدارة الحرب في غزة، وكذلك في سياق حرص البلدين على تعزيز التعاون المشترك في الكثير من القضايا، على رأسها مشاريع الطاقة".
وأوضح الباحث أن تركيا: "تمثل رئة اقتصادية لإيران، في ظل استمرار العقوبات على الأخيرة، كما أن تركيا باتت في حاجة لتعزيز العلاقة في مشاريع الطاقة والغاز مع إيران، وخاصة بعد العقوبات الغربية على موسكو ومحاولة القوى الغربية استهداف قطاع الطاقة الروسي"، وأشار إلى أنه بات من المعلوم أن "تركيا تهتم بصورة رئيسة في تلبية احتياجاتها من موارد الطاقة من روسيا ثم من إيران".
وأضاف كرم سعيد: "تأتي هذه الزيارة في سياق محاولة تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، ومحاولات إيران لترطيب علاقتها الاقليمية بعد التوافق مع السعودية ومحاولة تهدئة التوترات مع دول الخليج".
كرم سعيد قال: "هناك قضايا خلافية تمثل تحديات رئيسة أمام دفع العلاقات التركية الإيرانية قدماً إلى الأمام، وعلى رأس هذه التحديات الخلاف التركي الإيراني فيما يتعلق بالمشهد السوري وانحياز البلدين إلى أطراف مختلفة في الأزمة السورية، ناهيك عن خلافات لا تقل خطورة وسط آسيا".
وأشار سعيد إلى أن: "هناك خلاف حول السيادة على المنطقة، فالبلدان يسعيان إلى فرض سيطرته على المنطقة وتولي زعامته، أيضاً هناك تحدّ رئيس في العراق، وهناك انتقادات مستمرة من التيارات السياسية الموالية لإيران للتدخلات التركية شمال العراق، فهذه تحديات رئيسة تفرض نفسها وتحمل انعكاسات سلبية على العلاقات التركية الإيرانية".
واستبعد الكاتب أن تكون هناك خلافات بين تركيا وإيران بخصوص استهداف الكرد في سوريا والعراق، فالملف الكردي، حسب الباحث، يمثّل أولوية لدى البلدين ولكن لتركيا أكثر، كما أن هناك خلافات عميقة بخصوص تسوية الأزمة بسوريا، أوضح أن تركيا: "لديها قناعة بضرورة مشاركة الأطراف المحلية الموالية لها في أي استحقاق سياسي مقبل، أما إيران فلديها حرص على الإبقاء على الأسد، باعتبار أنه يضمن مصالحها".
واعتبر الباحث في الشأن التركي أن جزءاً أساسياً من التحركات التركية في شمال وشرق سوريا وفي جنوب كردستان "مرتبط بمواجهة الكرد".
أما بخصوص التحركات الإيرانية في شمال غرب سوريا، أشار الباحث إلى أنها مرتبطة بحرص إيران على إدارة التوازنات الاستراتيجية في الداخل السوري: "صحيح أن هناك توافق روسي إيراني على دعم بشار الأسد، ولكن هناك خلافات بينهما، حيث يسعى البلدان، كل على حدة، لتأمين نفوذهما على حساب الطرف الآخر في سوريا".
الباحث في الشأن الإيراني التركي، هاني سليمان بدروه اعتبر أن زيارة رئيسي لتركيا: "تأتي في ظل متغيرات دولية كبيرة تؤثر على الدولتين، ووجود أفق لبعض الملفات التي تحظى بتقارب نوعي ومشترك ومنها مسألة الحرب في غزة والتنسيق الدبلوماسي المشترك بين هذا الملف والموقف المتشابه للبلدين من دعم حركة حماس".
ورأى أنه: "يمكن وصف العلاقات الإيرانية التركية بأنها قوية اقتصادياً وتحظى بعدم الاستقرار السياسي والتوتر، على أن هناك عدة ملفات مختلفة محل توتر بين الطرفين، منها الملف الكردي وموقف البلدين المختلف من ما يحصل بين أرمينيا وأذربيجان، وكذلك الاتهامات الإيرانية لتركيا بأن تدعم الأقلية الأذرية في إيران بما يشكل تهديداً على إيران، وهو ما تعتبره إيران تهديداً لأمنها القومي".
والملف الآخر، حسب سليمان والمتمثل في الخلافات الكلاسيكية في الداخل السوري حيث: "يدعم الطرف التركي المجموعات المسلحة ذات الميول الإسلامية، أما إيران تدعم النظام السوري هو وروسيا، وبالتالي جملة من الخلافات الدبلوماسية والسياسية والتعارض في المصالح".
وأشار الباحث في الشأن الإيراني والتركي هاني سليمان إلى أن الخلافات بين البلدين في سوريا والعراق "نابعة من أن إيران دولة أيديولوجية، وتركيا لديها محاولات حثيثة لإعادة إحياء أمجاد الإمبراطورية العثمانية، ولا تخلو من بعد أيديولوجي".
(ي ح)